نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية، تقريرا حول آخر تطورات الصراع بين جهازي الرئاسة والمخابرات في
الجزائر، قالت فيه إن سقوط الرجل القوي في جهاز المخابرات،
الجنرال توفيق، يؤشر على
تغييرات عميقة في المشهد السياسي الجزائري، من بينها التحضير لاختيار خليفة
بوتفليقة، والمصالحة مع
الإسلام السياسي لمواجهة خطر
التيار السلفي.
وأشارت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إلى إحالة الجنرال توفيق -الذي قاد المخابرات منذ 25 سنة- على التقاعد، الأحد الماضي، بقرار من الرئيس بوتفليقة، وتعويضه بالجنرال عثمان طرطاق، الذي كان يعتبر الرجل الثاني في هذا الجهاز.
وذكرت أن الجنرال توفيق، واسمه الحقيقي محمد مدين، كان -لعقود- الحاكم الفعلي للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الجزائر، عبر قيادته لجهاز المخابرات، الذي يعده كثيرون -على غرار منصورية مخافي الباحثة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية- بمثابة "دولة داخل الدولة".
ويعتبر الجنرال توفيق اليد الحديدية التي واجهت بالحديد والنار الحركات الإسلامية التي نشطت في الجزائر خلال فترة التسعينيات، ما جعل اسمه واسم المخابرات يرتبطان بالقمع والدموية.
واعتبرت الصحيفة أن صورة الجنرال توفيق، الرجل الأقوى في الجزائر، اهتزت منذ فترة بسبب بعض الإخفاقات الأمنية المتتالية، مثل عملية احتجاز الرهائن في منشأة عين أميناس في كانون الثاني/ يناير 2013، بالإضافة إلى قيامه بإثارة ملفات فساد تمس مقربين من الرئيس بوتفليقة، وخاصة فضيحة فساد شركة سونطراك التي تورط فيها وزير الطاقة شكيب خليل.
ونقلت "لاكروا" عن منصورية مخافي قولها إن "الجنرال توفيق لم يرحب بفكرة ترشح بوتفليقة المريض للعهدة الرابعة، ثم شرع في تحضير خطة احتياطية للتصرف في حال عجز الرئيس عن الاضطلاع بمهامه".
وأضافت هذه الباحثة أن "ما حدث يوم الأحد كان المرحلة الأخيرة من خطة انطلقت مع عودة بوتفليقة من رحلة العلاج في باريس، في كانون الأول/ ديسمبر، وقد شملت الخطة إقالة العديد من الجنرالات، وسحب صلاحيات جهاز المخابرات، من أجل منح المزيد من القوة لمعسكر الرئاسة".
وأوضحت مخافي أن "سقوط الجنرال مدين؛ يحمل في طياته ثلاث دلالات؛ هي تعزيز سلطة جهاز الرئاسة، وتأكيد تفوق الجيش على المخابرات، وبدء التحضيرات في الكواليس لخلافة بوتفليقة".
واعتبرت منصورية أن هذا التغيير قد يؤدي إلى تغييرات أكثر عمقا وخطورة في المستقبل، مثل الانفتاح على تيار الإسلام السياسي، بهدف التصدي للحضور المتزايد لأفكار وسلوكات التيار السلفي في المجتمع الجزائري.
وفي هذا السياق؛ أشارت الصحيفة إلى أن تعيين محمد عيسى، الإصلاحي والإسلامي المعتدل، على رأس وزارة الشؤون الدينية في أيار/ مايو الماضي؛ أطلق التكهنات بشأن حصول مصالحة بين النظام الحاكم وبين المعارضة الإسلامية، وهو ما عززه السماح للعديد من الأعضاء القدامى في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، بالعودة تدريجيا للنشاط السياسي، رغم صدور قرار بحل الحزب، ومنعهم من النشاط خلال سنوات الحرب الأهلية.