تُعدّ مدينة بيجي، في محافظة صلاح الدين، الجبهة الأكثر سخونة من بين جبهات أخرى يخوض فيها تنظيم الدولة معاركَ شرسة مع القوات الأمنية
العراقية، مدعومة بالصحوات العشائرية، والحشد الشعبي، والشرطة الاتحادية، بإسناد جوي من طيران التحالف الدولي والقوات الجوية العراقية، إضافة إلى مئات المقاتلين من
الحرس الثوري الإيراني الذين شكلوا رأس الحربة في الهجوم الفاشل لاستعادة المدينة.
وأعلنت الحكومة العراقية تحرير مدينة بيجي مرات عدّة، لكنّ الواقع يُفند تلك الإعلانات التي تدخل في إطار الحرب الإعلامية بين المتصارعين.
منذُ شهر تقريبا، أعلنت قيادات رسمية عراقية، وأخرى في
الحشد الشعبي، دخول معركة تحرير بيجي ساعاتها الحاسمة، إلاَّ أنّ تلك الإعلانات لمْ تجد لها صدى على أرض الواقع، كما أنّ المسؤولين العراقيين يتجنبون التطرق إلى ما يجري في بيجي، وعن سير المعارك.
من جانبه، قال مصدرٌ مقرّب من تنظيم الدولة لـ"
عربي21" إن "كامل مدينة بيجي الآن تحت سيطرة الدولة الإسلامية، ولا صحة لتواجد قوات حكومية، أو غيرها، داخل مدينة بيجي، وليُثبت إعلامهم خلاف ذلك".
وأضاف المصدر ذاته: "حدثت معارك كبيرة في الأسابيع الماضية، وكان أشرسها هجومهم الفاشل الأخير عندما تقدموا من المحورين الجنوبي والغربي للمدينة، لكنّ مقاتلي الدولة الإسلامية تمكنوا من إفشال الهجوم، وتكبيدهم خسائر كبيرة في الآليات والأفراد، خاصة في المحور الجنوبي، حيث تَمّ تحييد طيران التحالف عن طريق استدراجهم إلى أحد أحياء المدينة، ووقوعهم في كمين محكم"، على حد قوله.
ولم يتسن لـ"
عربي21" التأكد من صحة المعلومات من مصدر مستقل.
وعما تَمّ تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي عن مقتل عدد من الحرس الثوري الإيراني، أكد المصدرُ المقرّب، "إبادة مجموعة من مقاتلي الحرس الثوري الإيراني، وبعض قياداته، الذين كانوا يشكلون رأس الحربة في المعارك التي دارت في منطقة الطعمة على أطراف مدينة بيجي، ولا تزال هناك قوات تتمركز في تلك المنطقة متحصنة في بيوت النازحين منها، محمية بطيران التحالف والطيران العراقي".
لكنّه أضاف أن زمام المبادرة بيد تنظيم الدولة الذي يقوم مقاتلوه بشنّ هجمات استنزافية على تلك القوات بين الحين والآخر.
في المقابل، قال الضابط في الحشد الشعبي، النقيب علي عبد الحمزة، في اتصال هاتفي مع "
عربي21" إن "هدف الهجوم الأخير كان السيطرة على منطقة الطعمة، ومحيط المدينة، لإطباق الحصار عليها، وتحريرها".
وأضاف: "لدينا معلومات مؤكدة، من خلال اختراق أجهزة اتصال التنظيم، أنّهم على وشك أنْ ينسحبوا من المدينة، ولمْ ينجح تنظيم الدولة حتى الآن في كسر الحصار عن المدينة".
وعن المدة الزمنية المتوقعة للسيطرة على بيجي، يقول الضابط في الحشد الشعبي: "لا يوجد سقف زمني محدد، لكنّ سير العمليات يتجه نحو حسم سريع، وفرض السيادة الحكومية على المدينة، وهي خطوةٌ مهمة لتحرير كامل محافظة صلاح الدين".
أما المصدر المقرّب من تنظيم الدولة فقال لـ"
عربي21": "إنّ صمود مدينة بيجي، رغم عدم جواز المقارنة بين أعداد وتسليح المدافعين عنها، والقوات المهاجمة، بات يشكل رمزية عالية لمقاتلي الدولة الإسلامية، الذين لا يمكن أنْ يتخلوا عنها، بل ستكون مدينة بيجي قاعدة الانطلاق لاسترداد تكريت، وغيرها من المدن، التي فقدتها الدولة الإسلامية قبل شهور".