ما زال
الأسير الفلسطيني محمد علان، يقبع في مستشفى "برزيلاي" الإسرائيلي في عسقلان، وذلك بعد أن قررت محكمة إسرائيلية "تعليق" اعتقاله، بعد أن خاض إضرابا عن الطعام استمر زهاء 65 يوما، للمطالبة بإلغاء الاعتقال الإداري الصادر ضده.
وقال محاميه جميل الخطيب، إن الحالة الصحية لعلان بدأت بالتحسن، ولكن حتى الآن لم تظهر التبعات والضرر الذي مر به علان خلال فترة إضرابه وتأثير ذلك على وضعه الصحي، حيث يرقد في العناية المكثفة. وحسب الأطباء هناك خطورة على حياته، وحتى هذه اللحظة يرقد في السرير ولم يمش خطوة واحدة.
وأضاف الخطيب في حديثه لـ"
عربي21"، أن علان بحاجة إلى عشرة أيام حتى يتمكن من تناول الطعام.
وكان مدير الوحدة القانونية في نادي الأسير الفلسطيني المحامي جواد بولس، قال في تصريح له إن محكمة إسرائيلية أكدت أن أمر الاعتقال الإداري الصادر بحق محمد علان، "قانوني ولا غبار عليه، ولم يقرروا إلغاءه، لكن لأن محمد مصاب بدماغه ويرقد في حالة عجز كامل فهو لا يشكل خطرا في هذه الأثناء على سلامة الجمهور وعليه يقررون تعليق أمر الاعتقال بحقه".
ويرى الخطيب أن النيابة الإسرائيلية اعتبرت اتخاذ قرار الاعتقال الإداري بحق علان هو قانوني، ولكن تم اتخاذ قرار تعليق الحكم، وبالتالي خروجه من السجن بسبب سوء وتدهور وضعه الصحي.
ونوه، إلى أن الفرق بين التعليق وإلغاء أمر الاعتقال الإداري، هو أن الأخير بمنزلة تحقيق النصر لمحمد وأيضا يعطي رسالة للأسرى الإداريين أن خوض إضراب عن الطعام هو وسيلة لنيل حريتهم وأيضا يعطيهم دعما معنويا.
وسبق علان، إضراب خضر عدنان عن الطعام لمدة 56 يوما، الذي بدأه في 8 أيار/ مايو 2015، مما شكل ضغطا على الحكومة الإسرائيلية التي قررت الإفراج عنه والتعهد بعدم اعتقاله إداريا.
وأبلغت النيابة الإسرائيلية إدارة مستشفى "برزيلاي"، الأحد، أنه بالرغم من قرار المحكمة العليا "تعليق" أمر الاعتقال الإداري للأسير محمد علان، فإنه يمنع من الخروج خارج نطاق المستشفى، إلا بمصادقة الجهات المخولة.
وبحسب موقع "يديعوت أحرنوت"، فإنه يتم إصدار تصريح مكوث لعلان يوميا من قبل ما يسمى "ضابط التنسيق والارتباط"، بحيث يسمح له بالمكوث في نطاق المستشفى فقط.
وأضافت الصحيفة أن حارسا وضع على مدخل المستشفى لضمان "عدم خرق علان للتصريح".
والأسير محمد علان، يعمل محاميا، من سكان قرية عينبوس قرب نابلس شمال الضفة الغربية، معتقل منذ 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، وأعلن الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام منتصف حزيران/ يونيو الماضي؛ رفضا لاستمرار اعتقاله الإداري دون محاكمة.
"عقوبة" الاعتقال الإداري
ورأى المحلل السياسي هادي شيب، أن الاعتقال الإداري بمنزلة عقاب "كالباب الدوار"، حيث يعتقل "المناضل لفترة زمنية دون توجيه تهمة محددة، ودون إجراء أي محاكمة، وهو أسلوب ممارس عن سياسية الاستعمار".
ويبلغ عدد الأسرى المعتقلين بسجون
الاحتلال حسب هذا النظام ما يقارب 120 أسيرا فلسطينيا.
وحول هدف الاحتلال من ممارسة هذه السياسة قال في حديثه لـ"
عربي21": "هذه إستراتيجية تمارس على المعتقل لإدخاله بحالة نفسية تكون أكثر صعوبة من السجن بحد ذاته، وفي مقابل هذه الإستراتيجية الاستعمارية الصهيونية تمكن الأسير الفلسطيني بدءا من سامر العيساوي الذي خاض أطول إضراب دام لمدة شهور، وعدنان خضر الذي حاز على حريته عبر سلاح المقاومة السلمية القائمة على الإضراب عن الطعام من أجل كسر هذه السياسية القهرية، وقد تمكن الأسير الشاب محمد علان من بدء إضرابه عن الطعام في سبيل حصوله على حرية مقابل الموت".
وأضاف، "حصل على تعليق الحكم الإداري، وليس الإفراج عنه مقابل فك إضرابه، وهذا يعتبر من وجهة نظري تراجعا عن المطلب الأساسي المتمثل في الحرية خاصة بأن محمد علان لا يمثل جمعية حقوق الإنسان مما يمكنه من الضغط على الكيان الإسرائيلي في الرضوخ لمطالبه ما دامت في سياق فردي".
وأوضح، "ما أقوله هنا أنه حتى الآن لم يجر توفير الظروف للحركة الأسيرة التي تمكنها من التحول إلى حركة وطنية داخل المعتقلات وحركة وطنية خارج المعتقلات تدعم هؤلاء الأسرى باعتبارهم رجال مقاومة، وهذه مسؤولية منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والسلطة الوطنية على اعتبار أنها بدأت بنقل ملفاتها للمجتمع الدولي والمحاكم الدولية"، برأي الشيب.
وأضاف "لا يكفي تقديم تقارير للأمم المتحدة عن هذه الانتهاكات بل تقديم شكوى قانونية ضد الاحتلال تقاضي بها. وينبغي في ظل هذه المقاومة توحيد الشق الفلسطيني وإنهاء الانقسامات".
الإضراب وسيلة احتجاج
ويلجأ الأسير الفلسطيني لخوض الإضراب عن الطعام كـ"وسيلة مقاومة أخيرة ضد سياسة
السجان الذي يمعن في تعذيبه وإقصائه عن عالم يعيش به بحرية وكرامة"، كما قال الأسير المحرر والناشط قاسم عواد.
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21" أن الأسير "يلجأ للإضراب كونه وسيلة احتجاج سلمية أمام الممارسات العنجهية، ليقول من خلالها للسجان إني أرفض أشكال الحياة القمعية الاحتلالية التي تمارس ضدي؛ ويوصل رسالة أن الاحتلال فشل في معركة الإرادات بأن يتغلب على محتوى الأسير الوطني و النضالي وأن إرادة مقاومة هذا السجان في ذروة الإيمان بحتمية انتزاع الحقوق منه".
وبالمقابل يعني الإضراب للسجان برأي عواد "أن الأسير يتحداه بطريقة تحرج كل ادعاءاته بأنه يحفظ حقوق الإنسان، ويلتزم بالمعاهدات والمواثيق الدولية، وفضح ممارسات الاحتلال التي دفعت بالأسير لخوض هذا الإضراب".
ويلجأ الاحتلال فور شروع الأسير بالإضراب برأي عواد إلى سلسلة من الإجراءات "القمعية التي يحاول من خلالها إيصال رسالة إلى الأسير بعدم مبالاته بالإضراب الذي يخوضه، ويصادر منه كل حوائجه الشخصية، و يلجأ أحيانا لعزل الأسير المضرب".
وخلال وجود علان في المستشفى بعد تدهور وضعه الصحي، كانت قدمه مقيدة بالسرير، وأرجع عواد هذا التصرف إلى أن الاحتلال "وصل لقمة قمع الذات، في محاولة منه أن يشعر الأسير بأن استشهاده لن يهبه الحرية التي يناضل ويضرب عن الطعام من أجلها".
وكان رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، قال إن هيئة الأسرى بصدد إعداد إستراتيجية وطنية بالتنسيق مع القوى والفصائل كافة في السجون لوقف الإضرابات الفردية، وتوحيد الرؤية الجماعية التضامنية في البرامج النضالية والإحتجاجية في السجون، وذلك لمواجهة الإجراءات والقوانين الإسرائيلية التي تستهدف الأسرى كافة.
وقال في تصريحات صحفية مؤخرا إن "مرحلة جديدة في حياة الأسرى قد بدأت، حيث أصبحوا هدفا سياسيا وانتقاميا لحكومة الاحتلال، مما يتطلب قيادة وطنية موحدة داخل السجون، ووضع برامج وخطط مشتركة ووضع حدّ للإضرابات الفردية التي رغم ما فيها من تحد بطولي لكنها مكلفة جدا وخطيرة، وأن أي موقف جماعي يكون أكثر صدى ونجاعة وأقل تكلفة وأكثر قدرة على تحقيق أهداف الأسرى وتحسين أوضاعهم".