يبدو أن الخلافات الخفية بين النظامين السعودي والمصري، باتت تطفو عل السطح في هذه الأيام، فبعد تأكيد العديد من وسائل الإعلام والشخصيات
السعودية نية الملك العودة إلى القاهرة من واشنطن، نفى وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، الأنباء التي تحدثت عن
زيارة مزمعة للملك
سلمان إلى
مصر، في طريق عودته من واشنطن.
ويعرف الوسط الإعلامي المصري حالة من التخبط والتناقض بشأن الزيارة المزعومة التي سيقوم بها العاهل السعودي الملك سلمان إلى القاهرة، حيث أوردت عدة صحف ومواقع صحفية مصرية جملة من الأخبار تشير إلى أن سلمان سيزور قائد الانقلاب
السيسي بالقاهرة، وأن هناك قمة ستعقد ظهر الإثنين بين الطرفين.
وكان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، نفى الجمعة، الأنباء التي تحدثت عن زيارة مرتقبة للملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر، في طريق عودته من واشنطن.
غير أنه رغم نفي الخارجية السعودية لهذه الزيارة، إلا أن الإعلام المصري استمر في نشر الأخبار المتعلقة بها، حيث نشرت جريدة "أخبار اليوم"، المصرية تقرير حمل عنوان: "قمة مصرية - سعودية بالقاهرة" الإثنين".
وزعمت الصحيفة أن وفدا كبيرا سيرافق العاهل السعودي من الوزراء والخبراء، مؤكدة أنه سيتم خلال الزيارة توقيع عدة اتفاقيات وبروتوكولات في مجالات الطاقة والتعليم والثقافة والإعلام والعمل، على حد قولها.
وكانت صحف مصرية نقلت، نهاية آب/ أغسطس الماضي، عن وكالة "أسوشيتد برس"، أنباء عن عزم الملك سلمان التوجه من واشنطن إلى القاهرة، في أول زيارة رسمية له لمصر بعد توليه العرش.
وعن أسباب إلغاء هذه الزيارة التي ينتظرها النظام الانقلابي بشوق كبير، قال الناشط السعودي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" (مجتهد) إن "تسرب معلومات عن ترتيبات إماراتية مصرية ليست في صالح السعودية من بين الأسباب التي جعلت الزيارة لم تتم".
وذكر ناشط آخر أن الخلاف بين السعودية ومصر بخصوص الأزمة السورية، واختلاف موقف السعودية ومصر بالنسبة لبشار الأسد، حيث يشدد موقف السعودية على أنه لا مكان لبشار في سوريا. فعدم تجاوب مصر مع هذا الموقف يعتبر سببا وجيها لعدم زيارة سلمان للسيسي الذي تلقى دعما سعوديا خلال انقلابه.
وحسمت تصريحات الجبير الجدل القائم حول ضبابية العلاقة بين النظام السعودي ونظام السيسي الانقلابي، حيث يرى مراقبون أنه مثلما كان رفض الملك سلمان حضور قمة كامب ديفيد الأمريكية السابقة رسالة لأمريكا، يأتي إلغاء زيارته للقاهرة أو رفضه القيام بها حاليا، رسالة سعودية للقاهرة أيضا، فهناك العديد من الملفات العالقة بين مصر والسعودية.
ويتضح تباين الموقفين المصري والسعودي في العديد من الملفات الإقليمية الحساسة، فعلى الصعيد اليمني لم تكن حسابات الحقل السعودي كحسابات البيدر المصري، فبعد أن رفضت مصر المشاركة في التحالف العربي الذي قادته السعودية في حربها على الحوثيين باليمن، تؤكد العديد من المصادر سعي القاهرة لبلورة حل سياسي للأزمة، خاصة أنها استقبلت وفودا يمنية من حركة أنصار الله الحوثية في خضم الحرب المستعرة باليمن، وبالتزامن مع زيارة الرئيس المصري إلى الرياض.
ويظهر خلاف واضح بين قائدي البلدين حول سوريا؛ حيث تفضل مصر الحل السلمي، إلا أن السعودية تصر على رحيل الرئيس بشار الأسد شرطا أساسيا لحل الأزمة، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى الزيارة التي قام بها رئيس الانقلاب السيسي إلى العاصمة الروسية والحديث عن تأليف جبهة مشتركة لمحاربة الإرهاب، بمشاركة الرئيس السوري بشار الأسد، ضدا على رغبة الخليجيين الذين يرون أن أي حل في سوريا يجب أن يتضمن رحيل الأسد.
من جهة أخرى قال الكاتب المصري ورئيس تحرير صحيفة "المصريون"، جمال سلطان، إن السعودية عطلت مشروع "السيسي" في ليبيا، عبر طلبها تأجيل الاجتماع الخاص بتوقيع بروتوكول القوة العربية المشتركة، وهو الطلب الذي وافقت عليه الجامعة العربية.
ولم تستجب الرياض في آذار/ مارس الماضي لحماسة الرئيس المصري في مشروع القوة العربية المشتركة، بل كانت مترددة تجاه المشروع، بخلاف مصر والإمارات.
يشار إلى أن المملكة العربية السعودية كانت أول داعم للانقلاب الذي قاده الجنرال عبد الفتاح السيسي على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في تموز/يوليو 2013، كما دعمت السعودية النظام المصري بملايير الدولارات وساير التوجهات المصرية في اعتبار جماعة الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية".