نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول أوضاع المواطنين
الشيعة في المملكة العربية
السعودية، ومواقفهم من الصراع السعودي
الإيراني غير المباشر في اليمن، مع استمرار عملية عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ضد
الحوثيين في اليمن.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21"، إنه بعد قصف السعودية للمليشيات الحوثية في اليمن، باعتبارها مجرد بيدق في يد إيران، أصبحت الأقلية الشيعية التي تبلغ 10 في المئة من مجموع السكان في السعودية، وتتواجد بشكل خاص في
القطيف شرق البلاد، محل متابعة دقيقة من قبل السلطات، خاصة أن هذه الطائفة انتفضت في سنة 2011 للمطالبة بوقف ما اعتبرته تهميشا متعمدا لها.
وأضافت الصحيفة أن المراقبة تزداد أكثر في المنطقة الشرقية بسبب وجود أهم المنشآت النفطية في البلاد، مثل حقل غوار الذي يؤمن حوالي نصف الإنتاج الوطني. ففي بداية شهر نيسان/ أبريل الماضي، دخلت العشرات من سيارات الشرطة إلى مركز القطيف بشكل استباقي، لردع السكان عن الاستجابة لدعوات التظاهر.
وذكرت الصحيفة أنها قابلت بعض المواطنين الشيعة في قاعة الاستقبال في محافظة القطيف، تحت أنظار السلطات المحلية وعدسة الكاميرا.
وتنقل الصحيفة عن الشيخ محمد الجيراني، رئيس المحكمة في مدينة، "أن كل أهل القطيف يساندون التدخل السعودي في اليمن، لأن الدفاع عن الوطن أمر مقدس".
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان هذا الكلام عن اقتناع أو خوف، أو بسبب حسابات ومصالح، حيث إن جميع المستجوبين أمام أنظار وعدسة وزارة الإعلام شددوا على ولائهم للقيادة السعودية، وانتقدوا التحركات الشعبية التي انطلقت على هامش الثورات العربية في سنة 2011، التي تلاشت خلال سنتين بسبب قمعها من جانب السلطات، إضافة إلى تفضيل بعض القيادات المحلية لخيار التهدئة.
وذكرت الصحيفة أنه على بعد كيلومترات في شمال مدينة القطيف، توجد قرية العوامية، التي سقط فيها أغلب ضحايا احتجاجات سنة 2011، وهي تمثل مسرحا للمواجهات المتكررة بين الشرطة ومجموعة من المتشددين الذين يجمعون بين النشاط السياسي والجريمة. ففي يوم 5 نيسان/ أبريل الماضي، تحولت عملية اقتحام تهدف لحجز أسلحة إلى حرب شوارع أدت لسقوط قتيلين، هما أحد أفراد الشرطة ومهاجر هندي.
ونقلت الصحيفة شهادات لمجموعة أخرى من المواطنين الشيعة الذين قدموا آراءهم بعيدا عن الأنظار، وبشرط عدم ذكر أسمائهم الحقيقية، حيث رأى أبو جعفر أن "القصف السعودي في اليمن لن يحقق شيئا باستثناء قتل المدنيين الأبرياء، وفي النهاية سيؤدي إلى توحيد كل اليمنيين ضد المملكة السعودية".
ونقلت أيضا عن أبي أحمد أن "المملكة لطالما تسببت بزعزعة الاستقرار في اليمن، لإبقاء هذا الجار تحت سيطرتها، لذلك لا يمكن أن يصدق أحد أن التدخل الحالي سيفيد اليمن".
وأكدت الصحيفة أن الغضب الشيعي في السعودية واضح جدا، لأنهم يقولون إنهم يعاملون مواطنين من الدرجة الثانية، في بلد اتخذ من الدفاع عن المذهب السني شعارا له، كما أنهم متخوفون من دفع ضريبة موجة المشاعر الوطنية التي تعرفها المملكة في الفترة الحالية ضد إيران والمليشيات الحوثية.
وأشارت إلى أن التصريحات الرسمية تشدد دائما على أن التدخل السعودي يهدف فقط إلى إعادة السلطة لحكومة الرئيس الشرعي، عبد ربه منصور هادي، الذي أطاح به الحوثيون الشيعة. كما أن السلطات تمنع أي ربط بين الحرب اليمنية والصراع الطويل بين السنة والشيعة.
ولاحظت الصحيفة أن هذه التعليمات لا يتم احترامها من قبل الجميع، ففي أوساط رجال الدين المنتمين للمذهب الوهابي، وهو التيار المسيطر في المملكة السعودية، يعبر الكثيرون عن فرحهم بما اعتبروه "إعلان المملكة الحرب على الرافضة"، وهو أحد الأسماء التي ينعت به الشيعة في السعودية من قبل خصومهم، بالإضافة إلى وصفهم "بأعداء الدين" و"الكفار" و"أهل الأوثان" وعدة أوصاف أخرى مسيئة لهم.
وذكرت أن الداعية الشهير عائض القرني، الذي بيعت من كتبه ملايين النسخ، كتب قصيدة للملك سلمان، يدعوه فيها "لسحق رؤوس الزرادشتيين"، كما أصدر حمود الشمري قصيدة مصورة يدعو فيها الملك "لدعس عبيد المنتظر"، وتظهر في تسجيل القصيدة طائرات الإف 16 والدبابات السعودية، وقد انتشرت هذه القصيدة على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل دفع بالتلفزيون الرسمي السعودي إلى بثها.
كما أشارت الصحيفة إلى حادثة إطلاق النار على سكان قرية شيعية في شرق المملكة، أثناء إقامة مراسم عاشوراء في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ما أدى لسقوط خمسة قتلى. وقالت إن غضب السكان تزايد بسبب إطلاق أمير المنطقة الشرقية، سعود بن نايف، تصريحات عدائية ضد الشيعة بعد هذه الحادثة، حيث وصفهم "بأحفاد عبد الله بن سبأ الصفوي".
وفي السياق ذاته، أوردت الصحيفة أن اللواء منصور التركي، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، تفادى التعليق على هذه التصريحات أثناء الحوار معه، وفضل الإشارة إلى وفاة ستة من رجال الشرطة خلال الثلاثين شهرا الأخيرة على يد "الإرهابيين" الذي يستهدفون، حسب قوله، المنشآت النفطية في شركة آرامكو.
وفي المقابل، نقلت موقف رجل الأعمال الشيعي، عبد المحسن الفراج، الذي قال: "ما فائدة التأكيد في كل مناسبة على أنها ليست حربا طائفية، بينما رجال الدين في الرياض يهينوننا على تويتر بلا حسيب أو رقيب. نحتاج لوضع ضوابط وخطوط حمراء، وإذا شعر شيعة السعودية بأن الحكومة لا تستمع لهم، فإن إيران ستستغل الفرصة للتغلغل بين صفوفهم"، حسبما تنقله الصحيفة الفرنسية عن الفراج.