سخر الإعلامي المصري، المقرب من رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، إبراهيم عيسى، من الانتفاضة
الفلسطينية، التي اندلعت أخيرا بالأراضي الفلسطينية ضد
الاحتلال الإسرائيلي، وقلل من شأنها، وانتقد غياب وجود رؤية، واستراتيجية لها.
ولم يقدم عيسى بديلا للانتفاضة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وانتهاكاته المتصاعدة، بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، والمقدسات الإسلامية، سوى وقف الانتفاضة نفسها، والامتناع عن طعن من اعتبرهم "مدنيين عابرين من الإسرائيليين"، مبديا أسفه لطعنهم.
جاء ذلك في أحدث مقالاته، بجريدة "المقال، التي يرأس تحريرها، الاثنين، تحت عنوان: "سكاكين المطبخ لن تحرر فلسطين".
وفي البداية قال عيسى: "الانتفاضة تحقق عند الفلسطيني الإفراج عن حمم غضبه، والصراخ في وجه ظالميه، حتى لو كانت دون نتائج، ولا خطة عمل، ولا سقف سياسي، ولا تدرج تكتيكي، ولا استراتيجية واضحة".
وأضاف: "هذا يرشح انتفاضة الغضب لفشل جديد، إن اكتفت من انتفاضها بالغضب، خصوصا أن المشهد العربي المحيط بفلسطين مريع في هزاله، وهزله".
وتابع: "إذا كان التباهي الوطني، وتبديد الثروة العربية من أجل الحرب ضد بعضنا البعض، والزهو المثير للشفقة، ببطولاتنا في قتل بعضنا البعض.. فهل يمكن لتلك الدول أن تتضامن مع فلسطين؟".
وأردف: "اتضح أن الدول العربية تدخر طائراتها ورصاصاتها ومدافعها بل ودماء أبنائها لتحارب جارتها العربية".
وأكمل: "هذا أمر يدفع إذن الفلسطينيين للتروي في الانتفاضة قليلا".
وتساءل: أليس على الفلسطينيين أن يتمهلوا قليلا في انتفاضتهم؟
وقال: "المؤسف أن الفلسطينيين حين يقررون الغضب (إن كان الغضب ينتظر قرارا أصلا)، إنما يطعنون الإسرائيليين بالسكاكين".
واستدرك: "اسمحوا لي -وسط حمى الغضب- أن أختلف على هذه الفعلة، وأكاد أشعر معها أنكم تخذلون قضيتنا النبيلة حين تستخدمون سكاكين لطعن عابري سبيل أو أفراد يمرون هنا أو هناك".
وتابع: "المقاومة إن كان، ولابد أن تكون مسلحة، فليس بتوجيهها إلى مدنيين عابرين بل إلى عسكريين محتلين"!
وأضاف: "أما أن يندفع أحدهم لطعن شاب إسرائيلي يمر في طريق أو مستوطن يعبر إشارة مرور، فهذا لا هو مقاومة، ولا هي نبالة، ولا هي تخدم قضية التحرر، ولا تعبر إلا عن سيل غضب غطى على العقل، فأعماه، وأغرقه".
وتابع: "إن عمليات التفجير والتفخيخ للمقاهي والمحلات وللمركبات العامة الإسرائيلية، على كثرة ما حصلت في انتفاضات سابقة، أثبتت فشلها في أن تساعد قضيتنا بل أفشلتها، وكان لزاما على أي منا، وقد أيدنا حماسا وغضبا، أن نتحفظ على افتقادها للمبرر الأخلاقي، وإهدارها لقيم الإنسانية".
وأكمل: "ليس بقتل مدنيي العدو يتحرر الوطن، وبالتأكيد فإن سكاكين المطبخ لن تحرر فلسطين".
لكن عيسى أرسل في المقال نفسه، إشارة إيجابية إلى ضرورة توحد الدول العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
فقال: "إذا كنا نسمع عن الرغبة العازمة الصادقة المتوكلة على الله في إنشاء قوات عسكرية عربية مشتركة ذات قدرة عالية للتدخل السريع، ولكنها رغم فتور بعض الدول تجاهها، ليست مخصصة إطلاقا ضمن بنود عملها، وأهداف إنشائها، لمواجهة احتلال إسرائيل لفلسطين".
وأضاف ساخرا: "هي مخصصة إذن للتدخل السريع (رغم بطء ثقيل في إنشائها) في شؤون حروبنا الأهلية، أما أن يتم توجيهها ضد عدو مشترك يحتل أرضا عربية فهذا المستحيل الرابع بعد الغول، والعنقاء، والخل الوفي".
إلى ذلك، اعتبر مراقبون مقال عيسى، ودعوته إلى وقف الانتفاضة، والسخرية منها، دون إدانة الجاني الإسرائيلي، وأفعاله النكراء، هو جزء من مشهد مصري عام، يرسمه إعلاميو السيسي حاليا، ويعتمد على تسطيح القضية الفلسطينية، والمساواة بين الجاني والضحية، كجزء من سياق سياسي عام يتبناه السيسي منذ انقلابه، أصبح بمقتضاه ظهيرا للعدو الإسرائيلي، وشوكة في ظهر المقاوم العربي والفلسطيني.