أعادت طائرات
الاحتلال الإسرائيلي أجواء
الحرب إلى قطاع
غزة، وأنعش ذاكرة الغزيين التي لم تنسَ بعدُ مشاهد الحرب الأخيرة، التي ما زالت آثارها تملأ المكان، والمنازل المهدمة تقدم شهاداتها كل يوم على مدى الإجرام الذي مارسه الاحتلال في تلك الحرب.
وكان الطيران الحربي للاحتلال قد شن فجر الأربعاء الماضي، سلسلة غارات جوية، استهدفت أنحاء متفرقة من قطاع غزة، بقرابة 13 صاروخا، سقط منها سبعة
صواريخ في مدينة رفح جنوب القطاع، وثلاثة صواريخ في مدينة خانيونس (وسط القطاع)، وثلاثة أخرى في مدينة بيت لاهيا (شمال القطاع)، ولم تسجل وزارة الصحة في القطاع سقوط ضحايا.
وجاء هذا
القصف بعد زعم الاحتلال سقوط صاروخ مساء الثلاثاء الماضي، بالقرب من مدينة
أسدود المحتلة، دون وقوع إصابات، وهو ما لم يتبنَّه أي فصيل فلسطيني.
وحمّل وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي موشي يعلون، حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مسؤولية سقوط الصاروخ، قائلا في صفحته على "فيسبوك": "حماس هي العنوان في غزة، ولن نحتمل أي تهديد لسكان الجنوب، وإذا لم يَسُد الهدوء؛ فستدفع غزة ثمنا باهظا".
لا رغبة بالتصعيد
وقال المختص في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، إن الاحتلال الإسرائيلي "لا يرغب في التصعيد مع غزة، وهذا ما يفسر عدم سقوط ضحايا"، موضحا أن القصف الإسرائيلي على غزة "يأتي من باب رد الفعل، وطمأنة الداخل الإسرائيلي الذي يعاني حالة من الرعب الشديد، وخاصة سكان المستوطنات القريبة من السياج الحدودي (جنوب فلسطين المحتلة)"، حيث تحيط مستوطنات الاحتلال بقطاع غزة من الجهة الشرقية والشمالية.
وأضاف لـ"
عربي21" أن نتنياهو يريد أن يوصل رسالة لفصائل المقاومة؛ مفادها أن الجيش الإسرائيلي مستعد وقادر على الرد في الزمان والمكان المناسبين"، مشيرا إلى أن "هذه الأعمال قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع، ونشوب حرب أخرى ربما تتسبب بأضرار أكبر من سابقتها".
ويرى أبو زايدة أن هناك "معطيات داخلية إسرائيلية، وأخرى إقليمية؛ لا تساعد الاحتلال على تصعيد الوضع وصولا لنشوب حرب كما حدث العام الماضي، بالإضافة إلى رغبة السلطة الحاكمة في غزة وفصائل المقاومة في عدم التصعيد"، مؤكدا أن "أعباء الحرب الأخيرة على غزة ما زالت قائمة، وكلا الطرفين يعي ذلك".
عوامل الحرب قائمة
من جهته؛ قال أستاذ العلوم السياسية، ناجي شراب، إن "خيار الحرب مع إسرائيل لا يزال قائما، وخاصة في ظل فشل تحقيق الأهداف السياسية من الحرب السابقة، المتمثلة فلسطينيا في رفح الحصار".
وأكد أن "عدم التوصل إلى اتفاق تهدئة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي؛ يبقي احتمال نشوب حرب مدمرة قادمة واردا بشكل قوي"، معللا ذلك بأن "العوامل التي أدت لاندلاع الحرب الأخيرة ما زالت قائمة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "إطلاق صاروخ من قطاع غزة باتجاه البلدات الفلسطينية المحتلة المتاخمة للحدود؛ رسالة واضحة من قبل المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، بأن هناك إمكانية للتوجه نحو حرب جديدة".
لكن شراب قلل من "إمكانية وقوع حرب جديدة حاليا؛ لأن المعطيات الاقتصادية والدولية والإقليمية جميعها تمنع نشوبها"، منوها إلى أن "ضعف البنية الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها الفلسطينيون، بالإضافة لوجود تراجع في قدرات المقاومة عما كانت عليه في الحرب السابقة؛ من شأنه أن يعيق اندلاع حرب" على حد قوله.
وبيّن أن "سرعة الرد الإسرائيلي وكثافته - حتى وإن كانت المواقع المعتدى عليها فارغة - تهدف إلى إيصال رسالة قوية؛ مفادها أن الاحتلال مستعد لخيار الحرب".
وقال إن "حالة العزلة السياسية التي تعانيها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، والمشاكل والتحديات التي تواجهها؛ تبقي خيار الحرب قائما بالنسبة لإسرائيل، وليس للفلسطينيين، على أمل إخراجها من مشاكلها".