تناولت الكاتبة
اللبنانية سلوى فاضل، في مقال لها، الحملات الدينية التي تقوم بها
إيران في لبنان، في محاولة "لدمج المشروع الديني مع السياسي"، قائلة إن إيران تعمل على ما يبدو على "تخدير
الشيعة في العالم"، وذلك من خلال ما يقوم به أصحاب الحملات الدينية من رحلات دورية إلى
المقامات، بصحبة الجمهور الشيعي.
وقالت إنه أثناء رحلتها إلى إيران ظهر لها التركيز على مسألة تقديس المقامات والأضرحة من خلال برامج زيارات مكثّف لعدد غير قليل من الشخصيّات المعروفة منها وغير المعروفة.
وأوضحت -وفق ما نشرته في موقع "جنوبية" اللبناني المعارض لسياسات حزب الله- أن هدف إيران من ذلك هو دمج المشروع الديني مع السياسي، من أجل الخروج بعقيدة شيعية مجاهدة.
ولاحظت الكاتبة اللبنانية، وهي من الطائفة الشيعية، أن الزائر لهذه
الأضرحة والمقامات يرى الإنفاق الهائل والبذخ على مجمّعات دينية مرفقة بالضريح، ضخمة كبيرة، وذات زركشات مميزة ومُكلفة، إضافة إلى العدد الهائل من الموظفين والموظفات والعمال والحرس والمنظمين والإداريين، وهذا كله ينطبق على جميع المقامات المنتشرة بكثافة في إيران.
وأضافت: "هناك سلسلة طويلة من المقامات والأضرحة، بحيث يستغرب المرء كيف انتقلوا جميعهم من شبه الجزيرة العربية إلى إيران في العصر العباسي والأموي، علما بأن التشيّع لم يكن قد وصلها في ذلك الوقت".
وقالت: "إن هذا الأمر هو ما لاحظنا انتقاله إلى لبنان بعيد حرب تموز 2006، ففي الضاحية الجنوبية لبيروت بالذات، تم بناء العشرات من المجمّعات، حيث بتنا نسمع عن عدد من المجمعات الدينية في المنطقة الواحدة".
ولاحظت الكاتبة أن المعرّفين وأصحاب الحملات يستبعدون زبائنهم من الزوّار عن مواقع التراث والتاريخ والحضارة الفارسيّة والمتاحف، على الرغم من أن هذه الدولة غنيّة بحضارتها وتاريخها ودور قادتها قبل الإسلام، إضافة إلى دورها المعاصر، سواء على عهد الشاهنشاهية أو الجمهورية الإسلامية، وفق قولها .
ووصفت الكاتبة الجمهور الشيعي بـ"البريء"، وأنه "جمهور مؤمن ساذج طيب، ويتأثر بسهولة بمن يساهم في ترويج هذه الحملات لوجوبها الديني، بعد تأكيد استحبابها من قبل رجال الدين".
ولفتت إلى أن ما يدعو إلى السخرية هو أن أصحاب الحملات ينكثون بوعودهم للزوار في كثير من الأشياء التي وعدوا بتقديمها لهم في رحلتهم، ويبررون تقصيرهم بالقول إن الزائر كلما تعذّب خلال زيارته لآل البيت كسب أجرا أكبر!
أما في إيران، فقالت الكاتبة: "من شدة الازدحام تحسب أن الشعب الإيراني بمجمله يقضي أوقاته داخل المقامات ليل نهار، ما يدفع المرء إلى التساؤل: متى يعملون؟ متى يعيشون حياتهم مواطنين؟ متى يكونون خارج إطار المقامات؟ ومتى ينتجون؟".
فالمقامات الدينية دوما مليئة بالناس، كبارا وصغارا، لدرجة يعتقد معها المرء أنهم يفكرون في الداخل، على حد تعبيرها.
وانتقدت إيران قائلة: "رغم أنها بلد الدقة، لكنها أيضا بلد البرودة و(البلادة)، وهم بالذات من يُطلق عليهم مقولة الذبح بالقطنة، ما يدفع للتساؤل: كيف قام هذا الشعب البارد بثورته النارية التي خلعت شاه إيران المستكبر العظيم؟".
وتساءلت الكاتبة: "هل يتعظ الزّوار الشيعة من إيران الدولة، أم أننا فقط نقوم بزيارة مراقد دينية مقدسة لأئمة رحلوا منذ مئات السنين دون أي عبرة أو درس تاريخي منّا نحن المعاصرين؟".
ولفتت في نهاية المقال إلى أن الإيرانيين يتعاملون مع الزوار بازدراء حتى داخل المقامات الدينية.