كتب أحمد طاش غيتيران: في 21 مارس 2013 صدر وعد باسم "أوجلان"، وكان ذلك الوعد واضحاً وصريحاً جداً.
سوف يتم إلقاء
السلاح، وسيخرج المسلحون خارج البلد، وسيستمر النضال الكردي تحت السقف الديمقراطي فقط.
كانت رسالة "أوجلان" في تلك الفترة مليئة بالمعاني، ولم يكن في خطابه في ذلك الحين أي إشارة أو تلميح بأن حديثه عن إلقاء السلاح كان مجرد مراوغة، بل كان جدياً في طرحه، وبناءً عليه تم التعامل مع هذا التصريح بكل جدية، ومن ثم صرحت الحكومة للشعب بأن البلاد تشهد تطوراً حقيقياً في هذا الموضوع.
في يوم النيروز عام 2013 شهدنا أحداثاً تخالف ذلك الوعد؛ إذ إن جبل قنديل لم يلتزم بما قاله "أوجلان"، وبسبب الذي حدث حينها لم تقدم الحكومة على خطوة جديدة بعد أن تم الإخلاف بالوعد وكسر هيبة قيادة "أوجلان" أمام المجتمع والحكومة.
28 شباط 2015
السيد "يالتشين آق دوغان" ممثلاً عن الحكومة، وعن الطرف المقابل السيد "سري أوندر" والسيد "برفين بولدان" ممثليْن عن "حزب الشعوب الديمقراطي"، يلتقون مجدداً، ويخرجون أمام كاميرات الإعلام ليشددوا على الوعد الذي قطعه "أوجلان" بإلقاء السلاح واللجوء إلى الديمقراطية.
وهنا نغض النظر عن الذين يشككون في نوايا الحكومة بعدم الاستجابة لمطالب
الأكراد التي تقدموا بها. تقدم "أوجلان" للحكومة بمطالب من 10 مواد مختلفة، إلا أن الواضح ومن البداية أن هذه المطالب لم تكن إلزامية للحكومة لاستكمال عملية السلام. هل من الممكن أصلا أن يفرض المفاوضون شروطهم على الحكومة واعتبارها غير قابلة للنقاش؟ حتى في عهد الحزب الواحد في
تركيا، هل تم مثل هذا الأمر؟
بطبيعة الحال، فإن أي اقتراح يخص تركيا بصورة عامة، أو يخص منطقة الشرق والجنوب الشرقي، هو اقتراح قابل للنقاش حتى الوصول إلى نتيجة ترضي الطرفين.
في الوضع الحالي، ماذا سيُفعل بالسلاح والتنظيمات المسلحة؟
مع الأسف لا توجد أي شرعية أو مبرر لوجود هذه التنظيمات المسلحة التي مارست عملها على مدى عشرات السنوات وذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الضحايا. وعندما أتكلم عن أمر غير شرعي فإني أقصد بطبيعة الحال أمراً غير طبيعي، ربما يراه التنظيم الذي أسسه أنه مشروع للدفاع عن حقوقه، لكن التنظيم نفسه لا ينكر أن وجوده أمر غير طبيعي.
عندما نتكلم عن دولة ذات سيادة، فليس من الطبيعي الحديث عن تنظيم مسلح داخل هذه الدولة. وإن كان هذا التنظيم يرى نفسه صاحب شرعية، فلا بد أنه يرى أن الدولة لا شرعية، وأنه لا سيادة لها. وهذه كانت نقطة جدل وصراع بين التنظيم والدولة لسنوات عديدة.
النقطة التي وصلنا إليها، هي اعتراف علني وترجمة حقيقية للتصريحات بشرعية الدولة وسيادتها، وأن أي وجود لسلاح بيد التنظيم هو أمر غير مقبول، وأن المطالبة بالحقوق تتم عبر الوسائل المشروعة بما تنصه القوانين والدساتير، وبالتالي عدم اللجوء إلى السلاح بأي شكل من الأشكال.
وصل "أوجلان" إلى هذه النقطة منذ سنتين، وصرح عنها بشكل واضح.
إلا أن "أوجلان" في سجنه فعلياً، والمشكلة التي نعيشها هي عدم التزام قنديل بما عزم عليه "أوجلان"، في حين أن الذراع السياسية لهذا التنظيم تحاول أن تجد توافقاً بين هذين الطرفين.
الاختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي، لكن تصرف قنديل المعترض على قرار قيادته المتمثلة بـ"أوجلان" يجب ألاّ يكون. وهناك أمثلة على استمرار قنديل بنشاطه المخالف للقيادة، كما حصل في عيد "النيروز" عام 2013. والمشكلة أن "أوجلان" ظهر وكأنه لم ير شيئاً!
كاريزما القيادة الموجودة عند "أوجلان" هي أمر نفسي فقط. ربما يظن قنديل أن "أوجلان" يريد أن يظهر مسالماً في الوقت الذي يراه فيه معتقلاً، وهذا ما يسمح له بالتحدث فيه، ولذلك فإنه لا يخضع لقرارات القيادة.
في اليوم الذي صدرت فيه وعود إلقاء السلاح، رأينا ردة فعل غريبة عند "صلاح الدين
ديميرطاش"، فبدأنا نتساءل حينها عن الدور الذي يريد أن يلعبه "ديميرطاش". لقد كان تصرفاً مخالفاً لما أراده "أوجلان". كانت إرادة "أوجلان" ترك السلاح، والتوجه إلى الحلول السلمية؛ لاستكمال عملية السلام وبكل وضوح.
في حال استمر "أوجلان" بالسكوت عن تصرفات قنديل و"حزب الشعوب الديمقراطي" المخالفة لقراراته، فإن لهذا دلالة واضحة بأن "أوجلان" بدأ يستبعد خارج الحزب، وبالتالي فإن التفاوض مع "أوجلان" لن يعود له أي معنى خاص.
فلننتظر ونر كيف سيكون امتحان "أوجلان"!
(عن صحيفة "ستار" التركية – ترجمة وتحرير: عربي21)