لم يكن انسحاب العالم الإسلامي، محمد
بن بيه، من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يترأسه الدكتور يوسف القرضاوي، سوى خطوة أولى نحو تشكيل محور ديني جديد ترعاه
الإمارات، يحاول إظهار صورة جديدة للإسلام "مقبولة دوليا"، كان من ثمراتها استشهاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أحد خطاباته عام 2014 بكلام بن بيه، ومؤخرا إتاحة منبر أمام قمة جمعية الأمم المتحدة، وإلقاؤه خطابا حول بعض مفاهيم الدين الإسلامي.
فبعد أن قدمه نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي ترأس القمة، لخص عبدالله بن بيه في كلمته الثلاثاء، دور العلماء بأن وظيفتهم "إطفاء نار الحريق في النفوس والقلوب"، وقال: "علينا أن نتعاون لأن السفينة تغرق والبيت يحترق، نحن اليوم نحاول إنقاذ السفينة كما أشار إليه الحديث النبوي ونحن نحاول إطفاء الحريق الذي اشتعل في البيت، فنحن إطفائيون إنقاذيون، ليست لدينا سفينة نوح.. فعلينا أن نتضامن جميعا وأن تتكامل أدوارنا طبقا لمستوياتنا ووظائفنا".
وأوضح بن بيه أنهم في "منتدى تعزيز السلم"، وهو منتدى مقره أبو ظبي يترأسه هو، قدّموا "كيف على لماذا"، موضحا أن "قضية السلم لها الأولوية على قضية الحقوق".
ولا يرى بن بيه وجوب تحقيق
العدالة قبل تعميم السلم، حيث يقول: "أختلف مع كانت الذي يرى الأسبقية للعدالة وأؤيد توماس هوبس الذي يرى تقديم السلم، وهذا ليس تقليلاً من أهمية
العدالة، لكن لأن السلم يمنح فرصة لنيل الحقوق أكثر من تلك التي تمنحها الحرب.. وبذكر الفلاسفة فإنني أتفق مع نيتشه الذي يرى أن الحضارات تمرض وأن الفلاسفة هم أطباؤها. حضارتنا مريضة ونحاول علاجها".
وبعد ترحمه على "العلماء الذين اغتالهم المتطرفون في السنوات الماضية في العراق وسوريا وباكستان ونيجيريا"، قال إنهم كانوا ولا يزالون، أو بعضهم على الأقل، يحاولون أن يقوموا بمهمتهم هذه رغم الصعوبات وتغير البيئات.
وفي حديثه عن المنتدى الذي يترأسه، قل بين بيه إن "مهمة العلماء هذه هي التي نحاول في منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في أبو ظبي، أن نقوم بها في تغيير العقليات وتصحيح المفاهيم، أذكر على سبيل المثال ما قمنا به في سنة 2010 م من تصحيح فتوى ماردين التي كان يعتمد عليها المتطرفون في كتاباتهم وممارساتهم، حيث صححنا خطأ عمره أكثر من مائة سنة.. عندما ناقشنا المتطرفون، أخرجنا النسخة الوحيدة المخطوطة في مكتبة الظاهرية بدمشق التي أظهرت صدق كلامنا وزيف دعواهم".
يذكر أنه انطلق في آذار/ مارس في أبوظبي منتدى "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" الذي تنظمه الإمارات؛ لتشكيل ما تسميها "جبهة إسلامية من العلماء والمفكرين المعتدلين" لمواجهة ما دعته "التطرف والتماشي مع التقدم".
وقد ترأس بن بيه المؤتمر بعد استقالته من اتحاد علماء المسلمين، "على أثر موقف الاتحاد من الانقلاب العسكري على الرئيس المصري محمد مرسي سنة 2013، ورفضهم إياه".
وقال بن بيه: "نحن ندعو دعوة صادقة الحكومات وبخاصة الدول الكبرى ذات المسؤولية الخاصة أن تسعى لإزالة المظلوميات التاريخية المزمنة حتى يستتب السلم المستدام". وأضاف: "ندعو لحلف واستراتيجية ثقافية وفكرية تواجه خطر الحروب والعنف وجنون هذه الساعة الزمنية".
وفي ختام حديثة دعا إلى "بذل جهود في البحث عن
السلام بوسائل السلام وبدائل الحرب.. ندعوكم لاعتماد المناهج الأخلاقية والبرامج الفكرية التي من شأنها أن تستقطب الشباب وأن تقدم الديانة لا كعدو وإنما كسبيل للسلام. ندعو لتكريس جزء من ميزانيات الحرب لبرامج السلام".