تقول مجلة "إيكونوميست" إن حبة "
الترامادول" أصبحت في
مصر من أكثر
العقارات المسكنة التي تنافس الهيروين أو الكانابيس، حيث يتناولها سائقو سيارات الأجرة للسهر طوال الليل، ويشتريها الأزواج لتعزيز قدراتهم الجنسية، ويقبلها المسؤولون الفاسدون رشوة، فيما تقدم في حفلات الزفاف هدية للعريس.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "عربي21"، إلى أن مادة "الترامادول" عادة ما توصف مسكنا للألم، لكنها معروفة بمزاياها التي تؤثر على العملية العقلية وتعزيز القدرات الجنسية للرجل.
وتبين المجلة أن "الترامادول" أصبح مطلوبا في بلد يعمل فيه الرجال في أكثر من وظيفة، من أجل تأمين متطلبات الحياة اليومية، وتعاني فيه النساء من مشاكل بلوغ الذروة في الجماع؛ بسبب تعرضهن للختان الفرعوني.
وينقل التقرير عن طه، الذي يعمل في بنك، وصفه لهذه المادة بأنها "تشعرك بالراحة والهدوء، ولن تهتم حتى لو كان هناك رجلان يتقاتلان حتى الموت بجانبك"، ويقول إنه يشتري الحبوب من صيدلية تغض الطرف وتبيعها له، مؤكدا أن الحبوب تساعده على أداء عمله.
وتذكر المجلة أن حبة "الترامادول" كانت حتى وقت قريب تباع بجنبه أو جنيهين مصريين. وتباع بسعر معقول في بلد لا يتجاوز الدخل السنوي فيه للفرد أربعة آلاف دولار.
وتنقل "إيكونوميست" عن هشام ممدوح، الذي يدير مركز إعادة تأهيل المدمنين على
المخدرات في القاهرة، قوله: "إن المجتمع لا يعد تناول الحبوب عيبا". ويضيف أن نسبة 40% ممن يرتادون مركزه يعانون من الإدمان على حبوب "الترامادول".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن من بين هؤلاء إبراهيم، وهو طالب عمره 17 عاما، وعندما كان طفلا كان يتناول نصف حبة، ويقول: "شعرت بحالة غير طبيعية من الإيجابية والفرح". ويضيف أنه بعد عشرة أعوام يتناول عشر حبات مرة واحدة، لكنه لا يجد أثرا لها.
وتوضح المجلة أن من الأعراض التي تظهر على المدمنين أو من يتناولون العقار بشكل مفرط، الشعور بالدوران والارتعاش والصداع ومشاكل في النوم والغثيان والنوبات.
ويورد التقرير أن معدلات استخدام الترامادول زادت بعد ثورة عام 2011، التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك. وجزء من انتشار العقار جاء بسبب ضعف سيطرة الحكومة على قطاع الأدوية وغياب الرقابة. فقد تدفقت الأدوية من الهند والصين في حاويات لا تتعرض للتفتيش إلا نادرا.
وبحسب إيهاب الخراط، الذي يدير برنامج الحرية والمخدرات، و"إتش آي"، التي تشرف على برامج إعادة التأهيل، فإن هناك حاجة للتمويل من أجل الإنفاق على برامج إعادة التأهيل والتعليم المفقود في مصر اليوم.
وتلفت المجلة إلى أن مصر تعد نقطة عبور للأدوية إلى دول الجوار، وقد زادت معدلات التفتيش الجمركي في الآونة الأخيرة. وفي عام 2013 صادرت الحكومة 35 مليون حبة "ترامادول" تم تهريبها للبلاد. ومن الناحية النظرية فإن أصحاب الصيدليات الذين يقبض عليهم وهم يتاجرون بالحبوب سرا، يواجهون أحكاما بالسجن.
وتكشف المجلة عن أن سعر حبة "الترامادول" قد زاد في فترة من الفترات، حيث وصل ما بين 1-3 دولارات أمريكية. ويقول خراط: "منذ تلك الفترة شاهدنا زيادة في عدد الذين يطلبون العلاج من الإدمان عليها".
ويجد التقرير أن عملية محاربة الإدمان والتجارة بالعقار تظل غير قوية، حيث ترفض المحاكم قضايا متعلقة بها، بسبب عدم تعاون الشرطة، التي عادة ما يتعامل ضباطها مع تجار المخدرات أو يتعاطون العقار.
وتخلص "إيكونوميست" إلى أنه في حال نجاح الحكومة في تقييد استخدام "الترامادول"، فسيؤدي ذلك إلى عواقب غير متوقعة، مثل أن يتحول المدمنون عليه إلى المخدرات القوية. ويخشى الكثيرون من أن مشاكل مصر الناتجة عن المخدرات لم تبدأ بعد.