وافقت سول وبيونغ يانغ على إجراء مفاوضات على مستوى عال اليوم السبت، في مسعى للتهدئة بعدما هددت
كوريا الشمالية جارتها الجنوبية "بحرب شاملة" ما لم توقف عملياتها الدعائية على الحدود.
وأعلن عن هذا اللقاء قبل ساعتين من انتهاء مهلة إنذار وجهه
الزعيم الكوري الشمالي
كيم جونغ-أون الذي يطالب بوقف بث مكبرات الصوت التي شغلتها سول مؤخرا، إلى كوريا الجنوبية.
وقال ناطق باسم الرئاسة الكورية الجنوبية لوكالة فرانس برس، إن اللقاء سيعقد في الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش في قرية بانمونجوم حيث جرت في تشرين الأول/ أكتوبر محادثات ثنائية.
وسيمثل الجنود في هذه المفاوضات وزير التوحيد هونغ يونغ- بيو والمستشار لشؤون الأمن القومي كيم كوان-جيم. أما الشمال فسيوفد المسؤول الكبير في وزارة الدفاع هوانغ بيونغ-سو الذي يعتبر الرجل الثاني في النظام، والأمين العام لحزب العمال كيم يونغ-غون المكلف العلاقات مع الجنوب.
وكانت القوات الكورية الجنوبية وضعت في حالة تأهب قصوى السبت، بعدما هددت كوريا الشمالية بشن حربها.
وقالت كوريا الشمالية ليل الجمعة السبت، إن قواتها على الحدود أصبحت في وضع "التسلح الكامل والاستعداد للقتال" مع انتهاء المهلة عند الساعة الـ8.30 تغ من اليوم السبت.
وحذر وزير الخارجية الكوري الشمالي من أن الوضع "وصل إلى شفير
الحرب"، مؤكدا أن "جيشنا وشعبنا على استعداد للمجازفة بحرب شاملة ليس فقط كرد فعل وصد للعدوان، بل للدفاع عن النظام الذي اختاره شعبنا".
من جهته، أكد ميونغ هون، مساعد المندوب الدائم لبيونغ يانغ في الأمم المتحدة، أنه "إذا لم تستجب كوريا الجنوبية لإنذارنا (بوقف الدعاية) فإن رد فعلنا العسكري سيصبح حتميا وسيكون قويا جدا".
وتملك الأسرة الدولية خبرة طويلة مع تهديدات كوريا الشمالية، لكنها تخشى تصعيدا ممكنا مع أن كثيرين يرون أن ذلك ليس سوى محاولة جديدة من بيونغ يانغ للفت الأنظار.
وقال جيمس كين، الباحث في مركز المعهد الآسيوي الفطري في سول: "نظرا لماضيهم في أسلوب التفاوض والتهديدات، فإن احتمال أن ينفذوا تهديداتهم بعمل عسكري ضئيل".
لكنه أكد في الوقت نفسه أن هذه التهديدات خطيرة ولا يمكن استبعاد أن توجه كوريا الشمالية ضربة ما. وقال: "إذا حدث ذلك، فإن كوريا الجنوبية يجب أن تكون حازمة وترد فورا لتؤكد أنها لن تخضع للترهيب"، مؤكدا أن "أي شيء أقل من ذلك سيشكل دعوة لمزيد من الاستفزاز".
وقال ناطق باسم الرئاسة الكورية الجنوبية: "نحن مستعدون للرد بقوة على أي عمل استفزازي كوري شمالي".
ونقلت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) عن مصادر عسكرية قولها إن بيونغ يانغ نشرت وحداتها المدفعية على الحدود لتوجيه ضربة محتملة إلى مكبرات الصوات الكورية الجنوبية التي تبث دعاية عبر الحدود.
وأضاف أن ثماني مقاتلات أمريكية وكورية جنوبية قامت بمحاكاة عمليات قصف "يمكن أن تشكل إنذارا لكوريا الشمالية". وحاليا، لا تبدو أي مخاوف في صفوف السكان الكوريين الجنوبيين الذين اعتادوا لسنوات على تهديدات الشمال بحرب وشيكة لا تقع.
والكوريتان تقنيا في حالة حرب منذ 65 عاما، إذ إن الحرب بينهما (1950- 1953) انتهت بوقف لإطلاق النار ولم يوقع اتفاق سلام رسمي.
ويعود آخر هجوم مباشر من الشمال على الجنوب إلى 2010، عندما قصفت بيونغ يانغ جزيرة يونبيونغ الحدودية الكورية الجنوبية، ما أدى إلى مقتل مدنيين اثنين وجنديين.
وأمر الزعيم الكوري الجنوبي كيم جونغ-أون الجمعة، بوضع القوات في حالة تأهب قصوى بعد تبادل للقصف المدفعي الخميس لم يسفر عن سقوط ضحايا.
واتهمت سول، بيونغ يانغ بإطلاق عدة صواريخ باتجاه واحد من مكبرات الصوت على الحدود. وردت سول بإطلاق "عشرات" من القذائف المدفعية من عيار 155 ملم.
وسقطت كل القذائف التي أطلقها كل من الجانبين تقريبا في الشطر الذي يخضع لسلطته من المنطقة المنزوعة السلاح التي تمتد كيلومترين على جانبي الحدود.
وتصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية بعد انفجار ألغام أرضية، ما أدى إلى بتر أطراف عنصرين من دورية لحرس الحدود الكوريين الجنوبيين في وقت سابق الشهر الحالي بينما تجري تدريبات عسكرية كورية جنوبية أمريكية كبيرة هذا الأسبوع.
واتهمت سول، بيونغ يانغ بوضع هذه الألغام، وردت باستئناف بث التسجيلات الدعائية بصوت مرتفع عبر الحدود مستخدمة مكبرات صوت كانت صامتة لأكثر من عقد من الزمن.
ونفى الشمال أي دور له في الألغام وهدد بقصف "عشوائي" لمكبرات الصوت ما لم يتوقف بثها في مهلة تنتهي السبت.
وأكدت كوريا الجنوبية أنها لا تنوي وقف مكبرات الصوت. وأكدت الرئيسة الكورية الجنوبية بارك غيون-هي التي ظهرت على التلفزيون مرتدية بزة عسكرية الجمعة، للقادة العسكريين، إن أي استفزازت إضافية من الشمال "لن يسمح بها".
وفي نيويورك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الجمعة، الكوريتين إلى وضع حد للتوتر المثير للقلق في شبه الجزيرة المقسمة. وقالت متحدثة باسمه إن الأمين العام "يحض الطرفين على الامتناع عن اتخاذ أي تدابير أخرى قد تزيد من حدة التوتر".
وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في بيان، أن رئيس أركان الجيوش الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي "كرر الالتزام الثابت للولايات المتحدة" تجاه كوريا الجنوبية "وقوة التحالف" بين البلدين.
وينتشر حوالي ثلاثين ألف جندي أمريكي بشكل دائم في كوريا الجنوبية. وقد أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) من جديد التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حليفتها.
ودعت الصين الدولة الرئيسة الداعمة لكوريا الشمالية، إلى الهدوء وضبط النفس. وترغب بكين في تجنب أي تصعيد بينما تحاول جذب قادة العالم لحضور الاحتفالات بذكرى هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية في أيلول/ سبتمبر المقبل.