كشف عزام التميمي رئيس معهد الفكر السياسي الإسلامي بلندن، أن طوني
بلير المبعوث السابق للجنة الرباعية الدولية لعملية السلام في الشرق الأوسط، دعا خالد
مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة
حماس لزيارة
بريطانيا، لإجراء مباحثات حول مشروع التهدئة.
وقال التميمي في حوار لصحيفة الرسالة، إن الزيارة لم تتم، لأن الحركة طلبت تأجيل الأمر إلى حين بلورة فكرة واضحة عما هو مطروح حاليا، وكذلك لرفضها أن تكون هذه المباحثات امتدادا لعملية أوسلو أو محاولة لإحياء هذا الاتفاق بعد وصوله إلى طريق مسدود.
ورأى التميمي الذي يُوصف بأنه أقرب المفكرين إلى أذن مشعل، بأن بلير ما كان ليدعو حماس إلى لندن لولا أنه قد حصل على موافقة من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، مشيرا إلى أنه من مصلحة الحركة قبول هذا الطلب بغض النظر عن نتائجه.
وأوضح أن هذه الخطوة مهمة في كسر الحصار الأوروبي على الحركة، وهي مقدمة لرفعها من قائمة المنظمات الإرهابية في الساحة الأوروبية.
وذكر أن المبعوثين الدوليين لا يتوقفون عن الزيارات والتباحث مع قيادات الحركة سواء داخل
غزة أو خارجها، مشيرا إلى أن ما يجري حاليا "هو سبر أغوار وبحث عن إمكانيات للخروج من الوضع الراهن في القطاع"، وفق قوله.
ولفت إلى أنه لم يعلن لهذه اللحظة عن التوصل لأي مبادرة أو اتفاق أو صيغة تفاوض حول هذه التهدئة.
وأكد أن عددا من الأطراف الأوروبية تبدي اهتماما كبيرا في التوصل إلى اتفاق تهدئة، تمهد رفع الحصار ولو تدريجيا عن القطاع، مبينّا أن أشد الأطراف انزعاجا من هذه الجهود هي السلطة في رام الله، لأنها تعتبر نفسها الجهة الوحيدة المخولة بدخول تفاهمات دولية حول الشأن
الفلسطيني.
ونقل التميمي عن مصادر أوروبية مسؤولة، أن رئيس السلطة وأعوانه كثيرا ما يبدون استياءهم، بل واعتراضهم، للأطراف الغربية على أي جهود تبذل في اتجاه التوصل إلى تفاهم مع حماس حول التهدئة في غزة.
ونوه بأن جهود بلير منسقة مع الجانب (
الإسرائيلي) وحائزة على مباركة كاميرون، أما الجهود الأوروبية الأخرى ففي كثير منها هي محاولة جس نبض الحركة واستطلاع موقفها حول الكثير من القضايا.
وتفسيرا لتدخل بلير في عملية التهدئة، قال إن ثمة مصالح تدفع الرجل للقيام بهذا الدور من بينها سياسية واقتصادية، وقد تقدم بطلب للقاء حركة حماس، والأخيرة موقفها أنها لا ترد زائرا ولا تغلق بابا.
كما ونقل عن مصادر مسؤولة، علم الأمريكان بتحركات بلير وبأنه يخبرهم النتائج أولا بأول، وهم لا يمانعون هذه الجهود طالما أن (الإسرائيليين) في الصورة.
وذكر أن العنوان العريض لجهود بلير هي التوصل إلى تهدئة تمهد لرفع الحصار عن قطاع غزة ووقف معاناة أهلها، وهذه مصلحة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن (الإسرائيليين) في حالة ارتباك.
وقال إن بلير يرغب في أن تتمخض مباحثاته مع حماس على إقناع الحركة بإصدار بيان ما فيه نوع من الإقرار بشكل مباشر أو غير مباشر بأهمية العودة إلى التفاوض. ولكن حماس ترفض ذلك، وتقول إنها لا علاقة لها بعملية السلام السابقة التي بدأت في أوسلو، وإنما لديها الاستعداد للتفاهم حول رفع الحصار عن غزة مقابل تهدئة.
أما عن طبيعة مستقبل العلاقة بين السلطة وحماس على ضوء اختلافهما حول التهدئة، فأشار إلى أن السلطة لا تزال تعمل خادمة لدى الاحتلال، بينما حماس تسير في مشروع المقاومة، معتقدا أن التهدئة هي البديل الأفضل الذي يمكن حال نجاحه أن يشكل سابقة يبنى عليها فيما بعد.
وأوضح أن نجاح التهدئة مع غزة يمكن أن يمهد الطريق لشيء مشابه في الضفة الغربية فيما لو عاد الكيان الإسرائيلي إلى فكرة الانسحاب الأحادي التي تعتبر إستراتيجية آرييل شارون عندما كان رئيس لوزراء الكيان الصهيوني وفكروا بالانسحاب من مناطق الضفة.
وبين أن السلطة ممتعضة من هذه الجهود رغم أنها مجرد أفكار حتى الآن، وهي تشعر بالخطر الشديد على نفسها من أي إنجاز تحققه حماس، وينجم عنه فك الحصار عن قطاع غزة.
أما بالنسبة لتعامل حماس مع موقف السلطة فرأى أنها لن تعبأ به إذا ما أتيحت الفرصة لها لإبرام اتفاق هدنة مع الإسرائيليين يضمن فك الحصار عن القطاع.
وقال يمكن أن تلعب السلطة دورا سلبيا على المستوى الدبلوماسي الدولي، ولكن إذا كانت للاحتلال الإسرائيلي راغبة في الدخول في هدنة مع حماس فلن يعبأ بموقف السلطة التي هي عالة على (الإسرائيليين) ولا تملك إسخاطهم.
وفي ظل تدهور العلاقة بين السلطة وحماس، رأى أنها غير قابلة للتحسن طالما أن السلطة تستمر في التنسيق الأمني لمنع انتشار أي وجود لحماس في الضفة.
ورأى أن السلطة ستظل قائمة طالما شعر (الإسرائيليون) ألا بديل عنها. ولا يبدو حتى الآن أن ثمة بديل، لكن في عالم السياسة كل شيء وارد.
أما عن الموقف الإقليمي تجاه التهدئة ومدى تأثيره على مسارها، فرأى أن تحسن العلاقة بين حماس والسعودية سيدفع باتجاه أن يكون الموقف السعودي مشابها للموقفين القطري والتركي وهذا جيد ومفيد.