تعدّ قاعدة الحبانية العسكرية (15 كم غرب مدينة الفلوجة) مركز التدريب الرئيس لمقاتلي العشائر الذين تطوعوا لقتال
تنظيم الدولة في محافظة
الأنبار، حيث يشرف على تدريبهم مجموعة من الضباط والعسكريين الأمريكيين منذ عدة شهور.
تتعرض قاعدة الحبانية لقصف شبه يومي من قبل مقاتلي تنظيم الدولة، الذي يحاول منذ سيطرته على مدينة الرمادي فرض حصار على القاعدة؛ نظرا لما تتمتع به من موقع استراتيجي مهم جعل منها الهدف الأهم للتنظيم في المناطق الممتدة بين الفلوجة والرمادي، بالإضافة إلى أهمية قاعدة الحبانية في احتوائها على مدرج لهبوط الطائرات، وكونها مجهزة بكافة المرافق التي تؤهلها أن تكون قاعدة انطلاق لشن هجمات على مناطق سيطرة التنظيم.
وفي حديث خاص بـ"عربي 21" قال محمد الفهداوي، وهو أحد المتطوعين من أبناء العشائر الذين غادروا معسكر الحبانية، إن "مقاتلي العشائر المتطوعين -ورغم قلة عددهم وعدم تخريج أي دفعة منهم منذ بدء الدورة قبل ما يقارب ثلاثة أشهر- يعانون من قلة الاهتمام بهم، وعدم التعامل معهم كجزء مهم في تحرير محافظة الأنبار، فما نتلقاه من تدريبات على يد المستشارين الأمريكيين تكاد تكون إسقاط فرض لا أكثر، كما تمر علينا أيام دون أي تدريب بسبب حالة الإرباك التي تعيشها قاعدة الحبانية نتيجة القصف اليومي لتنظيم الدولة، إضافة إلى الأخبار التي تصلنا عن اقتراب التنظيم من محيط القاعدة الأمر الذي يجعلنا في حالة من الاستنفار والترقب المستمر".
وأضاف الفهداوي: "انعدام الشعور بالأمان داخل قاعدة الحبانية أثر كثيرا على سير التدريبات التي يوشك برنامجها على الانهيار، وإغلاقه بات مسألة وقت فقط إذا بقيت الأمور على حالها".
وعن سبب تدهور برنامج التدريب، قال الفهداوي: "فقدان الثقة بين الحكومة والمتطوعين والخوف من اقتحام تنظيم الدولة للقاعدة أهم الأسباب، فنحن على يقين أنه في حالة اقتحام قاعدة الحبانية من قبل تنظيم الدولة -وهو أمر وارد جدا- فسيتم إخلاء الضباط الأمريكان بالدرجة الأولى، ثم بعض قيادات الجيش والشرطة، وسنترك فريسة للتنظيم الذي لن يرحمنا، كما أننا منذ بدأنا البرنامج لم نستلم رواتبنا أو مخصصاتنا، ونحن أصحاب عوائل تطوعنا بعد أن تركنا أعمالنا بسبب خروجنا من مناطقنا التي سقطت بيد التنظيم، وكلما نطالب المسؤولين بالرواتب يتم التأجيل حتى جاء الرد متأخرا من أحد الضباط بأننا (هربنا من مناطقنا وتركنا التنظيم يستولي عليها فعلينا ألا نتذمر بسبب تأخر الرواتب)، هذا هو المنطق الذي تعاملت به الحكومة معنا نحن الذين تطوعنا لنعيد المناطق لسيطرة الحكومة ونطرد تنظيم الدولة، هذه الحكومة فقدت كل شيء خصوصا في محافظة الأنبار".
ويواصل العنصر الذي غادر قاعدة الحبانية حديثه عن الحالة التي يعيشها المتطوعون السنة في قاعدة الحبانية، قائلا: "كنا نعاني من انعدام الإجازات، وسوء الأوضاع داخل القاعدة، فلا توجد قاعات خاصة بنا، ويخصص لنا طعام سيء جدا، ولا نعامل على أننا مرحب بنا، وحتى دورات التوجيه المعنوي والسياسي ضعيفة جدا في تحسين صورة الحكومة، أو لماذا علينا أن نقاتل من أجلها، وحتى المدربين الأمريكان ترى الإحباط واليأس في عيونهم أثناء التدريبات، كل هذه الأمور دفعت الكثيرين، وأنا منهم، إلى الانسحاب من المعسكر، ورفض إتمامه، حيث انسحبت من البرنامج التدريبي بعد شهر من التحاقي، وأستطيع القول أن برنامج التدريب فاشل، وخُدعنا به، وأدرك أغلب المتطوعين أنهم في أخطر مكان ممكن أن يتواجدوا به".
وفي ختام حديثه مع "عربي 21"، قال الفهداوي: "سيستعين بعض الضباط وقيادات الصحوة بالحشد الشعبي في نهاية المطاف، رغم رفض أهالي الحبانية ومنطقة البومرعي للأمر، لاسيما أن أبناء تلك المناطق رفضوا التطوع في البرنامج؛ حيث كان عدد المتطوعين من الحبانية لا يتجاوز عشرة أشخاص، وتم منح رواتب فقط لبعض من وافق على نقله لقاعدة عين الأسد، وأغلب المتطوعين من أبناء العشائر انسحبوا من أول يوم عندما سمعوا أننا فوج ينتمي للحشد الشعبي في محافظة الأنبار، فلن يقبل أهالي الكثيرين منهم بالقتال ولو اسما تحت راية الحشد الشعبي.
الجدير بالذكر أن قاعدة الحبانية تقع تحت حصار تنظيم الدولة، حيث قام بعزلها عن قاعدة تموز في الهضبة، ويحاول التنظيم تحييد القاعدة وحصارها لمنع خروج أي قوات منها لمناطق غرب الفلوجة أو الخالدية، حيث يقترب التنظيم من السيطرة على ما تبقى من بلدات في محافظة الأنبار.