أصدر رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، الثلاثاء، قرارا جمهوريا يقضي بإلغاء قرار سلفه عدلي منصور، الخاص بتعديل بعض أحكام قانون
المحكمة الدستورية العليا، وذلك في خطوة تستهدف تحصين مجلس النواب المقبل ضد الحل.
ويحرر التعديل الجديد المحكمة من المواعيد الملزمة لنظر الدعاوي والطعون الخاصة بقوانين تنظيم انتخابات مجلس النواب؛ بما يتيح إجراء الانتخابات قبل الفصل في الطعون المتعلقة بقوانين الانتخابات.
وكان تعديل الرئيس
المصري المؤقت السابق عدلي منصور على قانون المحكمة يلزمها بالفصل في الدعوي بعد خمسة أيام على الأكثر من تاريخ أول جلسة، وخلال مدة أقصاها 23 يوما منذ تلقي الدعوى.
وينص القانون في مادته الأولى بعد تعديله من طرف سلطات الانقلاب الحالية على "إلغاء القرار الجمهوري بقانون رقم 26 لسنة 2014، الذي أصدره الرئيس السابق عدلي منصور، قبيل الانتخابات الرئاسية العام الماضي، بقصد إنهاء المنازعات القضائية الخاصة بقوانين الانتخابات قبل إجرائها، بما يضمن استقرار منصب رئيس الجمهورية، واستقرار البرلمان بعد انتخابه، وعدم تعريض الأخير لخطر الحل بعد انعقاده".
ووفقا للقانون الجديد، فإن "جميع إجراءات التقاضي الخاصة بالدعاوي العادية المنظورة أمام المحكمة الدستورية، ستنطبق على دعاوى الانتخابات، مما يعيد الوضع إلى ما كان عليه سابقا، بحيث يمكن للمحكمة النظر في الطعون على قوانين الانتخابات النيابية الثلاث؛ "مباشرة الحقوق السياسية، مجلس النواب، وتقسيم الدوائر"، بالتزامن مع إجراء الانتخابات أو بعد انتهائها وتشكيل مجلس النواب الجديد".
رأي المعارضين للتعديل
ويآخذ المعارضون للتعديل الجديد خلوه من تنظيم أي مواعيد استثنائية بشأن دعاوي الانتخابات، مما يجعل سيناريوهات حل البرلمان المقبل بعد انعقاده تطل برأسها من جديد على المشهد السياسي، إذا ارتأت المحكمة الدستورية، بطلان نص أو أكثر في قوانين الانتخابات بعد انعقاد البرلمان.
وحذروا من أن المحكمة الدستورية لن تكون ملزمة بعد الآن بالفصل في الدعاوى خلال مواعيد محددة، على عكس ما تم في أثناء نظر الطعون على قوانين الانتخابات في شباط/ فبراير الماضي، إذ كانت ملزمة بالفصل في كل دعوى خلال خمسة أيام على الأكثر من تاريخ أول جلسة، بموجب القرار بقانون 26 لسنة 2014 "الملغى".
وقال ناشطون إنه بإقرار هذا التعديل، وإلغاء تعديل منصور، سوف يصبح حل البرلمان المقبل، من قبل السيسي شبحا يطارد الحياة النيابية، مثلما حدث في برلمان 2012، كما أن تعديل السيسي يهدد استقرار مؤسسات الدولة، لأن المحكمة تستطيع الحكم بحل البرلمان في أي وقت تراه.
ويتيح التعديل الجديد الإمكانية للسيسي التلاعب بالبرلمان عن طريق المحكمة الدستورية، وفي مواعيد البت في الطعون لتصبح لا نهائية.
وسبق للمحكمة في ظل العمل بقانونها قبل التعديل الذي أدخله عدلي منصور، أن قضت عام 1987 بحل برلمان 1984، وعام 1990 بحل برلمان 1987، وعام 2000 بحل برلمان 1995، أي قبل انتهاء فترته النيابية بعدة أشهر، وفي 14 حزيران/ يونيو 2012 بحل مجلس الشعب المنتخب نهاية 2011.
المدافعون يؤكدون صعوبة حسم الطعون خلال خمسة أيام
وفي المقابل، دافع موالون للسيسي عن التعديل، وأكدوا أن المحكمة الدستورية طلبت في وقت سابق إلغاء "القانون 26"، بعد أن أثبتت التجربة العملية صعوبة الفصل في الطعون المتعلقة بالانتخابات في موعد لا يتجاوز خمسة أيام، لأنه تسبب في معاناة المحكمة بشأن نظر وبحث الطعن للفصل فيه، مفضلين عدم تقييد المحكمة بمواعيد للفصل فى الطعون المنظورة أمامها.
وقال رئيس حزب الجيل الديمقراطي، ناجي الشهابي: "إن القرار هو الحل الوحيد لأزمة قوانين الانتخابات، خاصة قانون تقسيم الدوائر".
وأضاف الشهابي في تصريحات صحفية أن "أي قانون لتقسيم دوائر سيكون غير دستوري بسبب شروط المادة 102 من الدستور الخاصة بإعداد القوائم الانتخابية، المستحيل تنفيذها على أرض الواقع، وأنه لولا قرار السيسي الجديد، لكان كل ما سيتم فى الفترة المقبلة من إجراءات مضيعة للوقت".
ومن جهته، قال مستشار رئيس الحكومة لشؤون الانتخابات، رفعت قمصان، إن "القانون الجديد الخاص بتعديل بعض قوانين المحكمة الدستورية العليا يعدل القانون رقم 26 لسنة 2014 الذي صدر نظرا لظروف المرحلة الانتقالية التي كانت تمر بها البلاد".
وأضاف قمصان في مداخلة هاتفية مع إحدى القنوات الفضائية المصرية، الثلاثاء أن "المحكمة الدستورية العليا غير ملزمة بوقت معين للبت في الطعون على الانتخابات"، مشيرا إلى أن "أي مواطن من حقه الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا، وأنه من حق المحكمة أن ترد في الوقت الذي تراه مناسبا".
"شوف لنا حل يا فندم" .
ويُذكر أن التفكير في تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا بدأ في حفل عيد العمال الماضي، حين خاطب السيسي، منصور، الرئيس الحالي للمحكمة، قائلا: "شوف لنا حل يا فندم.. مش كل اتنين يرفعوا قضية يوقفوا الانتخابات".
وبعدها أعدت الحكومة في 10 أيار/ مايو الماضي مشروع تعديل قانون المحكمة، ليقضي بإلغاء التعديل الذي أدخله منصور على قانونها، وقت رئاسته للبلاد، وهو ما وافقت عليه الجمعية العامة للمحكمة، ثم تلقفته الحكومة منها، وأرسلته إلى السيسي باعتباره رئيس الجمهورية، ابتداء من تموز/ يوليو الجاري، ليصدر القرار، وينشر بالجريدة الرسمية الثلاثاء.