سوريا قلعة الصمود والتصدي في وجه الغزاة والمحتلين للأراضي العربية وكذلك الدولة الممانعة باعتبار أنها تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المركزية منذ أكثر من أربعة عقود بالتناوب بين الأسد الأب والابن، في حين أنه واقعياً كانت تتخذ من القضية الفلسطينية ستاراً لتمرير مشاريعها الخاصة بعد محاولتها لفت أنظار المواطن العربي بأن
النظام السوري هو حامي قضايا العرب إلا إن جاءت محنة مخيم " اليرموك " لتثبت العكس وهو مخيم للاجئين الفلسطينيين يقع على أطراف العاصمة السورية "دمشق " أُنشئ أوائل الستينات من القرن الماضي على مساحة إجمالية تقدر بحوالي 250 كم مربع.
ومع بداية العمليات العسكرية التي نفّذها النظام السوري في قمع المحتجين المطالبين بإسقاط النظام، تحوّل
مخيم اليرموك إلى ملاذٍ آمن يقصده السوريون من مناطق مختلفة هرباً من بطش النظام وبراميله المتفجرة مثل نازحي الحجر الأسود وحي التضامن والعسالي نتيجة هدوء المخيم آنذاك من الناحية العسكرية!
وفي منتصف شهر كانون الأول من العام 2012 بدأت حملة عسكرية واسعة على المخيم من قبل النظام السوري بعد تقدم مقاتلي الجيش السوري الحر من الأحياء الجنوبيّة نحو مركز العاصمة، فقصف جامع عبد القادر الحسيني في المخيم والذي كان يؤوي الكثير من النازحين من الأحياء المجاورة بالتزامن مع سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، ثم اندلعت اشتباكات بين طرفي النزاع وهم مقاتلي النظام السوري المدعومة بميليشيات حزب الله اللبناني من جهة والجيش السوري الحر مع بعض العناصر الفلسطينية التي انشقّت عن اللجان الشعبية التابعة لأحمد جبريل من جهةٍ أخرى.
وتلا ذلك، تمركز لدبابات النظام السوري في مدخل المخيم مع بدأ موجة نزوح الأهالي بأعداد هائلة في الوقت الذي فرض فيه النظام السوري طوق حصار محكم على المخيم بالتزامن مع منع وصولات المساعدات إلى المخيم وكذلك المواصلات وسيارات الإسعاف وغيرها، مما نتج عن ذلك ظروف إنسانية غاية الصعوبة.
كما بلغ عدد شهداء الجوع والحصار في المخيم إلى أكثر من مائة وستون شهيداً، القسم الأكبر منهم من النساء والأطفال وكبار السن وعلى الرغم من انسحاب كافة الفصائل المقاتلة من المخيم إلّا إن النظام السوري لم يفك الحصار مدعياَ وجود مقاتلي المعارضة السورية داخل المخيم رغم نفي عدة مجالس ثورية لذلك".
واستمر الوضع الإنساني المتدهور رغم إطلاق الصيحات بوضع حد لتلك المعاناة، إلا أن النظام السوري كعادته لم يلبِّ لذلك مع الأخذ بعين الاعتبار الصيحات التي انطلقت من داخل فلسطين لإنقاذ أبناء جلدتهم بعد كشفهم لأكاذيب النظام السوري على مدار أربعة عقود كما كان يدعي إن القضية الفلسطينية هي المحور الأساس والصراع المبطن مع دولة إسرائيل.
كما طالبت معظم محطات البث الإذاعي في داخل الأراضي المحتلة وضع حدٍّ لمعاناة مخيم اليرموك، حتى طالب بعضهم بحملة جمع تبرعات مالية وعينية كنوع من التضامن مع أهالي المخيم تحت مسميات عدة "هنا مخيم اليرموك" و "أنقذوا مخيم اليرموك" إلا إن كل تلك المحاولات لم تضع حداَ لعناصر نظام السوري وشبيحته غير أن قوات النظام قامت بإطلاق النار على المحاصرين في المخيم بعد محاولتهم الخروج من المخيم، الأمر الذي دفعهم بالعودة إلى بيوتهم وبالتالي لا حياة لمن تنادي .
وفي المحصلة، نجد أن النظام السوري خلال تجارته بالقضية الفلسطينية على مر أربعة عقود وإنها في صراع مع إسرائيل وفي خط المواجهة ضد الإمبريالية والصهيونية العالمية وما إلى ذلك من شعارات فضفاضة كـ " قلعة الصمود " وغيرها، جلب تنظيم الدولة الإسلامية "داعش‘‘ إلى مخيم اليرموك، كنوع من ردِ الفعل نتيجة وقوف أهالي المخيم بجانب الثورة السورية، فهل يا ترى سوف يحرر الأسد فلسطين من داخل المخيم، والكلام الذي يطرح نفسه، تمهّل أيها الأسد، إن قواتك في مخيم اليرموك وليس الجولان !!