رأى
معهد واشنطن أن مفتاح وقف حرب مرتقبة في
غزة، لا يكمن في مدينتي القدس وغزة، حيث قيادتا الاحتلال وحماس، بل اعتبر أن المفتاح يكمن في يد القاهرة ورام الله.
وقال المعهد في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني أنه "تصبح الفترات الزمنية بين حرب وأخرى في غزة أقصر مرة بعد مرة، كما تطول كلّ حرب أكثر من سابقاتها. وإذا لم يتغير شيء بين الطرفين المتنازعين ستندلع حرب أخرى، ولكنّ المفتاح الذي يكسر هذه الحلقة المفرغة لا يكمن في القدس ومدينة غزة فحسب، بل أيضا في القاهرة ورام الله".
وبالإشارة إلى أنها أكبر دولة عربية والجار الجنوبي لغزة، لفت التقرير إلى أن
مصر لطالما شكّلت تاريخيا "لاعبا محوريا فيما يتعلق بالقطاع. وبالإضافة إلى ذلك، وضع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حدا لنمط الإهمال المصري السابق للحدود مع غزة".
ونوه المعهد في تقريره إلى أنه "سبق لحماس الحركة التي صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، أن شعرت بلدغة مصر، فقد كان الدخل من التهريب عبر أنفاق غزة عنصرا حاسما في إيرادات الحركة، إلا أن قمع مصر لهذه الأنفاق ساهم إلى حدّ كبير في عدم قدرة
حماس على دفع رواتب موظفيها، ولكنّ ذلك يضر أيضا بسكان غزة الذين طالت معاناتهم".
وتابع التقرير بأن "المسؤولين المصريين قلقون من اندلاع حرب أخرى في القطاع، التي من شأنها أن تقوّض الأمن القومي لكل من مصر وإسرائيل، وقد أحدث ذلك القلق تقاربا في وجهات النظر بين القاهرة والقدس، وعلى وجه الخصوص، ينبغي إيجاد وسيلة لمساعدة غزة دون مساعدة حماس".
على هذا النحو، واصل التقرير: "لا ينبغي اعتبار الخطوات الأخيرة التي اتخذتها كل من مصر وإسرائيل، والهادفة إلى زيادة تدفق الأسمنت بغية إعادة إعمار غزة تقرّبا من حماس، بل إنها تشير في الواقع إلى رغبة بسيطة في التأكد من عدم انفجار الوضع في غزة".
واستطرد قائلا: "إذا لم يتمّ إيجاد أي وسيلة لتحسين الوضع الإنساني وإعادة عمليات الإعمار في غزة، لا بدّ لحماس أن تأخذ زمام المبادرة، فقد طرحت الحركة اقتراحات مفادها أنها مستعدة للتفاوض مع
إسرائيل على وقف إطلاق النار على المدى الطويل، مقابل اتخاذ تدابير لضمان انفتاح قطاع غزة".
بالمقابل، يقول التقرير: "يصغي الإسرائيليون إلى هذه الاقتراحات، ويتتبعون ما يجري حولها، وقد صرّح الرئيس الإسرائيلي ريئوفين ريفلين بأنه لم يستبعد إمكانية إجراء محادثات مماثلة مع حماس، على الرغم من أنّ عقيدتها تقضي بتدمير إسرائيل".
إزاء ذلك، يُقال إن قطر سعت إلى التوسط بين إسرائيل وحماس، ولكنّ الشرعية التي سيمنحها أي اتفاق بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية سترسّخ موقع هذه الأخيرة، وتضرّ بالتالي بالحركة الوطنية الفلسطينية.
وطبقا لما جاء في التقرير، "فإن مصر التي تحترمها إسرائيل، وتخشى منها حماس، ويحتاجها عباس، هي في موقع ممتاز لتولي القيادة. وكما فعلت خلال حرب غزة، ينبغي على القاهرة أن تعمل مع الحكومات العربية التي تشاطرها الرأي لتجريد السيطرة المسلحة العلنية لحماس على قطاع غزة من أي شرعية. وينبغي عليها أيضا أن تُوضح لعباس بأنها لن تتسامح مع تراخيه في أداء الأعمال المتوقعة منه".
ووفقا لمعهد واشنطن، فإنه "كما تقوم الأردن بتدريب قوات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، يمكن أن تقوم مصر أيضا بتدريب هذه القوات لتعمل في قطاع غزة. كما يمكن أن تؤيّد جامعة الدول العربية سيطرة السلطة الفلسطينية على هذا المعبر".
بناء على ذلك، كما جاء في تقرير معهد واشنطن، "ستكون مصر في موقع جيد يتيح لإسرائيل القيام بدورها في عملية إعادة الإعمار واتخاذ خطوات، مثل السماح لمئة ألف عامل من غزة بالدخول إلى إسرائيل، وهو عدد يماثل نظيره من سكان الضفة الغربية الذين يعملون بالفعل في إسرائيل".
وختم المعهد تقريره بقوله "إن كون مصر زعيما إقليميا، يعني أن لديها الآن فرصة لجعل الضفة الغربية وقطاع غزة تحت قيادة موحدة. أما البديل فهو استمرار الوضع الراهن المدقع، والمزيد من الحروب حول غزة".