تحرص حكومة بوتين منذ بدء عملياتها العسكرية على الأراضي السورية، على التأكيد على أربع نقاط متناقضة:
أولاً: شرعية وجودها على الأراضي السورية، كونه جاء استجابة لدعوة من رئيس البلاد لمساندته دعماً في حربه على الإرهاب! مقابل عدم شرعية ضربات التحالف الدولي لتنظيم الدولة على الأراضي السورية كونها لم تتم بموافقة الحكومة السورية والتعاون والتنسيق معها.
ثانيا: أن عملياتها على الأراضي السورية، ستنحصر في محاربة التنظيمات الإرهابية المتمثلة حسب رؤية موسكو بتنظيم الدولة وجبهة النصرة والمعارضة المناهضة لوجود الأسد.
ثالثا: رغبتها العمل والتعاون والتنسيق مع المجتمع الدولي في حربه على الإرهاب على الأراضي السورية.
وأما النقطة الرابعة و التي سنتوقف عندها في هذا المقال فتقول بأن تحديدها لأي هدف من أهدافها على الأراضي السورية يتم عبر أجهزة و رادارات دقيقة وبناء على دراسة خبرائها المفصلة أولا وقبل الأخذ بأي معلومات أخرى قد توفرها لها مصادر صديقة_ حكومتي بشار ونتانياهو.
في هذا الصدد تحديدا، صدر مؤخرا عن نائب وزير الدفاع الروسي الجنرال "أناتولي أنتونوف" تصريح يقول فيه "نستخدم البيانات من مخابراتنا الجوية، وليس فقط من المعلومات التي نحصل عليها من شركائنا السوريين نتحقق من المعلومات وننفذ غارات عندما نكون متأكدين مئة في المائة بأننا سنضرب الهدف. نحن لا نقوم بمجرد ضرب أي أهداف مدنية أو عسكرية!".
حسب تصريح الجنرال "أنتونوف" لا يمكننا أن نتوقع أي ضربات عشوائية أو غير مقصودة من قبل القوات السورية، لأي جهة لا ترغب موسكو باستهدافها! و بناء على هذا التصريح تحديدا نستغرب أن تقوم وسائل الإعلام المحلية والعالمية بوصف الضربات الروسية للأراضي
الإيرانية بالصواريخ العابرة للقارات أنه جاء نتيجة الخطأ فهي بذلك تطبق المثل القائل (جاءت تكحلها، قامت عمتها ) لأن في هذا تكذيب واضح للدفاع الروسي واتهام صريح بأن
روسيا بدأت عملياتها دون تحديد بنك أهدافها بوضوح ودقة وهو أهم مآخذها وانتقاداتها للإدارة الأميركية لقوات التحالف التي اتهمتها بفشل عمليتها في
سوريا، نتيجة لضعف قدراتها في تحديد مواقع قوات
تنظيم الدولة بدقة.
لو فرضنا أن استهداف الأراضي الإيرانية جاء نتيجة خطأ في التقديرات، فيحق لنا أن نتساءل هل يمكن أن يكون الخطأ في أربعة صواريخ وربما أكثر؟ ومادامت العملية تمت بشكل غير مقصود إطلاقا! لماذا رفضت إدارة العمليات الروسية في بحر قزوين و التي تم اطلاق الصواريخ عبر سفنها لماذا رفضت الاعتراف بهذا الخطأ، وأشارت إلى أنّ الصواريخ أصابت أهدافها بدقة على الأراضي السورية، حيث جاء التصريح عبر المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية "إيجور كوناشينكوف" الخميس الماضي بأن الصواريخ التي أطلقت الأربعاء من سفن أسطول بحر قزوين أصابت أهدافها في سوريا، وأما في تعليقه حول ما جاء عن أن تقديرات الجيش الأمريكي والاستخبارات توصلت إلى أن أربع صواريخ على الأقل تحطمت خلال طيرانها فوق إيران، واحتمال وجود ضحايا،أكد "كوناشينكوف" أن الصواريخ التي أطلقت من السفن أصابت أهدافها!
من الجانب الإيراني لم يتم التعليق على الخبر، مع أنه من المتعارف عليه في مثل هذه الإشاعات، خروج بيان يؤكد أو ينفي، على غرار الموقف التركي من تحرش الطيران الروسي بمجالها الجوي، أو كحد أدنى على خطى حليفها الأسد و رده على انتهاك السيادة الوطنية لمرات عدة من قبل اسرائيل وضرباتها المتكررة لمخازن أسلحة تابعة لقواته وإعلانه احتفاظه بحق الرد؟!
وإلى ساعة كتابتنا هذا المقال ونحن ننتظر أن تكذب حكومة ملالي إيران إحدى حلفائها، فإن كذبت الحليف الأميركية- الذي تابعت محطات رصده الصواريخ الروسية منذ انطلاقها إلى نقاط استهدافها- وقالت: إن الصواريخ التي تحطمت على أراضيها مجرد ادعاء، فهذا سيقدم لنا مؤشرا على أنها قدمت للدب الروسي ما يشبع نهمه و يرضيه، و أما إعلانها عن هجمات روسية على أراضيها، فسيضعها أمام ثلاثة خيارات: إما أن تتبنى النظرية الإعلامية (بالخطأ) و تحسس على رقبتها، أو أن تتبنى نظرية الدفاع الروسي (الصواريخ أصابت أهدافها) و تنتفض لسيادتها الوطنية، أو أن تتبنى نظرية الأسد (الاحتفاظ بحق الرد) بعد أن فهمت الرسالة: احذري إيران انتهى دورك في سوريا، وبالتالي تكون الصواريخ الروسية في سماء إيران قد أصابت أهداف في سوريا الأيام القادمة ستجيبنا ..