كيف نلاحق الجهاديين البريطانيين ونعثر عليهم؟ سؤال طرحه موقع "بي بي سي" الإنجليزي، حيث يقول محرر الشؤون المحلية دومنيك كاسياني: "عندما وصل افتكار جامان من بورتسموث إلى سوريا عام 2013، وبدأ بوضع صور تظهر حياته الجهادية، نظر إليه البعض على أنه حالة استثنائية، فقد كان عمره 23 عاما، ووصل إلى ساحة صراع، واعتقد أن من واجبه المشاركة فيها؛ لأنه شاهد المسلمين يقتلون هناك. وبعد عامين قتل افتكار جامان في الحرب السورية، ولكن الأجهزة السياسية والأمنية اكتشفت أنه لم يكن في الحقيقة حالة استثنائية".
ويبين الكاتب أن شبكة "بي بي سي"، تقوم منذ أشهر بمحاولة لرسم خريطة حول حجم الجهاد في سوريا والعراق. وتوصلت إلى سلسلة من القصص واللقطات، التي تظهر ارتباط كل قصة بالأخرى، وتكشف عن أماكن ولادة الجهاديين، ومن أين جاءوا، وما هي دوافعهم، وماذا حدث لهم.
ويشير التقرير إلى أن محاولة "بي بي سي" كشفت عن 36 قصة جهادي قتلوا في الحرب السورية، فيما أصدرت محاكم بريطانية أحكاما بالسجن لمدد مختلفة على 13 شخصا. وهناك العديد من الشبان والشابات لا يزالون أحياء وناشطين في العراق وسوريا.
ويذكر الكاتب أن المتطوعين البريطانيين يعدون جزءا من الآلاف الذين سافروا من دول أوروبية للقتال مع جماعات جهادية مختلفة، وتتنافس فيما بينها. ويقدر المسؤولون الأمنيون عدد المتطوعين من
بريطانيا بحوالي 600 شخص، وأن نصفهم عاد إلى بريطانيا، وبقي آخرون، وقتل عدد منهم.
ويفيد التقرير بأن قسوة ووحشية
تنظيم الدولة لم تمنعا الشبان تحديدا من بريطانيا وأوروبا، والشابات أيضا، من السفر إلى سوريا، ففي كل يوم تنشر الصحف وأجهزة التلفزة قصصا عن شخص أو أشخاص عبروا الحدود التركية إلى سوريا.
ويلفت كاسياني إلى أن فريق البحث درس المئات من قصص البريطانيين، الذين قيل إنهم ذهبوا إلى سوريا والعراق. وركز الباحثون على قصص من ذهبوا للمشاركة في القتال تحديدا، واستبعدوا من سافروا لتقديم المساعدة الإنسانية. واستبعد الباحثون أيضا قصص أفراد يقاتلون أو يدعمون تنظيم الدولة، حيث لم يستطع الباحثون التأكد من صحة المعلومات المتوفرة عنهم.
ويوضح التقرير أن الدراسة ركزت على المقاتلين الجهاديين، واستبعدت من يقاتلون ضد تنظيم الدولة. وتم التأكد من صحة كل قصة، من خلال المعلومات المتوفرة في المحاكم أو مصادر حكومية وأمنية. وحصل الباحثون على معلومات من عائلات الجهاديين، ومعلومات من مصادر موثوقة. وشملت الدراسة من حوكموا وصدرت عليهم أحكام بتهم لها علاقة بالنزاع في سوريا والعراق، وليس فقط من سافروا إلى هناك وعادوا.
ويكشف الكاتب عن أنه بعد هذا كله وجد الباحثون في "بي بي سي" عن دوافع وأسباب سفر البريطانيين والبريطانيات إلى سوريا، أن من ذهبوا إلى هناك سافروا مجموعات. فمثلا عندما سافر جامان من بورتسموث، كان الأول الذي يسافر ثم تبعه أصدقاؤه. وكان مهدي حسن واحدا من ثلاثة قتلوا أيضا مثل جامان، ومنهم مشدور تشاودري، الذي كان أول شخص يصدر عليه حكم له علاقة بالحرب السورية.
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من أن المجموعات التي ذهبت اعتمدت على الصداقة والمنطقة الجغرافية، إلا أن هناك علاقات نشأت بين متطوعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقد أدى جامان دورا مهما في حركة مجموعات أخرى من كارديف ومانشستر. فالصداقات على الإنترنت أدت دورا مهما في قرار 11 فتاة وامرأة للسفر إلى تلك المنطقة، كان بينهن أربع فتيات من شرق لندن.
ويورد كاسياني أنه في العام الماضي ساد اعتقاد بين مسؤولي الوكالات الاستخباراتية بأن عدد المتطوعين سيتراجع؛ لأن من يفكر في السفر شاهد وحشية وقسوة تنظيم الدولة، ما يعني أنه لن يذهب هناك إلا
الجهاديون المصممون والمتعاطفون مع التنظيم.
ويظهر التقرير أن الوكالات الأمنية في الغرب، وكذلك في تركيا، تتعرض لضغوط لتقوم بعمل ما يكفي، وتوقف تدفق المتطوعين إلى سوريا. ولكن هناك اعترافا بين مسؤولي الأمن بأن تنظيم الدولة بارع في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتأثير على الشبان والشابات.
وتختم "بي بي سي" تقريرها بالإشارة إلى أن عددا من التقارير الصحافية ترجح ازدياد عدد المتطوعين، ويعلق كاسياني بأنه "من الباكر لأوانه التأكد من هذا الأمر، والقصة الحقيقية ستظهر عندما يتحدث الإعلام عن قصة جديدة".