تناولت صحيفة "نيويورك تايمز" القرار التعسفي الذي أصدرته محكمة
مصرية على صحافيين في قناة "
الجزيرة" الإنجليزية، حيث أصدر قاض حكما عليهم؛ "لأنهم كرسوا أنفسهم للصحافة".
وخصصت الصحيفة افتتاحيتها للموضوع، وتناولت فيها مهمة المتاعب التي باتت تتعرض للخطر. وكتبت تحت عنوان "الصحافيون الأجانب يتعرضون للخطر".
وتشير الافتتاحية إلى حالات تعرض فيها هؤلاء الصحافيون للمتاعب من أنظمة استبدادية، كما في أذربيجان، حيث لم يسمح قاض لصحافية حائزة على جوائز دولية بإكمال حديثها، وحكم عليها بالسجن مدة سبع سنوات. وأشارت أيضا إلى اعتقال السلطات التركية ثلاثة صحافيين يعملون لصالح قناة "فايس" البريطانية، بتهمة تقديمهم العون لتنظيم الدولة قبل أن تفرج عنهم.
وتقول الصحيفة إن "جهود الحكومات لإسكات الصحافيين تركت أثرا ضارا على مهنة
الصحافة، في وقت أصبحت فيه الحاجة ماسة لجمع معلومات إخبارية".
وتبين الافتتاحية أن الحكم في القاهرة على كل من محمد فهمي وباهر محمد وبيتر غريستي، الذي تم ترحيله في بداية هذا العام، قد أسمته الصحيفة "خاتمة لمهزلة العدالة التي تدور منذ وقت طويل".
وأشارت إلى أن "الاتهام لم يكن أبدا عن سلوك الصحافيين، فقد كانوا بيدقا في النزاع بين مصر وقطر، وهي الدولة الخليجية الثرية التي دعمت المنظمة الاجتماعية الإسلامية الإخوان المسلمين".
وتقول الصحيفة عن موقف الولايات المتحدة من الحكم إنها أصدرت بيانا قالت فيه إنها "تشعر بخيبة أمل عميقة" لنتيجة
المحاكمة. وتستدرك قائلة بأن "إدارة أوباما لم تكن لتدهش، فانتهاكات حكومة عبد الفتاح
السيسي متكررة، وقد رد عليها المسؤولون الأمريكيون الكبار، وبينهم وزير الخارجية جون كيري، بطريقة ساذجة، وأمل أن تكبر القاهرة وتخرج من مرحلتها الديكتاتورية".
وتلفت الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إلى أن الصحافية التي منعت من إكمال كلامها في أذربيجان هي خديجة إسماعيلوف، وهي مقدمة برنامج إذاعي شهيرة، وقد تم اعتقالها في كانون الأول/ ديسمبر، بناء على اتهامات غريبة، وهي أنها حرضت صديقة وزميلة على الانتحار. موضحة أن السبب الحقيقي هو التقارير التي نشرتها إسماعيلوف عن فساد المسؤولين الكبار في حكومة إلهام علييف، وأن ابنه البالغ من العمر 11 عاما ظهر في وثائق أنه مالك لبناية قيمتها 11 مليون دولار أمريكي في دبي.
وتفيد الصحيفة بأنه لو سمح لخديجة إسماعيلوف بقراءة بيانها المعد سلفا حتى النهاية، فإن القاضي رميلة الله فريدييفا كان ليسمع السطر القوي "أتمنى لك عطلة جميلة بعد نطق الحكم، وأتمنى لك يوما سعيدا عندما تسافر في رحلتك دون عذاب وضمير هادئ".
وتنوه الافتتاحية إلى أنه من بين الذين اعتقلتهم تركيا محمد إسماعيل رسول، وهو أحد الثلاثة العاملين في تلفزيون "فايس"، ولا يزال في الحجز.
وترى الصحيفة أن الموجة من الهجمات على الصحافيين تدعو إلى رد قوي من المجتمع الدولي. ويجب على الشرطة الدولية "إنتربول" تطوير آلية ترفض فيها إلقاء القبض على الصحافيين، الذين صدرت عليهم أحكام بطريقة عشوائية. وتجد أن هذه الآلية قد لا تساعد الذين صدرت عليهم أحكام في أوطانهم، أو لا يريدون مغادتها، لكنها ترسل رسالة واضحة.
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالإشارة إلى أن على قادة العالم في الوقت ذاته، أن يقوموا بعمل أكثر من إصدار بيانات تافهة تعبر "عن القلق العميق"، بل عليهم التحدث بصوت عال.