تشكل قضايا تفاقم
الأزمة في
شمال مالي، واحتدام
الصراع بمنطقة
الساحل الأفريقي، و"تعقّد" أزمة الصحراء الغربية؛ تهديدا للدولة الموريتانية، بحسب مختصين أكدوا أن حدود
موريتانيا الجنوبية والشرقية "أصبحت بؤرا قد تنفجر في أي لحظة، إن لم يتم تدارك الوضع، وإيجاد تسويات للأزمات العالقة".
وقال الباحث الموريتاني المختص في القضايا الأفريقية، عبدالله ماما دوبا، إن موريتانيا تواجه في الوقت الراهن
تحديات كبيرة تهدد كيانها، على رأسها تداعيات الأزمة في شمال مالي، التي تؤثر بشكل مباشر على الوضع الداخلي الموريتاني؛ بحكم الجوار والاشتراك في عدد من الملفات.
وأضاف ماما دوبا لـ"
عربي21" أن الأزمة في منطقة شمال مالي: "بدأت تأخذ طابعا جديدا منذ الغزو الفرنسي لها ولمنطقة أزواد"، مشيرا إلى "بروز حركات سياسية وعسكرية مسلحة جديدة، ذات طابع عرقي، لها امتدادات كبيرة في عدد من الدول الأفريقية، وخاصة الحركة الجديدة التي ولدت مؤخرا في غرب مالي، وهي حركة تحرير (ماسينا) التي تحاول أن تستنفر مجموعات (الفلان) التي تتواجد في 18 دولة أفريقية؛ من موريتانيا إلى السودان، مرورا بوسط القارة الأفريقية".
وأوضح الباحث - الذي سبق أن عمل مستشارا للرئيس الموريتاني السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله - أن الصراع في شمال مالي، وتشعبه، وتعقد ملفاته الشائكة؛ أصبح تهديدا حقيقيا لكيان الدولة الموريتانية، "بحكم التداخل الاجتماعي، والحدود الجغرافية بين البلدين، التي تعد أطول حدود برية بين بلدين في المنطقة".
سياسة التوازن
من جهته؛ قال رئيس المركز المغاربي للدراسات، ديدي ولد السالك، إن موريتانيا منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960؛ غير قادرة على تحديد "سياسة توازن" في الشمال، وخصوصا في ما يتعلق بموضوع الصحراء الغربية "محل الخلاف المغربي الجزائري".
وأضاف أن الدولة الموريتانية تفتقد أيضا القدرة على على أن تكون عاملا مؤثرا في غرب
أفريقيا ومنطقة الصحراء، مشيرا إلى أن ذلك "له انعكاسات سلبية على مستقبل البلد واستقراره".
وتابع ولد السالك لـ"
عربي21": "فشل الحكومات الموريتانية المتعاقبة في إدارة الملفات الإقليمية؛ أثر بشكل مباشر على سياسية البلاد الخارجية، وعلى الاستثمار والتعاون الأجنبي".
تحديات أخرى
وأكد ولد السالك أن "الهجرة السرية" تشكل أيضا تحديا أسياسيا تواجهه البلاد، قائلا إن "الهجرة ليست قضية بشر يتحركون فقط، بل هي قصة إنسان يحمل معه أزمات اقتصادية واجتماعية وأمنية وصحية".
وأشار إلى ما وصفه بـ"التحدي الأمني" الذي تواجهه موريتانيا، "باعتبارها تقع بمنطقة الساحل، وهذه منطقة تواجه دولها بالكامل هشاشة كبيرة، وتحديات متعددة، على رأسها الهوية الثقافية، وقضايا الاستقرار السياسي".
وأضاف أن "هذه الدول - ومن بينها موريتانيا - انتشرت فيها الجريمة المنظمة بشكل كبير، بالإضافة إلى تجارة المخدرات، وتفاقم أزمة ما يسمى بالإرهاب"، لافتا إلى أن "أصحاب الجريمة المنظمة بالمنطقة؛ يتحالفون فيما بينهم، وهو ما يعقد الأزمة القائمة، ويجعل حلها عصيا"، على حد تعبيره.
وفي سياق حديثه عن مزيد من التحديات التي تواجهها موريتانيا؛ أشار ولد السالك إلى ما أسماه "العجز في التنمية"، الذي يصعّب الأوضاع المعيشية للمواطنين "نتيجة للصراع على مصادر العيش القليلة"، لافتا في الوقت ذاته إلى "ضرر التفاوت الطبقي على الدولة الموريتانية، حيث إن موريتانيا لم تتمكن خلال 50 سنة مضت من عمرها، من تحقيق اندماج اجتماعي أو ثقافي؛ نتيجة لغياب سياسيات الدولة في مجالات الاندماج والتعايش".
وقال إن "عدم الاستقرار السياسي الحاصل في البلاد؛ يجعل تحقيق التنمية مستحيلا عمليا، وبالتالي يجب أن يتم التغلب على هذا التحدي من أجل أن نتفرغ لحل التحديات الأخرى وقضايا التنمية"، مؤكدا أن "هذه التحديات مجتمعة؛ باتت تهدد كينونة الدولة الموريتانية، وتتطلب حلولا سريعة، واستراتيجيات واضحة".