كتب محرر الشؤون الدفاعية والأمنية في صحيفة "فايننشال تايمز"، سام جونز، تقريرا قال فيه إنه في ضوء تصعيد حملة
الغارات الروسية على مواقع الثوار المعارضين للأسد في
سوريا، يحاول مسؤولو السياسة والاستراتيجية الغربيون فهم أهداف حملة
بوتين العسكرية، وإن كان يعتزم مساعدة النظام في استعادة أراض خسرها لصالح المعارضة.
ويشير التقرير إلى أنه حتى بعد أن أعادت
روسيا تأكيد نفوذها في الشرق الأوسط بشكل دراماتيكي، وسط أصوات احتجاج من واشنطن وأوروبا ودول الخليج، فإنها تستمر بتعزيز وجودها العسكري في سوريا.
وتذكر الصحيفة أنه بالإضافة إلى قاعدة موسكو في اللاذقية، فإن روسيا تقوم بتقوية قاعدتها البحرية في طرطوس، مع أسطول سفن "لمكافحة الإرهاب" وسفن تصليح، ومن بين تلك السفن ستكون سفينة الصواريخ الموجهة (موسكوفا) وسفينة إنزال الدبابات (ساراتوف).
وتضيف "فايننشال تايمز" أنه يتم تحسين قاعدتي الجيش السوري في إسطامو والصنوبر، حيث تشير صور الأقمار الصناعية إلى وجود خيم ومعدات روسية، بحسب محللي شؤون الدفاع في (آي إتش إس جينز).
ويقول الكاتب إن السؤال الذي يطرحه الكثير هو، إن كان الحشد العسكري الذي يقوم به بوتين لتحقيق أهداف سياسية، لاستخدام السلاح وسيلة لفرض ضوابط على الأجندة الدبلوماسية الدولية، أو أن يكون هدفا قائما بذاته، ومبنيا على أهداف عسكرية معينة؟
ويجد التقرير أنه نظرا إلى ما حدث في أوكرانيا، حيث كانت الدبلوماسية أحيانا لافتة للانتباه عما تقوم به روسيا على الأرض، فإن بعض المخططين العسكريين في الناتو يخشون أن يكون الفعل الروسي مجرد خطوة أولى، في خطة تهدف إلى تقديم دعم عسكري أكبر لنظام الرئيس السوري بشار
الأسد.
وتنقل الصحيفة عن مدير الاستراتيجيات في مركز "سي إس آي إس" أنثوني كوردسمان، قوله: "حتى نرى أين تذهب روسيا بعد ذلك، ولأي مدى علينا أن نكون حذرين جدا، فإن هناك الكثير من عدم الوضوح. معظم القوات البرية ستستخدم للدفاع عن القواعد الجوية، ولكنهم لديهم ما يكفي لنشره مع الجيش السوري. فهناك تحرك عسكري يتم بالإضافة إلى التحرك السياسي".
ويبين جونز أن قوات روسيا إلى الآن محدودة، ولكنها فاعلة، ففي اللاذقية، تم إنشاء مطار عسكري كبير، حيث يوجد لروسيا 12 طائرة (إس يو-24 فروغفوت) و12 طائرة هجوم بري (إس يو 24 فنسر). مشيرا إلى أن هذه الطائرات مفيدة في ضرب أهداف عسكرية على الخطوط الأمامية دعما للعمليات البرية. ويستدرك بأنها ليست طويلة النفس، وليست مجهزة للضربات الدقيقة.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه في قاعدة باسل الأسد الجوية، يوجد لروسيا على الأقل 4 طائرات (إس يو 30 فلانكر)، وهذه عادة طائرة دفاع جو جو. ويقول المحللون إن وجودها يعطي روسيا سيطرة على الأجواء. وإن أخذنا بعين الاعتبار وجود عجز في الدفاعات الجوية لدى الثوار، فيمكن أن تكون هذه الطائرات محاولة لمنع أمريكا أو حلفائها من التدخل لدعم الثوار.
وتنقل الصحيفة عن المدير الدولي لمعهد "آر يو إس آي" جوناثان إيال، قوله إن "الحشد العسكري الروسي هو تحول أساسي، إلا أنه يهدف إلى تحقيق نتائج سياسية. أنا مقتنع 100% من أنه لا نية لهم بأن يشركوا قوات روسية في القتال. (بوتين) مستعد لزيادة الوجود العسكري، ولكن فقط للدرجة التي تعطيه مصداقية، والاستراتيجية المطلوبة هي ضرورة إشراك روسيا في أي حوار سياسي مستقبلي حول سوريا".
ويستدرك الكاتب بأن هناك من يرون وجود أهداف عسكرية مفتوحة يحركها التكتيك. فذكر تحليل حديث لمعهد دراسات الحرب أن المناورات العسكرية الواسعة الأخيرة (المركز 2015)، التي انتهت في منتصف أيلول/ سبتمبر، ركزت بالضبط على العمليات البرية والجوية، واستخدام القوات الخاصة في محاربة المتمردين، كما لو كانت القوات الخاصة الروسية ستستخدم في الحرب ضد الثوار السوريين.
وينوه التقرير إلى أن طائرة (إليشن آي أل 20) لجمع المعلومات قد وصلت يوم الخميس إلى اللاذقية، ما يشير إلى احتمال عملية عسكرية متكاملة أكثر مما رأينا إلى الآن.
وتورد الصحيفة أن ألكس كوكتشوروف، وهو من كبار المحللين المتخصصين في روسيا في (آي أتش إس جينز) يقول: "واضح أن بوتين لا يريد أن يقوم بعملية كبيرة، ولكنه ربما يسعى للقيام بحرب صغيرة وحاسمة، حملة لعدة أسابيع أو أشهر؛ للتقليل من المساحات التي يسيطر عليها الثوار بشكل ملموس، ولتقوية الأسد، وأظن أن هناك أهدافا عسكرية وسياسية".
ويرى جونز أن مثل هذا التقدير يتناسب مع الرؤية في دوائر الناتو، التي تميل إلى رؤية التصرف الروسي، هو نسخة لمغامرة الكرملين في أوكرانيا منقولة إلى الشرق الأوسط. ويقول أحد كبار الدبلوماسيين الغربيين إن "روسيا تضغط بيد للتوصل إلى حل دبلوماسي، ولكنها تخلق حقائق عسكرية على الأرض باليد الأخرى".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول المحللين إن التدخل في سوريا كان تقليديا، ويتبع التكتيك الذي يفضله الجيش الروسي، والقائم على نظرية "التحكم الانعكاسي" الروسية، وهي تعني السبق إلى تهيئة الأجواء لجعل عدوك يقوم بما تريد.