احتضنت ساقية الصاوي بوسط
القاهرة مساء يوم الثلاثاء فعاليات الدورة الثانية عشرة لمهرجان الأفلام الروائية القصيرة الذي تطلقه الساقية في الموعد نفسه من كل عام، لتشجيع صناعة السينما في
مصر وإتاحة الفرصة لعرض أعمالها على الجمهور.
وبحسب بيان تم توزيعه على هامش عروض ليلة افتتاح المهرجان، لفت محمد الصاوي، رئيس المهرجان، إلى أنه تقدم للمشاركة في فعاليات الدورة الوليدة من عمر المهرجان 97 فيلما روائيا قصيرا اختارت من بينها لجنة التحكيم 57 فيلما سيتم عرضها تباعا حتى آخر أيام المهرجان غدا الخميس.
ولفت رئيس المهرجان إلى أن اتساع مساحة الإنتاج السينمائي بظهور السينما المستقلة أدى إلى ارتفاع المستويات الإبداعية والتعبيرية والفكرية والتقنية لهذه الصناعة الثقافية الأعرق في المنطقة.
وأعرب عن أنه يعتمد عرض الأفلام الروائية في كبرى قاعات العرض على أساس قيمتها الفنية وليس على أساس مدتها الزمنية.
فيلم "مؤمن"
وحظي فيلم "مؤمن" لمخرجه كريم الهواري، بإعجاب الجمهور الحاضر لعروض ليلة الافتتاح بشدة، ودوّت القاعة بالتصفيق لدقائق متواصلة فور انتهاء عرضه الذي استمر لـ24 دقيقة.
وتتمحور أحداث الفيلم المستوحى عن قصص حقيقية، حول شخصية مؤمن ذلك الفتى الذي لا يحمل نصيبا من اسمه.
فمؤمن نشأ في بيئة متوسطة نظرا لأن والده ميسور الحال وكان مزواجا يتزوج من النساء ما لذ له وطاب، وحينما تعترض الزوجة يجيبها بأن هذا هو "شرع الله".
ثم توفّي جده عن أمه فطالبها الزوج بأن تحصل على نصيب يوازي نصيب شقيقها الذكر من ميراث الوالد المتوفى، وحينما أجابته بأن الشرع لم يحكم بذلك اعترض صارخا "ده ظلم".
فنشأ مؤمن وفي عقله تتصارع أفكار عن تلك الشريعة التي رأى أنها تنتقص من حقوق المرأة (أمه) لتعطيها للرجل، وعبثا خابت محاولات إحدى زميلاته بأن تشرح له حكمة الشريعة الإسلامية في تلك الأحكام.
وحاولت الزميلة إقناعه بأن الشرع كما منح للرجل حق الزواج بأخرى منح الزوجة حق قبول أو رفض الاستمرار على الوضع الجديد، كما أن مضاعفة نصيب الذكر في الميراث يرجع لكونه مسؤولا عن الإنفاق على المرأة بشكل تام سواء كانت ابنة أو زوجة أو أختا.
وبشكل متواز مع محاولات زميلة مؤمن كانت محاولات أخرى تدفعه للإلحاد كصفحات الملحدين المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن ثمة شعور بوخزة ضمير دفع مؤمن للتفكير في التوبة فالتقط سجادة الصلاة وشرع في التكبير لصلاة التوبة.
ولكنه مرة أخرى يقع فريسة لحلقات يقدمها أشخاص غير مختصين تسيء للدين الإسلامي وتعاليمه السمحة، ليستعرض الفيلم الصراع الذي يعيش فيه من يفكر في الإلحاد والأسباب التي تدفع لذلك في آن واحد.
أما نهاية الفيلم ونهاية قصة مؤمن فحسمها شيخ أزهري تمكن من الإجابة بشكل غير نمطي على السؤال الرئيس الذي يطرحه كل الملحدين عن ماهية الله.
فأجاب الشيخ الأزهري بسؤال مقابل لمؤمن الملحد: "هل صادفت مرة شخصا وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة؟"، فأجاب مؤمن: بالتأكيد.
ثم عاد الشيخ ليسأل: "هل رأيت الروح أثناء مغادرتها للجسم؟"، فأجاب مؤمن نافيا، ليستدرك الشيخ: "إذن الروح موجودة رغم أنك لم ولن تراها ولا تدرك ماهيتها". ثم طرح سؤاله الأخير: "كيف إذن تريد أن ترى خالق الروح التي عجزت عن رؤيتها وإدراك ماهيتها رغم أنك تؤمن يقينا بوجودها وبأنها أحد أسرار الحياة؟"، لتنهمر دموع مؤمن وتنهمر كلمات تتر نهاية الفيلم على شاشة العرض وتضج القاعة بالتصفيق الحاد.
فيلم "انتظر هناء"
ثاني الأفلام التي حظيت بتفاعل الجمهور ليلة الافتتاح "انتظر هناء" لمخرجه مصطفى محمود الذي لخّص في 19 دقيقة المأساة الإنسانية التي تعيشها أسر شهداء الجيش المصري الذين يرتقون في عمليات إرهابية تستهدفهم.
فهناء فتاة عشرينية أصيبت بمرض نفسي يؤدي لنوبات صرع بعد ارتقاء والدها الضابط بالجيش المصري جراء عملية إرهابية، إلا أن تبعات المرض النفسي لم تتوقف عند حدود الصرع وأصبح لدى هناء رغبة في الثأر لوالدها وفي أن تقتل بيدها لتشفي ثأرها.
فاقتنت مسدس والدها وصنعت دمية ترتدي ملابس ضباط الجيش المصري وكتبت عليها "بابا"، وكانت تشرح للدمية ليل نهار الأسباب التي تدفعها للتفكير في القتل وكيف أنها لا تقوى على مقاومة الفكرة لدرجة دفعت الطبيب النفسي المشرف على حالتها إلى نصيحة الأم بأن تستبدل الذخيرة الحية بمسدس والد هناء بطلقات مزيفة تحسبا لأي تصرف قد تقدم عليه هناء، وهو ما حدث بالفعل.
ومن هنا اكتسب الفيلم تسميته "انتظر هناء" في إشارة إلى أن ردة فعل ضحايا الإرهاب دائما ما تكون غير متوقعة وغير محسوبة أيضا.