نشرت صحيفة لا تريبين الفرنسية تقريرا تعرضت فيه إلى المأزق الذي وقع فيه الملك الجديد للمملكة العربية
السعودية، بسبب
انخفاض أسعار النفط، حيث عرضت بالأرقام آثار انخفاض أسعار النفط على الإقتصاد السعودي، وأشارت إلى الدور الذي تلعبه التغيرات الجيوسياسية في المنطقة في تضييق الخناق على تجربة
الملك سلمان، محذرة من خطورة اتباع سياسات خاطئة لمعالجة الأزمة.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن الملك سلمان، الذي وصل إلى السلطة في بداية السنة، مجبر على اتخاذ سلسلة من التدابير للحد من الاعتماد على عائدات الذهب الأسود، الذي يمثل المورد المالي الرئيسي للبلاد، والذي ستنخفض عائداته بنسبة أكثر من ثلاثين بالمائة مقارنة بسنة 2014.
وأفادت الصحيفة أن انخفاض سعر برميل النفط من 110 دولارات إلى أقل من 50 دولارا، خلال سنة واحدة، يطرح مشاكل خطيرة بالنسبة لاقتصاد السعودية؛ حيث من المفترض أن يظهر العجز في الميزانية العامة لهذه السنة بنسبة 15 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وذلك وفقا لتوقعات شركة كوفاس للتجارة، (مجموعة سامبا للمعاملات المالية تتوقع عجزا بنسبة 20 بالمائة) في مقابل 2.3 بالمائة لسنة 2014.
ونقلت الصحيفة عن سالتام ليغون، خبير شؤون الشرق الأوسط لدى كوفاس، أن "معدل النمو سيتباطأ في عام 2015 إلى 2.5 بالمائة، في حين أن التوقعات الرسمية لسنة 2014 كانت قد أعلنت عن نمو بنسبة 3.5 بالمائة".
وأضافت، نقلا عن مصادر بوكالة بلومبرغ، أن المملكة تعتزم الاقتراض من الأسواق العالمية من أجل جمع ما بين 90 إلى 100 مليار ريال عن طريق قروض تدوم لخمس سنوات.
كما أكدت أن البلاد، خلافا لما تواجهه الجزائر وفينزويلا، لا تواجه صعوبات مالية على المدى القصير، خاصة أنها تتمتع باحتياطي نقد أجنبي يبلغ 661 مليار دولار، وأن دينها العام لا يتجاوز 1.8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام لهذه السنة.
وأضافت أن احتمال بقاء سعر برميل النفط في حدود 50 إلى 60 دولارا، سيجبر الملك الجديد على إعادة توجيه الإقتصاد؛ علما بأن بنك جولدمان ساكس يرى إمكانية انخفاض سعر البرميل إلى 20 دولارا فقط. وأفادت الصحيفة أن الإقتصادي لدى مجموعة سامبا المالية، جيمس ريف، قد نشر تقريرا في شهر أغسطس الماضي أكد فيه أن عائدات الذهب الأسود التي تمثل 80 بالمائة من المداخيل "ستنخفض إلى 32 بالمائة مقارنة بسنة 2014".
وأضافت أن الملك الجديد يواجه تحديا يتمثل في تلبية احتياجات 30 مليون سعودي، والتعامل مع السلطات المحافظة، ومتابعة الوضع الجيوسياسي المتوتر للمنطقة، خاصة مع ظهور تنظيم الدولة.
كما أن المعادلة الأكثر تعقيدا التي يواجهها الملك سلمان، بحسب الصحيفة، تتمثل في وقف وتيرة الإنفاق الحكومي التي زادت، خصوصا في ظل نظام الملك عبد الله خلال الربيع العربي، مع دعم الطلب المحلي وتشجيع الأنشطة غير النفطية.
ونقلت الصحيفة عن سالتام ليغون أن "الملك أمر بإنفاذ خطة إنفاق عام بقيمة قدرها 23 مليار دولار، بما في ذلك مكافأة تعادل راتب شهرين للموظفين و5.3 مليار دولار من الدعم لتغطية تكاليف الكهرباء والماء والسكن"، علما بأن البلد لا توجد فيها ضرائب على الدخل.
وأكدت أن هذه السياسة لصالح الاستهلاك المنزلي يمكن أن تدعم النمو الإقتصادي، مع الحفاظ على التماسك الإجتماعي، وذلك لتفادي زعزعة الإستقرار الذي من شأنه أن يضع النظام في صعوبة إقتصادية.
وقالت إن الحكومة تبحث أكثر عن الاستثمارات العامة بهدف تجنب سوء التصرف في الموارد، وبالتالي؛فإن جميع مشاريع البنية التحتية التي تكلف أكثر من 100 مليون ريال (27 مليون دولار) سوف تكون خاضعة لموافقة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي وضعه الملك الجديد.
وأضافت أن الحكومة سوف تستثمر في مختلف القطاعات مثل البناء، والطاقة، والسياحة، والعقارات، وتجارة التجزئة والتعدين والنقل والتعليم وبناء الحافلات وعربات السكك الحديدية وقطع الغيار، وتصنيع المعدات الطبية والأدوية واللقاحات وإنشاء وإدارة المستشفيات.
كما أشارت إلى أن صندوق الدولة للإستثمار في السعودية قد استثمر مليار دولار في مصنع صناعة سيارات سيكون بإمكانه صنع 150 ألف سيارة سنويا، ابتداء من سنة 2018.
وأضافت أن السعودية تخطط لإجراء برنامج خصخصة للشركات العامة، وتشجيع القطاع الخاص وإنشاء شركات أجنبية، خاصة في قطاع التجزئة. وأكدت أن الحل، بالنسبة للإدخار، يكمن في الحد من دعم الطاقة وفي "القيام بتخفيضات كبيرة للميزانية، وليس مجموع تخفيضات صغيرة إذا كانت المملكة تريد تجنب السحب من احتياطي النقد الأجنبي."
وأضافت أن هذا الوضع أثر على معنويات المستثمرين؛ الأمر الذي تجلى في انخفاض المؤشر القياسي لسوق الأسهم السعودي "تداول"، الذي شهد تراجعا بقيمة 23.5 بالمائة خلال اثني عشر شهرا مضت.