أوردت صحيفة الأخبار اللبنانية، التابعة لحزب الله اللبناني، في تقرير لها، أن مدينة عدن العاصمة السياسية للرئيس
اليمني عبد ربه منصور
هادي، تعد حاليا "ملعبا للنفوذ
الإماراتي الذي يستخدم خالد بحاح للقضاء على نفوذ حزب
التجمع اليمني للإصلاح والقاعدة، وموجها ضربة لهادي في آن واحد".
ورأت الصحيفة أن عودة بحاح إلى عدن تعكس "الصراعات في ثنايا العدوان (بين الإمارات والسعودية المشاركتين في التحالف العربي) أكثر من أي وقت مضى "، خلافا لما يروّج له التحالف من كون عودة بحاح تحقيقا لأهداف الحرب على اليمن.
وتعتبر الصحيفة أن عودة بحاح إلى عدن، في ظل تردّي الأوضاع الأمنية والسياسية انتقالا للصراع بينه وبين هادي من الرياض إلى عدن، حيث يتحالف الأخير مع حزب الإصلاح، بينما يعدّ في الوقت ذاته مناهضا لـ"الإخوان المسلمين" وقريبا من دولة الإمارات.
ووفقا للصحيفة، فإن خالد بحاح حليف الإمارات سيكون في مواجهة مباشرة مع حلفائه وشركائه في الحكومة المدعومة من التحالف العربي، حيث سيواجه على جبهتين:
الأولى، حسم الصراع مع الرئيس هادي، الممسك بكل المعونات والمقدرات من خلال نجله.
أما الثانية، فستكون مع "
القاعدة" والمجموعات المسلحة الأخرى و"الإصلاح".
وقالت الصحيفة إن هادي بدأ يشعر بأنه خارج التسويات، خصوصا أن النصوص الأخيرة لمبادرات الأمم المتحدة تضمنت عودة الحكومة الشرعية وليس الرئيس الشرعي.
ولفتت إلى أن الرعاة الإقليميين أطلقوا أبواقهم الإعلامية ضد هادي، واصفين إياه مع عدد من الشخصيات بأنهم هم الذين تسببوا في الأزمة.
وأوضحت أنه تم تسليط الضوء على ابن الرئيس هادي، جلال، من قبل الإعلام الخليجي والغربي، بوصفه "الثقب الاسود" الذي ابتلع معونات الخليج والسعودية خلال فترة الحرب، بحسب ما نشرته صحيفة "فورين بوليسي" الأمريكية.
وبحسب الصحيفة فإن هذا الوصف يأتي مباشرة بعد وصول بحاح إلى عدن.
وهاجمت "الأخبار" جلال، متهمة إياه بتحويل الحكومة إلى مزارع خاصة تتحكم في المشاريع والمقاولات العمرانية الجارية بالتعاون مع شركاء موصوفين بالفساد والبلطجة.
ونقلت الصحيفة عن أحد قيادات الحراك الجنوبي، أن 100 مدرعة إماراتية اختفت، بعد أن كان قد تم تسُليمها للفصائل المسلحة الجنوبية.
وكشف المسؤول الحراكي أن دولة الإمارات سلّمت الشرطة مئات السيارات، غير أنها سرعان ما أصبحت في أيدي المنظمات المسلحة.
وحذّرت جهات عسكرية في عدن من مغبة إخفاء المدرعات، مشيرة إلى أنها مجهزة بنظام "جي بي أس" عبر الأقمار الاصطناعية ويمكن تحديد مكانها.
يشار إلى أن الإمارات هددت في وقت سابق بسحب قواتها من مدينة عدن إلى مأرب، بعد أن سُرقت عدد من العربات العسكرية من قبل عناصر الحراك الجنوبي المطالبة بانفصال اليمن.
وأبلغت الإمارات العربية، التي تشارك في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، الشيخ صالح بن فرايد العولقي، أحد مشايخ محافظة شبوة، استياءها من تصرفات القوى الجنوبية وعناصر الحراك في عدن.
واتهمت صحيفة "الأخبار" قوات التحالف العربي بالتعاون مع القاعدة في جبهات القتال بمواجهة الحوثيين والقوات الموالية لعلي عبد الله صالح.
وقالت إن "تنظيم القاعدة يتمدد بسرعة دون اعتراضه، أو الحد من سرعة انتشاره"، إلى جانب تمدد قوات المقاومة الشعبية.
وفي سياق الدور الواضح الذي تؤديه الإمارات في اليمن، فقد أجبرت الإمارات هادي على الإطاحة بمحافظ عدن نايف البكري، بسبب انتمائه لحزب الإصلاح الممثل للإخوان المسلمين في اليمن، على الرغم من الإجماع الذي يحظى به البكري بين أبناء المدينة وفصائلها المقاومة.
وكشف مصدر مطلع في الحكومة اليمنية لـ"عربي21"، طلب عدم الكشف عن هويته، أن "المسؤولين الإماراتيين طرحوا فكرة إقالة البكري على هادي أثناء زيارته لإمارة أبو ظبي الشهر الماضي".
ويرى متابعون للشأن اليمني أن الدور المتصاعد لـ"أبو ظبي" في الأزمة اليمنية يُجسّد ارتفاع سقف طموحاتها، "لدرجة أنها تسعى لتقاسم النفوذ مع السعودية التي تعتبر جارتها الجنوبية" عمقا استراتيجيا، لا يشاركها فيه أحد، منذ تأسيس المملكة، وهو الأمر الذي استبعده سياسيون يمنيون على المدى المنظور.
وفي الإطار ذاته، يتوقع خبراء تحدثوا لـ"عربي21" أن "تحقق دولة الإمارات مكاسب اقتصادية ضخمة، عبر الإشراف على كثير من مصالح اليمن الاقتصادية، خصوصا الموانئ، والثروة السمكية، وجزيرة سقطرى"، وغيرها من المشاريع ذات العائد المادي الكبير".
وبحسب متابعين للشأن اليمني، تطمح الإمارات من مساعيها في اليمن إلى تحقيق عدد من الأهداف، أولها عرقلة نشوء أي تحالف بين حركة الإصلاح (الإخوان المسلمون في اليمن) والسعودية، حيث تضع أبوظبي على سلم أولوياتها محاربة الإسلام السياسي الذي استفاد من ثورات الربيع العربي، قبل أن يُطاح بأكثر آماله، وتجلى ذلك في التحفظ الشديد على تعيين محافظ عدن الإصلاحي نايف البكري، وكذلك محاولتها توجيه العمل العسكري بعيدا عن تعز، حيث يقود المقاومة في تعز الإصلاحي حمود المخلافي.
أما الهدف الآخر الذي تريده الإمارات من اليمن، فهو السيطرة على دولة بالغة الأهمية، سواء من حيث الموقع الجغرافي، أو من حيث الأهمية الاستراتيجية، وهي الأهمية التي تتعلق بحركة الملاحة الدولية أولا، وتتعلق بالجزيرة العربية ثانيا، حيث "تعدّ اليمن الخاصرة الجنوبية للجزيرة العربية، وما يجري فيها يؤثر مباشرة على الأمن القومي الخليجي".
وتعدّ اليمن محل نفوذ ومركزا مهما للسعودية منذ أن تأسست المملكة وربما قبل ذلك، كما أن مشروع توحيد اليمن القرن الماضي تم بمباركة سعودية وإشراف مباشر من الرياض، وهو ما يعني أن أبوظبي تنازع الرياض لأول مرة في تاريخها على النفوذ في اليمن والتأثير هناك، الأمر الذي يفتح الكثير من التساؤلات بشأن الحرب الحالية ونتائجها، وما إذا كانت الإمارات بالفعل ستصبح الآمر الناهي هناك في المستقبل أم لا.
يشار إلى أن الإمارات ما زالت تستضيف نجل الرئيس المخلوع رئيس الحرس الجمهوري السابق أحمد علي عبدالله صالح، الذي كان يشغل منصب السفير اليمني عقب خلع والده من الحكم.
وتعد الإمارات واحدة من الدول التي تشكل التحالف العربي بقيادة السعودية، وهو الائتلاف الذي يهدف لمحاربة الحوثي والقوات الموالية لصالح "دعما للحكومة الشرعية والرئيس هادي"، ولوقف ما تصفه بـ"التمرد الحوثي" وسيطرته على المحافظات اليمنية.
يذكر أنه في 21 نيسان/ أبريل الماضي، أعلن التحالف انتهاء عملية "عاصفة الحزم" العسكرية التي بدأها في 26 آذار/ مارس الماضي، وبدء عملية "إعادة الأمل"، التي قال إن من أهدافها شق سياسي متعلق باستئناف العملية السياسية في اليمن، بجانب التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للحوثيين، وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة.