مجموعة الشاعر والروائي الأردني
أيمن العتوم "
الزنابق" تشكل تكثيفاً لمشاعر حب يفيض بالأحزان، واقتصاراً على هذا الحب الحزين كموضوع.
وحتى حين يحاول الشاعر أن يتفلت من ربقة الحزن المسيطر ويخرج إلى أجواء أكثر انطلاقاً، لا يأتي كلامه خالياً من الأسى والأحزان وظلالها، ولا ينجح كما يبدو في أن يرسم لنا بهجة الحياة، لشد ما يذكرنا هذا الجو باسم مجموعة الشاعر الراحل محمد الماغوط "الفرح ليس مهنتي".
وفي الأبيات التي اختيرت على غلاف المجموعة بعض ما يشير إلى شيء من ذلك. يقول الدكتور أيمن العتوم:
"يا حلوتي غلب الهوى فأطعته .. وتركت أمري للهوى الغلاب
فإذا وجدت الشوق فاض فرددي .. أبيات
شعري وانفحي أطيابي
تجدي دمائي بينها نزافة .. ريانة بجمالك الخلاب".
جاء الكتاب في 119 صفحة متوسطة القطع واشتمل على 25 قصيدة، وقد صدرت المجموعة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان.
وأيمن العتوم ولد في جرش في الأردن سنة 1972 وتلقى تعليمه في إمارة عجمان في دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم درس علومه الجامعية في الأردن وحصل من الجامعة الأردنية على دكتوراة في اللغة العربية.
له عدد من المجموعات الشعرية والمسرحيات والروايات، واشتهر بروايته "يا صاحبي السجن" التي صدرت عام 2012 وتعبر عن تجربة شخصية للكاتب في السجون الأردنية كمعتقل سياسي.
الإهداء الذي كتبه الشاعر يذكرنا بمسرحية "في انتظار جودو" الذي يأتي ولا يأتي للكاتب الإيرلندي سامويل بيكيت من حيث عبثية الانتظار، يقول "إلى ميسون التي لا تأتي .. محال أن تنطق الأمكنة ويعود الزمن. ليس في الفجيعة ما هو أمر من الهجر، وليس أقسى من الفراق .. آه ليتك تدركين كم هو صعب أن يعيش الإنسان وحيداً".
وميسون هو اسم يتردد ياستمرار في قصائد الشاعر، ويبدو لنا مرادفاً للرحيل والبعد وحياة الوحدة وانتظار ما لا يأتي.
يكتب الشاعر قصائده متنقلاً بين نمطين: نمط الكتابة الشعرية التقليدية العمودية والنمط الآخر هو المتعدد الأوزان والقوافي، وهو في قصائد النمطين لا يعرف البرود والاستكانة، ويبقى دائم التوتر والألم والحنين.
القصيدة الأولى (حبيبتي .. كيف أنسى؟!) يختمها الشاعر بالقول:
"في البال.. في البال والأفكار تنبشني.. ولست آمن أفكاري ولا أثق
فإن أكن ذبت حباً فيك يا قدري.. فليس للقلب إلا الوهم والرهق
متى أبعثر يا ميسون أمتعتي.. وأستريح فقد ملتني الطرق؟!"
وفي قصيدة (تائه مثل جراحي) يقول الشاعر:
"آه يا ميسون وحدي.. عبر أوهام وأحلام ثقال
من ترى علمني فيك الهوى..
ومن الساحر والمسحور والشاعر
يا أحلى كلام قيل، أو أحلى كلام سيقال".
وفي قصيدة (زهرة في رياض المحبة) يقول:
"كأنا، وهذا المساء حزين .. يتامى
وحيدة حزن أفتش عن جرح قلبي
الذي قد تركت نداه يسيل هنا، منذ عشرين عاماً وعاماً..
وحيدة بؤس الملم بعض الذي يتبقى،
من الحب في آخر العمر، بين قلوب الندامى
أسائل نفسي: إلى أي أرض تسير، وفي أي أرض تموت،
وعن أي شيء نزفت الكلاما؟"
وفي قصيدة (باكية على القبر) التي أهداها الشاعر إلى روحه المتعبة يقول:
"ستمرين على قبري، بعد السنة العشرين،
تبكين هوى ما زال يلهو في الجنان..
آه يا ميسون لا تبكي، خذي ضمة ورد، ثم ذريها على الشاهد
.. وامضي في أمان".
وفي قصيدة (من أسفار العزة .. لعيون الحبيبة) يقول أيمن العتوم:
"إذاً قسماً إذاً قسماً..
ولا بشر يبر بما يقول سواي، لا بعدي ولا قبلي..
وميسون التي تبكي إذا أبكي..
وميسون التي حفرت أصابعها على قلبي
وميسون التي مدت إلي يدي
وغنتني أغاني الشوق والحب
وميسون التي تبدو كأحلامي
تسرب من خلايا الروح
تشرق من ثنايا المتعب الواني".
وفي قصيدة (سلام عليها) يقول الشاعر:
"لميسون في القلب طعم الخدر، لميسون ما قتل العاشقين..
وما ضلل الأنبياء، وما سحر الأتقياء، وما كان أمس..
وما سيكون.. وما ينتظر
لميسون كل ما خفي السر فيه، وما قد ظهر..
لميسون، أرفع كفين عند الصباح، وكفين عند المساء،
فينهمر الشعر، مثل المطر".