في بداية الأسبوع وما أن فرغ خادم نتن ياهو من قراءة كلمة تدرب عليها كثيراً، تحدث فيها عما أسماه بالحل السياسي في سوريا وبعد أن "شخط" فيه وزير الخارجية السعودي على الهواء، ليضعه في حجمه حين حاول قراءة خطاب مفلس روسيا بوتين، كان ثوار سوريا يحطمون تمثال المقبور حافظ
الأسد ويحرقون علم الشبيحة بعد أن ولت فلول عصابات بشار هاربة تحت نيرانهم.
تحرير إدلب كان خبراً أسعد الملايين، ليس فقط لأهمية المدينة وقربها النسبي من دمشق، ولكن لأن الإرهابي المجرم بشار الأسد هو بلا مبالغة عامود الخيمة للأنظمة العربية العميلة، ومُلهم الطغاة، وقدوة العملاء، فلولا المجازر التي ارتكبها ذلك السفاح في حق الشعب السوري المسلم، لما سولت لشاويش عصابة العسكر في مصر نفسه بالقيام بانقلابه وكل ما تلاه من مجازر ارتكبها.
كان استلهام تجربة الشبيح بشار ذا فائدة مزدوجة لشاويش عصابة الانقلاب في مصر، فمن ناحية أثبتت تجربة بشار في سوريا في السنوات الثلاث الأولى من عمر الثورة قدرة أي مهرج عديم الرؤية على البقاء في الحكم، رغماً عن إرادة الشعب إذا امتلك القوة المسلحة، وامتلك الاتصالات الغرامية اللازمة بالكيان الصهيوني، ومن ناحية أخرى استغل أراجوز الانقلاب في مصر، الحالة التي وصلت إليها سوريا على يد ذلك الشبيح بشار في التهديد النفسي للمصريين، ودفعهم للإحجام عن الثورة بحجة عدم الوصول لوضع سوريا والعراق، ولكنه لم يكن يعلم عمق المستنقع الذي انغرست فيه قوائمه، فنجاح حالة التهديد النفسي والتلويح بما أصاب سوريا كان يتطلب الاستقرار أولاً، والاستقرار لا يتحقق بمجرد محاولات بيع أوهام العلاج بالكفتة وتسويق جيش المعونة الأمريكية، على أنه أقوى جيش في المنطقة وما إلى ذلك من التخاريف، التي اعتمد عليها والتي صدقها البعض لفترة.
بل إن المبالغة في تسويق الأكاذيب الدعائية للانقلاب فتحت باباً خلفياً لتحطيم أكاذيب العسكر عبر ستين عاماً، هي عمر دولتهم التي زرعها الاحتلال. كان مقتل الانقلاب هو حالة التضخيم الإعلامي التي حاول وضع الشعب بها، ولم تكن تخفى على العين الخبيرة محاولات إعلام الانقلاب المتعمدة لصناعة نجم على غرار المقبور عبد الناصر، وفي خضم هذه المحاولات سعى إعلام العسكر إلى تصوير ذلك الشاويش البائس مثلاً على أنه زعيم ونجم، بل وحاول تقديمه على أنه "وسيم"، وجاء ذلك بأثر عكسي، فانهالت عليه النكات وبدأت القطاعات المنتمية للثورة في إعادة قراءة التاريخ، وتم وضع أكاذيب العسكر المتتالية تحت المجهر، وتعرضت المنظومة الإعلامية العسكرية لأول مرة في تاريخها القصير لقصف الاعلام الثوري، وهو ما تسبب في تسفيه الهالة التي حاولوا رسمها وساهم في نسف جو الاستقرار الوهمي الذي حاولوا تسويقه.
ثم جاء تحرير إدلب في مرحلة دقيقة، بعد أن تم فضح الاتفاقات الجنائية بين مجرمي عصابة الانقلاب، وكشف سوقيتهم وانحطاط مستواهم الفكري والتعليمي عبر التسريبات التي أذاعها إعلام الثورة، وبعد أن فضح جيش المعونة الأمريكية وشاهد الجميع الضابط الذي يفر في الدبابة تاركاً زملاءه، في مشهد ذكّر الكثيرين بمشهد هروب ضباط جيش عبد الناصر في هزيمة 67، وفي وقت انصرف فيه عنه المحور الإقليمي لانشغاله بما هو أهم، وانقطع فيه "الرز" وفشل مشروعه في تسويق (نكتة القوة العربية المشتركة)، بعد أن استبعدته السعودية من المشاورات التي سبقت عملية عاصفة الحزم، واستبعدت جيشه البائس المثير للشفقة وبدأت تدريباتها البرية مع قوات باكستانية.
تحرير إدلب جاء لينهي حالة التعثر التي مرت بها الثورة السورية، ولينسف الدعاية التي يبثها نظام الشبيح بشار، والتي تحاول تصوير الثورة على أنها أعمال إرهابية، وليبعث الرعب في عصابة العسكر ويدمر أعصابهم، فثوار سوريا حرروا إدلب من عصابات بشار الذي تقف خلفه روسيا وإيران، ولا تبدو أمريكا مصرة على إسقاطه، على الرغم من تصريحات أوباما العلنية. التغيير يأتي من الداخل وحين يسقط الشاويش لن ينقذ رقبته أولياء أمره من موظفي البنتاجون.