أعلنت وزارة التعليم في
مصر إنشاء "نواد فكرية" بكل مدرسة ابتدائية وإعدادية لتنظيم دورات تثقيفية للطلاب، لتحصينهم ضد الأفكار المتطرفة وتوعيتهم بتفاصيل المؤامرة الدولية التي تحاك ضد بلادهم.
وأعلنت رئاسة الجمهورية أيضا تنظيم دورات تثقيفية لشباب الجامعات لشرح أساليب حروب الجيل الرابع والخامس التي تستهدف إسقاط مصر.
وأثناء كلمته أمام طلبة الكلية الحربية الأسبوع الماضي، حذر قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، من خطورة حرب المعلومات والحرب النفسية التي دمرت شعوبا ودولا، بحسب قوله، وأعلن عن إجراءات لتوعية المجتمع المصري ضد مخاطرها.
ويقول مراقبون إن السيسي يستنسخ التجارب التي طبقتها الأنظمة الديكتاتورية في القرن العشرين، حيث حرص الزعيم النازي "هتلر" في ألمانيا والفاشي "موسوليني" في إيطاليا والشيوعي "ستالين" في روسيا على غرس قيم الولاء لأنظمتهم في عقول طلاب المدارس، عبر تغيير المناهج وإخضاع الطلاب لدورات تثقيفية مكثفة وسط مزاعم حماية الوطن من مؤامرات الأعداء.
تنظيم طليعي جديد
وبدأت رئاسة الجمهورية يوم الأحد، بفتح باب التسجيل في برنامج "تأهيل الشباب للقيادة"، وقالت في بيان لها إن الموقع الإلكتروني للبرنامج شهد إقبالا كبيرا من الشباب.
وقالت الرئاسة في بيان لها - تلقت "
عربي21" نسخة منه - إن البرنامج أطلقه السيسي خلال لقائه بشباب الجامعات الأسبوع الماضي، ويهدف إلى تخريج قيادات شابة لديها رؤية واستراتيجية من خلال دراسة العلوم الادارية والسياسية والإنسانية والإعلامية والتنمية البشرية، وستكون مدة الدراسة بالبرنامج ثمانية أشهر، ويستفيد منه 2500 شاب سنويا كمرحلة أولى، ليكونوا قاعدة من الكفاءات الشبابية المؤهلة لقيادة العمل السياسي والإداري بالدولة في المستقبل.
وأعلنت الرئاسة أن الدارسين سيمثلون نواة لمجتمع متفهم للتحديات التي تواجه الوطن، لديه القدر الكافي من المعرفة لمواجهة حروب
الإرهاب وتدمير المجتمع.
وكان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قد دشن في ستينيات القرن الماضي "التنظيم الطليعي" لتكوين كوادر شبابية موالية للنظام، وكان من ثمراته تخريج قيادات سياسية تولت مناصب قيادية في الدولة فيما بعد، من بينها يوسف والي ومفيد شهاب وحسين كامل بهاء الدين، وغيرهم من وزراء حقبة الرئيس المخلوع حسني مبارك.
تدريب على "الأمن الفكري"
وكانت وزارة التعليم قد عقدت اجتماعا الشهر الماضي بمديري ووكلاء المديريات التعليمية بمحافظات مصر المختلفة، لتفعيل "استراتيجية الأمن الفكري".. وللمفارقة، فإن الاجتماع ترأسه اللواء السابق بالقوات المسلحة حسام أبو المجد الذي يشغل منصب رئيس قطاع مكتب وزير التعليم.
وأكد اللواء أبو المجد، في تصريحات صحفية، أن الهدف من إنشاء النوادي الفكرية بالمدارس هو حماية الطلاب من العنف والتطرف والغزو الثقافي الهدام الذي يتعرضون له من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، موضحا أن هذه الاستراتيجية سيتم تنفيذها بداية من العام الدراسي الجديد!
وأشار إلى وجود خطة تدريجية تتضمن نشر ثقافة الأمن الفكري في المدارس وتعديل المناهج التعليمية لغرس مجموعة من المعتقدات والأفكار في عقول الطلاب، منها نبذ العنف والتطرف، ومبادئ أمن المعلومات، وتقدير رموز الدولة ورجال الأمن.
ونشرت صحيفة "اليوم السابع" تقريرا حول موافقة رئاسة الجمهورية على مقترح قدمته الصحيفة لتلقين طلاب الجامعات كيفية التعامل مع المؤامرة التي تستهدف البلاد، وتوعية الشباب بمخاطر ضرب استقرار مصر باستخدام وسائل الاتصال والتواصل!
وأكدت أن رئاسة الجمهورية ستبدأ فى عقد ندوات لشرح أساليب الحروب النفسية والإلكترونية وكيفية مواجهة الشائعات الكاذبة، على أن يحاضر فيها خبراء في العلوم السياسية والعسكرية والنفسية.
تدريس أفكار توفيق عكاشة
ويرى سياسيون ونشطاء، أن الهدف الحقيقي من هذه الفكرة هو إخراج أجيال جديدة مغيبة عن الواقع ومبرمجة وفقا لما يريده النظام الحاكم.
وكتب الناشط "محمود حجازي" على صفحته على "فيسبوك" تعليقا على هذا التوجه، يقول: "الدولة المهزأة مكملة في خط الهطل للآخر وبينظموا دورات في المدارس والجامعات عن حروب الجيل الرابع والخامس.. عايزين يدرسوا سكريبتات توفيق عكاشة في المناهج للعيال".
وأضاف "حجازي": "شايفين إن العالم بيتآمر علينا لإسقاطنا، بأمارة إيه يا أتعس دولة في درب التبانة، ده انتو رقم واحد في العالم في فيرس C والفشل الكلوي والتحرش الجنسي وحوادث الطرق ورئيسكو مشروعه القومي كان اللنض الموفرة وعربيات الخضار!!".
وقال "عبد الحفيظ طايل" رئيس "المركز المصري للحق في التعليم"، إن إنشاء النادي الفكري بالمدارس هو محاولة من النظام لقمع الطلاب وحرمانهم من حقهم في الإبداع والتفكير الحر في تلك المرحلة العمرية المبكرة، مشيرا إلى أن هذا الفكر تم تطبيقه لأول مرة في عهد الديكتاتور النازي أدولف هتلر في ألمانيا.
وأعلن "طايل" أن المركز يدرس إقامة دعوى قضائية لوقف العمل في هذه النوادي، محذرا من أن تكرار هذه التجربة في مصر سيكون بمثابة جريمة فى حق الأجيال الجديدة التي ستنشأ على اعتناق الأفكار التي تغرسها الحكومة بداخلهم فقط.