نشرت صحيفة لوموند الفرنسية؛ تقريرا حول تفاقم ظاهرة
التطرف الصهيوني في المجتمع
الإسرائيلي، وسط صمت السلطات أمام ما يحظى به هذا التيار من دعم داخل العائلات المستوطنة، التي تتوارث الفكر الصهيوني العنيف جيلا بعد جيل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الجريمة البشعة التي جدت في قرية دومة في الضفة الغربية، وتمثل بحرق رضيع عمره 18 شهرا وأبيه، تبعتها موجة استهجان وتنديد في كافة دول العالم، وهو ما دفع بالسلطات الإسرائيلية للتحرك ضد التنظيم المتطرف "شباب التلال"، من خلال وضع أربعة من المنتمين له قيد الاعتقال الإداري، ما يفتح الباب أمام إمكانية احتجازهم لمد تصل إلى ستة أشهر دون توجيه اتهام واضح لهم، وهو إجراء قاس يتم اعتماده في العادة ضد الأسرى الفلسطينيين، بحسب الصحيفة.
ومن بين هؤلاء المعتقلين، يبرز الوجه المعروف مائير أتينجر (23 سنة)، ورغم عدم وجود صلة واضحة بينه وبين جريمة حرق الرضيع علي دوابشة، يشتبه جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشين بيت" في كونه متورطا في حرق كنيسة في الجليل في حزيران/ يونيو 2014، عندما كان يتزعم خلية تابعة لتنظيم "شباب التلال".
وذكرت الصحيفة أن ظاهرة التطرف ليست جديدة في إسرائيل، فهي معروفة لدى السلطات وتنتشر في المستوطنات، وتحظى بنوع من الحصانة القانونية ضد أي محاسبة.
وقد اعترف مؤخرا يوفال ديسكين، المدير السابق للشين بيت، بأن "هذا التيار المتطرف يمثل دولة موازية داخل الدولة، ويتصف بالتشدد الديني واعتناق الفكر الصهيوني المتطرف، كما أنه فوضوي وعنيف وعنصري، وينشط منذ سنوات بكل حرية".
ووصفت الصحيفة مائير أتينجر بأنه رمز لهذا التيار، إذ ينحدر هذا الشاب من عائلة توارث العمل المتطرف والعنف، في سبيل تحيق حلم "أرض إسرائيل" كدولة يهودية على ضفتي نهر الأردن، تضم فلسطين المحتلة والأردن.
وذكرت أن جده، الحاخام مائير
كاهانا، يوصف بأنه عراب التطرف
اليهودي في العصر الحديث. هذا الرجل الذي أسس رابطة الدفاع اليهودية، والحزب القومي اليميني "كاخ"، أثر أيضا على المجرم باروخ جولدشتاين، الذي قتل 29 مسلما في المحرم الإبراهيمي في الخليل، في سنة 1994.
وذكرت الصحيفة أن مائير كاهانا، المولود في نيويورك في سنة 1932، قضى النصف الأول من حياته في شوارع بروكلين في نيويروك، وقد كان والده أيضا حاخاما معروفا. وفي سنة 1968 أسس كاهانا رابطة الدفاع اليهودية، بحجة التصدي لظاهرة معاداة السامية، في حوالي عشرين بلدا، من بينها فرنسا. وقد ظل يحرض على اعتماد العنف ضد أولئك الذين يعتبرهم معادين للسامية. واستهدفت منظمته العنصرية بشكل خاص الأمريكيين من أصل أفريقي، لأن أغلبهم ساندوا القضية الفلسطينية بعد حرب سنة 1967.
وقالت الصحيفة إن مكتب التحقيقات الفدرالية الأمريكي، أعلن في سنة 1985 عن تورط رابطة الدفاع اليهودية في 15 هجوما إرهابيا على الأراضي الأمريكية.
ولكن تقديرات "مركز دراسات الإرهاب في جامعة ماريلاند"، أكدت أن عدد هذه الاعتداءات فاق الثمانين، بين سنتي 1970 و1986. وعندما توقفت هذه الاعتداءات، كان كاهانا قد غادر نحو إسرائيل. وهناك، أسس كاهانا حزب كاخ الذي يتبنى العنف ضد كل من لا ينتمون للديانة اليهودية على الأراضي التي يعتبرها ملكا لشعبه.
ورغم معاداته للديمقراطية، فقد شارك كاهانا في الانتخابات ونجح في دخول الكنيست في سنة 1984، وقضى فترة أربع سنوات في تقديم مقترحات القوانين العنصرية والفاشية.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من سنة 1990، قتل مائير كاهانا في نزل في مدينة مانهاتن، وقد تم اتهام رجل أمريكي من أصل مصري يدعى سيد نصير بتنفيذ العملية، ثم تمت تبرئته من قبل المحكمة في سنة 1991.
وقد أثار خبر موته توترا كبيرا في إسرائيل. وخلال جنازته التي حضرها 25 ألف يهودي، تعرض العديد من العرب للاعتداءات في شوارع القدس.
وعلى إثر موت مؤسسه، اندلعت حرب زعامة داخل حزب كاخ، وقد قام أحد أبناء كاهانا بتأسيس حزب "كاهانا شاي"، (أي كاهانا حي)، ودعا إلى "الرد على كل هجوم ضد إسرائيل بإطلاق قذيفة على القرى العربية، لأنها تمثل معقل الإجرام في قلب إسرائيل"، حسب تعبيره.
وفي الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1995، قام أحد المعجبين بالفكر الكاهاني، باغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، برصاصتين في الظهر في تل أبيب، باعتباره "خائنا وقع على معاهدة أوسلو للسلام في سنة 1993". وبعد سنوات قليلة، تعرض عمّ مائير أيتنجر، بنيامين كاهانا، للقتل مع زوجته في الضفة الغربية، وبقي الفاعل مجهولا.
وذكرت الصحيفة أن الشاب مائير أخذ مشعل التطرف عن عائلته وهو في سنة السابعة عشر، من خلال مغادرة بيت العائلة والانضمام لشباب التلال، وتراوحت أنشطته بين دعم الاستيطان اليهودي للأراضي الفلسطينية، وشن الهجومات على القرى العربية. وهو يدير حاليا مدوّنة على موقع الإنترنت "الصوت اليهودي"، ويسعى للترويج للفكر الكاهاني المتطرف.