المؤكد أن القرار المبدئى بإنشاء قوة عسكرية مشتركة كان أحد اهم قرارات القمة العربية رقم 26، التي انعقدت فى شرم الشيخ يومى السبت والأحد الماضيين.
وزراء الخارجية العرب اقروا الفكرة مبدئيا يوم الخميس الماضي بعد جلسة ماراثونية صعبة، وأحالوها للقمة..
ومن الواضح ان المقترح المصرى واجه صعوبات كثيرة من بلدان مختلفة، بعضها يخشى ان يفقد دورا وبعضها يخشى ان ينكشف دوره المؤيد لإيران علنا، وبعضها يخشى ان تطاله هذه القوة لأنه يؤيد عمليا الإرهابيين حينا والمتطرفين احيانا.
والاكثر وضوحا ان الخائفين من هذه القوة سيواصلون فى الفترة المقبلة وضع اكبر قدر من العراقيل فى طريقها.
الملفت للنظر ان الفقرة الخاصة بهذه القوة فى البيان الختامى للقمة كانت غامضة جدا.
يقول النص وهو يتحدث فى سياق حماية الأمن القومى العربى:
«ونؤكد فى هذا السياق على احتفاظنا بكافة الخيارات المتاحة، بما فى ذلك اتخاذ اللازم نحو تنسيق الجهود والخطط لإنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات الماثلة امامنا، ولصيانة الأمن القومى العربي، والدفاع عن امننا ومستقبلنا المشترك، وطموحات شعوبنا وفقا لميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربى المشترك والشرعية الدولية، وهو ما يتطلب التشاور بيننا من خلال آليات الجامعة تنفيذا للقرار الصادر عن هذه القمة».
مبعث الغموض ان الصياغة توحى بأن القوة مجرد فكرة او نية وليس حتى مشروع قرار، فى حين ان غالبية المتابعين فهموا من كلمة الرئيس السيسى فى الجلسة الختامية ان القوة صارت حقيقة واقعة وان القمة اقرتها.
كل ما نأمله فى الفترة المقبلة ان ننشغل بكل
التفاصيل الخاصة بالقوة حتى لا نتفاجأ بأن
الشيطان قد تسلل عبر هذه النفاصيل ليفسد الفكرة لا قدر الله.
نحتاج ان نكون فى غاية الدقة والوضوح والتحديد. نحتاج ان نعرف قبل ان تتحول القوة إلى واقع كيفية تشكيلها وكيف ستتدخل فى المشكلات والأزمات وكيفية اتخاذ القرار فيها وتمويلها.
حضرت المؤتمر الصحفى للأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربى ووزير الخارجية سامح شكرى، ظهر الأحد الماضي، فى شرم الشيخ وما فهمته ان القوة قد تتحول إلى امر واقع خلال اربعة شهور وان رؤساء الأركان العرب سيجتمعون خلال شهر لبدء منافشة التفاصيل.
من الآن وحتى تتشكل القوة علينا ألا نغضب من أى انتقادات موضوعية من اجل تفعيل هذه القوة والمطالبة بأن تكون الأمور واضحة حتى لا نحبط الشعوب العربية التى تعلق آمالا كبيرة عليها.
علينا ايضا الا نتفاجأ حينما نجد نقدا هداما يحاول احباط تشكيل هذه القوة بكل الطرق.
من المؤكد ان كل انصار ايران فى المنطقة سيحاولون تشويه وهدم هذه القوة قبل ان تبدأ.
لن تكون اسرائيل سعيدة ايضا بالقوة حتى بعد ان قال نبيل العربى بوضوح انها لن تستخدم ضدها، لأن ذلك يعنى اعلان حالة الحرب، وهو قرار لابد ان يتم اتخاذه فى ظروف مختلفة تماما عن تلك التى نعيشها. اسرائيل لن تكون مسرورة وهى ترى العرب ــ رغم كل ضعفهم ــ يتخذون قرارا بتشكيل قوة عسكرية مستقلة حتى لو كانت موجهة ضد الإرهابيين وردع ايران فقط.
الانضمام للقوة سيكون طوعيا والمتوقع ان بعض الدول خصوصا القريبة من النفوذ الإيرانى لن تنضم او ستوقع على الورق فقط. وبالتالى ستضم القوة فى الأساس مصر ودول الخليج والأردن والسودان وليبيا والمغرب.
نتمنى ان نرى هذه القوة مفعلة على ارض الواقع لردع كل اعداء الأمة وفى مقدمتهم بطبيعة الحال العدو الصهيونى.
(نقلا عن صحيفة الشروق المصرية)