رغم أن قانون التعريب بالجزائر لم يطبق منذ إقراره قبل 24 سنة، ولم يثر عدم تطبيق جدلا بقيمة اللغة التي يدافع عنها، إلا أن مبادرة وزارة التربية بالجزائر، المعلنة السبت الماضي، بتدريس اللهجة
العامية، ملأ المشهد السياسي والاجتماعي جدلا واسعا بالبلاد هذه الأيام. لما فهم من المبادرة، أنها "مؤامرة" ضد
اللغة العربية في هذا البلد المحافظ.
اللغة الرسمية بالدستور
الجزائري، هي اللغة العربية، لكن الإدارة بالجزائر تتعامل بالوثائق، باللغة
الفرنسية، ورغم أن الإسلاميين بالجزائر شكلوا بداية الثمانينات من القرن الماضي، جبهة دفاع عن اللغة العربية، إلا أن "اللوبي" الفرنسي بالجزائر، كان أقوى من أي محاولة لتعريب الإدارة، وأكثر من ذلك، فقد وأد قانون لتعريب الإدارة قبل أن ينفذ بداية التسعينيات.
قانون تعميم استعمال اللغة العربية تم إقراره بالجزائر في كانون الثاني/ يناير 1991، لكن الحكومة الجزائرية جمدت العمل به في 4 تموز/ يوليو 1992، و جدد الرئيس الجزائري السابق إلياين زروال، إلغاء قرار تجميد العام 1996، وأسس المجلس الأعلى للغة العربية من أجل أن يطبق القانون، ويشتغل المجلس إلى الآن لكن القانون لم يطبق.
وعاد جدال اللغة العربية، وموضعها وقيمتها الحقيقية في الجزائر، مع توصية لمؤتمر خصص السبت الماضي، لإصلاح قطاع التربية والتعليم، أهم ما تضمنته " تعليم اللهجة العامية بالمدارس". وفهم من هذه المبادرة، محاولة لضرب اللغة العربية في الصميم.
وأعلن الإسلاميون بالجزائر حالة النفير العام للدفاع عن اللغة العربية، التي يقرها الدستور الجزائري، لغة رسمية، ورأى الإسلاميون أن المبادرة، تندرج في سياق شامل لضرب كل ما يتصل بالعروبة والإسلام خدمة لفصيل علماني بأعلى هرم السلطة.
وقال البرلماني الجزائري حسن عريبي، في تصريح لـ "
عربي21"، الإثنين أنه " يتعين على الرئيس بوتفليقة أن يتدخل ليوقف وزيرة التربية عند حدها"، وتابع "إني أخاطب الرئيس لأن الشعب انتخبه ولم ينتخب الوزيرة بن غبريت"، معتبرا أن مبادرة وزيرة التربية " مهزلة حقيقية، وأتعجب كيف يسمح لوزير في حكومة جزائر الاستقلال، أن يهين اللغة الوطنية ويتهمها بالقصور عن جهل وحقد، وليس عن دراية وعلم، وحاشا للغة العربية أن تنافسها أي لغة في مواكبة العلم والتطور".
وكان عريبي يرد بهذا الصدد على تصريح منسوب لوزيرة التربية بالجزائر قالت فيه إن "اللغة العربية قاصرة عن مواكبة التطور".
وقال بيان لجميعة العلماء المسلمين الهيئة الأكثر تشددا فيما يتعلق بمسائل الهوية بالجزائر، الإثنين "إن اللغة العربية ركن ثابت من أركان الهوية الحضارية للشعب الجزائري، وأحد الثوابت الجامعة لكل الجزائريين، ولا يجوز الالتفاف عليها تحت أي مسوغ ".
وأفاد أستاذ اللغة العربية بالعاصمة الجزائر، منور بلجامع، في تصريح لـ "
عربي21"، الإثنين " إن هناك مؤامرة جادة تحاك ضد اللغة العربية بالجزائر، وهي مؤامرة فرنسية تنفذها أطراف علمانية بالداخل، ويجب على كل الغيورين على هذه اللغة، الوقوف بالمرصاد ضد كل من تسول له نفسه المساس بقدسيتها".
وأكدت "حركة البناء الوطني"، الإسلامية بالجزائر، ببيان لها، وصل "
عربي21"، الإثنين أنه "على الرئيس بوتفليقة أن يوقف حالة التلاعب باللغة العربية، من خلال رفع التجميد عن قانون تعميم اللغة العربية".
وتابع البيان" إن الوضع بالجزائر غير قابل لاستيعاب المزيد من الاحتقان و التوتر"، في إشارة من الحركة إلى أن مبادرة تدريس اللهجة العامية الجزائرية على حساب اللغة العربية من شأنها زرع فوضى بالبلاد.