رأت صحيفة لوبوان الفرنسية أن الدخول القوي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الصراع السوري، وقصفه لقوات معارضة مدعومة من قبل الولايات المتحدة، يمثل إهانة للرئيس الأمريكي باراك أوباما وبقية زعماء الدول الغربية.
وقالت الصحيفة، في تقرير ترجمته "
عربي21"، إنه لم تمر أكثر من 48 ساعة فقط بعد تعبير أوباما، على هامش اجتماع الأمم المتحدة، عن ارتياحه لانضمام الروس للحرب ضد تنظيم الدولة، حتى سارع بوتين لتوجيه إهانة كبيرة له عبر إطلاق طائرات سوخوي المقاتلة، ليس بهدف تدمير مواقع تنظيم الدولة، ولكن من أجل استهداف القوات المعارضة لبشار
الأسد، التي توجد من بينها مجموعات مسلحة ومدربة من قبل الولايات المتحدة.
وأضافت أن الرئيس الروسي أوضح بما لا يدع مجالا للشك؛ أن أولى أولويات طائراته وصواريخه تتمثل في الدفاع عن الأسد، وأن محاربة الإرهاب تعتبر هدفا ثانويا بالنسبة له.
واعتبرت الصحيفة أن الرئيس الروسي أظهر من خلال تحركاته الأخيرة أنه بارع في المناورة والمخادعة، فبينما كان التحالف الغربي يركز أنظاره على الموقف الروسي في أوكرانيا، حيث بدا مؤخرا أكثر تسامحا وسلمية، والتعهد الروسي بالوقوف مع الغرب في الحرب على تنظيم الدولة، تسللت
روسيا في غفلة من المجتمع الدولي وعززت حضورها العسكري في الشرق الأوسط، من خلال دعمها للنظام السوري، بقطع النظر عن عدم ديمقراطيته وتعدد انتهاكاته لحقوق الإنسان.
وأضافت الصحيفة، في سياق حديثها عن المغالطات الروسية، أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال زياراته لباريس وواشنطن، برر التدخل الروسي بالقول: "نحن على عكس الدول الغربية، نتحرك في إطار القانون الدولي، باعتبار أن الضربات الجوية تتم بطلب وبتنسيق مع النظام الشرعي"، وهو ما اعتبرته "لوبوان" تجاهلا للحقيقة وضحكا على الذقون.
وقالت الصحيفة إن زعماء الغرب "كانوا قد اشتموا رائحة الخدعة الروسية منذ أسبوع"، بعد توقيع اتفاق في بغداد، عشية اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، قررت من خلاله "جمهورية الملالي" (إيران) ونظام الأسد والحكومة العراقية وروسيا، توحيد جهودها الاستخباراتية في المنطقة.
واعتبرت الصحيفة أن هذا الاتفاق يعني أن روسيا لا تعير أي اهتمام للجهود المبذولة منذ سنة من قبل القوى الغربية والخليجية لتدمير تنظيم الدولة، وأنها ترى نفسها صاحبة اليد العليا في اللعبة العسكرية في العراق وسوريا.
وأضافت أن الإهانة التي أرادها بوتين لأوباما والغرب اكتملت، عندما وجه الروس إنذارا للقيادة العسكرية الأمريكية في بغداد، التي تنسق العمليات للتحالف الدولي، قبل ساعة فقط من شروع المقاتلات الروسية في شن غاراتها، من أجل تجنب تصادم لا تحمد عقباه بين طائرات سوخوي الروسية و"إف16" الأمريكية.
وقالت الصحيفة إنه لفهم الدوافع التي جعلت بوتين يسرع من نسق الحضور العسكري الروسي في الشرق الأوسط، يكفي إلقاء نظرة على الأجندة الانتخابية الأمريكية، فالروس يرون أنهم "لم يتبق لديهم أكثر من 16 شهرا، قبل وصول ساكن جديد للبيت الأبيض؛ من المؤكد أنه سيكون أقل سذاجة ومثالية من باراك أوباما"، وفق تعبير الصحيفة.
وأضافت أن "سذاجة" أوباما، التي جعلته محل سخرية الروس، وصلت به إلى درجة التعبير عن أحلامه الوردية أمام مجلس الأمم المتحدة خلال الأسبوع الماضي، من خلال القول: "أنا أؤمن بعمق بأننا نحن، شعوب العالم، يتوجب علينا التعهد بالتوقف عن اعتماد سياسات الضغط والصراعات".