ملفات وتقارير

101 مليون دولار تحدد مصير "الأونروا"

مراقبون اعتبار وقف "الأونروا" استهدافا لقضية اللاجئين - أرشيفية
مراقبون اعتبار وقف "الأونروا" استهدافا لقضية اللاجئين - أرشيفية
حذر لاجئون فلسطينيون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" من تطبيق خطة التقليصات التي أعلنت عنها، وحذروا من مؤامرة سياسية على قضيتهم بهدف تصفية وجودهم، في بيانات واعتصامات وخلال مقابلات أجرتها "عربي21" مع عدد من المختصين.

وكانت "الأونروا" أعلنت في بيان صحفي أنه "ما لم يتم الحصول على تمويل بكامل قيمة العجز المالي الذي تعاني منه الوكالة، والبالغ 101 مليون دولار بحلول منتصف الشهر الجاري، فإن الأزمة المالية قد تجبر الوكالة على تعليق الخدمات المتعلقة ببرنامجها التعليمي إلى أن يتم تأمين المبلغ بأسره".

وهذا يعني تأخير بدء السنة الدراسية لنصف مليون طالب وطالبة مسجلين في حوالي 700 مدرسة، إلى جانب ثمانية مراكز مهنية منتشرة في الشرق الأوسط.

كما أعلنت "الأونروا" في بيان منفصل، أن 85% من إجمالي عدد موظفيها الدوليين، البالغ عددهم 137 موظفا، والذين يعملون بعقود قصيرة الأجل، سينفصلون عن العمل، وفق عملية تتم على مراحل، وتستمر حتى نهاية أيلول. وعللت ذلك بهدف التقليل من التكاليف إلى الحد الأقصى الممكن دون اللجوء إلى تقليص الخدمات المقدمة للاجئين.

وقال ياسر أبو كشك، مدير عام المخيمات في دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير، إن "هذا القرار يعدّ فصلا تعسفيا دون أن يكون هناك حقوق للموظف، وهو تمهيد لتصفية قضية اللاجئين".

ويبين أبو كشك أن "مخطط إغلاق مدارس وكالة الغوث الدولية لسد العجز المالي من جيوب موظفينا، فراتب العاملين لمدة 4 أشهر تسد العجز، ولا يمكن لأهالي الطلبة إبقاء أبنائهم دون تعليم لمدة أربعة أشهر، وبالتالي سيضطر الأهالي لتسجيل أبنائهم في المدارس الحكومية، وستصبح مدارس وكالة الغوث خاوية، وستنهي عملها بالقطاع التعليمي.

وأضاف أبو كشك لـ"عربي21" أن لهذا القرار أبعادا على كافة الشعب الفلسطيني، ويكمن بتصفية قضية اللاجئين، وهي القضية المركزية للشعب الفلسطيني، وتحمل مأساة طويلة منذ 67 عاما، "وجريمة العصر هي إنهاء عمل وكالة الغوث، وهذا يتطلب من الإعلام أن يعمل بجد ويعرض صورة المخيمات وتشكيل رأي شعبي ضاغط داخل المجتمع المحلي، حتى يكون هناك رأي عام عالمي ضاغط على  الحكومات الدولية  التي تتفاوض مع  مطالب الاحتلال والكيان الصهيوني بأن تلزم حكوماتها بسد العجز المالي بوكالة الغوث"، على حد قوله.

ويرى أبو كشك أن 80% من عمل وكالة الغوث الدولي يتمثل بخدمات القطاع التعليمي، وإذا تم تعطيله عطلت "الأونروا" كاملة.

وكان رئيس اتحاد العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين شاكر الرشق قال في حديث لإذاعة 24 FM المحلية، إن الاتحاد سيقر خلال اليومين المقبلين بدء العام الدراسي في موعده بـ15 أو 16 من آب/ أغسطس الجاري في كافة المدارس، ولن ينتظر الاتحاد قرار إدارة الوكالة في هذا الشأن، "ونحن مستعدون لخدمة الطلاب دون رواتب، وجاهزون للتصعيد في حال عدم تراجع المفوض العام للوكالة بيير كرينبول عن قراره".

ذوقان: هناك مخطط لإنهاء قضية اللاجئين

بدوره، أكد أحمد ذوقان، رئيس لجنة خدمات مخيم بلاطة، على الضرر الكبير الذي يوقعه قرار "الأونروا" بوقف العام الدراسي  لـ700 ألف طالب فلسطيني في  مختلف المناطق والمخيمات التي تغطيها وكالة الغوث.

وقال لـ"عربي21" إن هذا القرار سيلحق ضررا كبيرا وواضحا على اللاجئ في مختلف مخيمات الشتات، فـ"استثمار اللاجئ الفلسطيني هو أبناؤه، وبالتالي إذا لم يتوفر لهم التعليم سيؤثر على  مستقبلهم ومستقبل عائلتهم بشكل سيئ، وعلى صعيد الأهالي، ينتابهم خوف كبير وقلق على مستقبل أبنائهم التعليمي".

وبين ذوقان عدم قدرة المدارس الحكومية على استيعاب طلاب مدارس وكالة الغوث واللاجئين، فعلى سبيل المثال مخيم بلاطة، الواقع شرق مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، فيه 3800 طالب وطالبة لن تستطيع مدارس نابلس الحكومية استيعابهم، وهذا أمر بغاية الخطورة، وفق تعبيره.

ويرى أن ما يتم يحمل أهدافا "سياسية تعمل على إنهاء لقضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال عملية إنهاء هذه الخدمات، ومنها إعطاء العاملين بوكالة الغوث إجازة دون راتب وغيرها، ويعتبر هذا إعلان حرب على اللاجئ الفلسطيني".

 وأشار إلى ضرورة أن تأخذ هذه القضية أبعادا على مستوى عالمي، منوها أن هناك "لوبيا أمريكيا وإسرائيليا يضغط  لإنهاء عمليات وكالة الغوث بمناطق فلسطين، ولبنان، وسوريا، والأردن".

وأوضح أن "العجز المادي للأونروا يبلغ 101 مليون دولار، وبإمكان إي دولة بالعالم أن تغطيه، لكن هناك مؤامرة حقيقة لإنهاء عمل وكالة الغوث الدولية منذ سنوات، والدليل على ذلك هناك عمليات تقليص مستمرة لعمل وكالة الغوث، فأصبح القطاع الصحي يقتصر على  الخدمات الصحية الأولية، ويجب على الدول التي ساعدت على تهجير الفلسطينيين أن تقدم المال لوكالة الغوث الدولية".

وبين ذوقان أنه في حالة عدم تراجع "الأونروا" عن قرارها، سيكون هناك إضراب شامل في مختلف المناطق التي توجد فيها مخيمات فلسطينية، سواء بالضفة أو بغزة أو بلبنان أو سوريا أو الأردن، حيث سيعم القطاع التعليمي الحكومي .

وبينت "الأونروا" في بيانها أنها ستواصل تقديم خدماتها في المجالات الأخرى كالصحة حتى نهاية العام، ما يحمل تساؤلا عن ماذا سيجري بعد هذا الموعد؟

واقترحت "الأونروا" على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حلولا للمشكلة تتمثل بإصدار مناشدة طارئة عاجلة وعقد مؤتمر للتعهدات في تشرين الأول من أجل تأمين التمويل لعام 2016 وعقد حلقة نقاشية تشترك فيها الدول الأعضاء بالأمم المتحدة تؤدي إلى تمويل مستدام لـ"الاونروا".

نعيرات: 101 مليون دولار رقم صغير

إلى ذلك، قال المحلل السياسي رائد نعيرات أن أي انتقاص في عمل "الأونروا" هو انتقاص في حق العودة  وحق اللجوء، فـ"الأونروا" تأسست للقيام بالمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم، ويقصد هنا بمعنى "الانتقاص" يعني انتقاص من حق لاجئين، فهذا حق من حقوق الشريعة الدولية، وبنفس الوقت يؤثر على العودة واللجوء.

وأوضح في حديثه مع "عربي21"، "بقطاع غزة أن هناك أكثر من 70% من الشعب يعتمد على الأونروا في المدارس أو التدريس أو الحياة العامة، وهذا يشل الحياة العامة بالقطاع إذا تم القرار، وبالخارج سيحرم أهلنا بالشتات الكثير من الخدمات  وسيلحق بهم الضرر بعملية النهوض الاجتماعي والثقافي".

 وأضاف أن "لهذا القرار أبعادا سياسية ويمكن أن تذهب إلى ما بعد البعد السياسي، فالأونروا تقول إنها بحاجة لـ100 مليون دولار، وهذا مبلغ يكاد لا يذكر على حجم الأونروا،  فلو طلبت من الصناديق العربية لغطت هذه 100 مليون دولار".

ويرى نعيرات أنه لن يتم تعطيل العام الدراسي، ولكن هذه مقدمة لتقليص عمل الأونروا مستقبلا .

وحذر الدول المانحة لـ"الأونروا" من الآثار الإنسانية والاجتماعية والصحية التي ستقع على اللاجئين الفلسطينيين في حال عدم الإسراع بتسديد التزاماتهم المالية السنوية، والتي وصلت إلى 101 مليون دولار. 

ويتم تمويل "الأونروا" بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية، ولم تواكب التبرعات المالية مستوى الطلب المتزايد على الخدمات، والذي تسبب به العدد المتزايد للاجئين المسجلين والفقر المتفاقم، بحسب بيان "الأونروا".

 ونتيجة لذلك، فإن الموازنة العامة للوكالة، التي تعمل على دعم الأنشطة الرئيسة لها، إضافة إلى معظم تكاليف العاملين، تعاني من عجز كبير. كما أن برامج "الأونروا" الطارئة والمشروعات الرئيسة تعاني أيضا من عجز كبير حيث يتم تمويل هذه البرامج عبر بوابات تمويل منفصلة.
التعليقات (0)