السيسي وتعديل الدستور: نحو رئاسة فاعلة أم ديكتاتورية؟

"الدستور المصري كتب بنوايا حسنة، والدول لا تُبنى بالنوايا الحسنة"، عبارة أطلقها رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، في لقائه الأحد الماضي طلابا من جامعة السويس بالإسماعيلية، أثارت جدلا واسعا على الساحة السياسية والإعلامية.

وذهب المؤيدون إلى ضرورة تعديل الدستور بتوسيع سلطات "رئيس الجمهورية"، وتقليص صلاحيات "البرلمان"، فيما عد المعارضون ذلك "خطوة في اتجاه حكم الفرد الواحد بصلاحيات مطلقة".

التعديل "يلهي" الناس عن البرلمان

وقال الفقيه الدستوري شوقي السيد، إن إثارة مسألة تعديل الدستور هي "إلهاء عن قضية انتخابات البرلمان الأساسية، التي يجب أن تؤخذ بالاعتبار في المقام الأول، وأن تُجرى في وقتها".

وأضاف لـ"عربي21" أن السيسي قصد في حديثه عن الدستور؛ أنه "وُضع بطموحات كبيرة قد تكون غير واقعية، ولا تلائم الظروف التي نعيشها حاليا"، مشيرا إلى أن "بعض نصوص الدستور قد تسبب مشاكل عند التطبيق".

وبشأن آلية تعديل أي نص في الدستور، بين أن "الدستور وضع آليات تعديله في الباب الأخير من أبوابه، لكن ذلك يتطلب إجراءات معقدة، ووقت طويل".

ولفت إلى وجود "نحو 500 تشريع لا بد من مناقشتها في مجلس النواب المقبل، في غضون 15 يوما، ومسألة تعديل الدستور ليست ملحة ولا عاجلة، خاصة وأنه أطول دستور في العالم، وفيه نصوص ملغمة" على حد تعبيره.

تقارير أمنية أرجأت الانتخابات

على الجانب الآخر؛ استنكر وزير العدل الأسبق أحمد سليمان "سعي السيسي لتوسيع صلاحياته وجعلها مطلقة".

وقال لـ"عربي21" إنه "بالرغم من أن الأجواء لا تؤشر على إفراز برلمان له أي قيمة تذكر؛ إلا أن السيسي خائف"، معللا هذا الخوف بـ"تلقي رئيس الانقلاب تقارير أمنية منذ شهور، توصي بإرجاء الانتخابات البرلمانية لحين تهيئة مناخ سياسي مناسب للوصول إلى برلمان موائم لتمرير قوانينه وقراراته".

وأضاف: "النظام لا يعترف بدستور، ولا قانون، ولا انتخابات، ولا حرية، وكل شيء تحول إلى التعيين بناء على ما يجيء في التقارير الأمنية".

تعديل الدستور أول مهمة للبرلمان

بدوره؛ أكد عضو المكتب السياسي لحزب مصر القوية، محمد القصاص، "وجود توجه واضح لدى السلطات لتجاوز الدستور، بالرغم من تحفظنا عليه" كما قال.

وتوقع أن تكون أولى مهام البرلمان المقبل "تعديل صلاحيات الرئيس"، مشددا على أنه "عقب ثورة يناير قلصت جميع الدساتير من صلاحيات الرئيس، بعد أن عاشت مصر أزمنة بصلاحيات مطلقة لرئيس الجمهورية".

السيسي وتأبيد السلطة له

من جهته، رأى المنسق العام لحركة "قوميون وناصريون ضد المؤامرة"، سيد أمين، أن السيسي يهدف "إلى تأبيد السلطة له، والإمساك بزمام الأمر كله، دون منازع"، حسب تعبيره.

وحول كيفية تعديل الدستور، قال أمين لـ"عربي21": "لا شك أنه تم تجهيز المشهد في البرلمان المقبل للموافقة على أية تعديل يرغب فيه السيسي"، مضيفا: "سيكون (البرلمان) مرتبطا ارتباطا جنينيا بالنظام القائم، وليس لديه الجرأة أو البطولة لمواجهة رغباته".

السيسي لم يبين مقصده

أما الكاتب الصحفي سليمان جودة، فقد ذهب إلى أنه "لا يمكن تجاهل تصريح "الرئيس السيسي" عن الدستور، ولكن الأولوية الآن للبرلمان المقبل".

وقال لـ"عربي21": "البرلمان الحالي يوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهناك من يرى أنه يقيد دور الرئيس ويجور على حقه".

وأضاف: "إلا أن السيسي لم يبين مقصده من الكلام، فإذا كان يقصد المادة المتعلقة بمدة توليه الرئاسة فلا يمكن مدها، وسيكون عليها اعتراض كبير، ولكن إذا كان الحديث عن صلاحيات أكثر لرئيس لجمهورية فلا بد أن تكون بضوابط".

ورأى أن "البرلمان المقبل لن يكون برلمانا ذا قيمة"، معللا ذلك بأن "كل من له قيمة تجنب ترشيح نفسه"، وأنه "سيكون خليطا بين التيار الديني بكل أشكاله، ورموز الحزب الوطني، ورجال الأعمال ولا يجمع بينهم أي جامع"، وفق تعبيره.

الدستور يستنسخ التجربة اللبنانية

وتحدث رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، عن ضرورة تعديل الدستور الذي وصفه بأنه "صنيعة أمريكية"، ويهدف لاستنساخ تجربتي لبنان وأوكرانيا.

وقال لـ"عربي21": "من أعد لجنة الدستور هو محمد البرادعي نائب الرئيس آنذاك، ورئيس الحكومة حازم الببلاوي"، معربا عن اعتقاده بأنه "أسوأ دستور في تاريخ البلاد، وهدفه إسقاط الدولة المصرية، وخلق تنازع صلاحيات بين الرئيس والحكومة والبرلمان"، على حد قوله.

من جهته، أشار المستشار الإعلامى لحزب الوفد، معتز صلاح الدين، لـ"عربي21" أن "حزبه من أوائل الأحزاب التي دعت لتعديل الدستور"، لأنه " أعطى سلطات أكبر للسلطة التشريعية على حساب سلطة رئيس الجمهورية"، كما قال.

وتابع: "لا نريد رئيسا ديكتاتوريا، ولكن في الوقت نفسه يجب أن يحظى بسلطات تمكنه من تسيير أمور البلاد"، حسب تقديره.