هاجمت صحيفة "الأخبار" اللبنانية،
مناهج التعليم في
السعودية، واتهمتها بأنها تزرع "جذور
التكفير والتطرف" في المنطقة، وبأنها "أينعت انتحاريين، ودمارا وقتلا"، من خلال "التعليم الديني في مملكة الوهابيين"، وفق تعبيرها.
وزعمت الصحيفة أن هناك نخبا وأكاديميين وشرائح واسعة من المواطنين السعوديين "عزوا تصاعد الأعمال الإرهابية في بلدهم إلى الفكر القائم على التكفير وهدر دم كل من لا يؤمن بالمعتقد الوهابي في مملكة آل سعود".
وقالت إن أصبع الاتهام الأول يجب أن يتجه إلى النظام عامة في السعودية والقيّمين على مناهج التعليم الديني في المدارس والجامعات والكليات، التي وضعت كتبا ومقررات لكل المراحل الدراسية، تبدأ من المرحلة الابتدائية، وصولا إلى مرحلة الدراسات العليا في الجامعات.
وتساءلت الصحيفة: "هل ما تُعبّأ به أدمغة أجيال الطلاب في السعودية من تعاليم وأفكار ينعكس على الواقع الذي وصل إليه الحال من هجمات انتحارية وضربات إرهابية يتبناها تنظيم داعش؟".
ووفق ما تابعته "عربي21"، انتقدت الصحيفة عدم تعديل مقررات "التوحيد والحديث" في السعودية في طبعة 2015، حيث إنها بقيت كما هي خلال الأعوام السابقة دون تعديل.
وادعت الصحيفة وفق ما نقلته عن "تقديرات الخبراء" العدد الأكبر من منفذي عمليات تنظيمي الدولة و"النصرة" الانتحارية في كل من سوريا والعراق من السعوديين، وقالت إن مراكز خاصة برصد الهجمات الإرهابية حول العالم أكدت ذلك.
وأشارت إلى غياب إحصائية رسمية دقيقة حول عدد السعوديين الذين نفذوا هجمات في السعودية وباقي دول المنطقة والعالم، عدا إحصائية لوزارة الداخلية العراقية التي قدرت عددهم بنحو 300 سعودي بين 2007 و2013.
ولفتت الصحيفة إلى أن "مناهج التعليم الديني في مملكة آل سعود كانت حديث الصحافة والرأي العام الأمريكي في النصف الثاني من عام 2007، بعد زيارة لوفد من المفوضية الأمريكية لشؤون الأديان حول العالم (التي ترفع تقاريرها للكونغرس الأميركي) للسعودية، واطّلاعه على المناهج التي تدرّس في المدارس والكليات السعودية".
وقالت إن الوفد بعد عودته إلى واشنطن طالب سفارة السعودية لديه بتزويده بنسخ من كتب "الحديث والتوحيد" التي تدرّس في "الأكاديمية الإسلامية السعودية" الكائنة في واشنطن، وبعد تمنّع الأكاديمية التي يرأس مجلس إدارتها السفير السعودي في واشنطن، قدمت المفوضية توصياتها بإغلاق الأكاديمية، إذا ما أصر السفير السعودي على تمنّعه.
ونقلت الصحيفة اللبنانية أن دوايت بشير، وهو مدير "الأبحاث والسياسات" في المفوضية الآنفة الذكر، وأحد أعضاء الوفد الذي زار الرياض آنذاك، شنّ حملة على الأكاديمية السعودية.
وأضافت أن السعودية بعد أخذ وردّ، اضطرت عام 2009 إلى إجراء تعديل على مقرري الحديث والتوحيد في الأكاديمية المذكورة، زاعمة أنها "أُزالت كل الأحاديث والتعاليم
الوهابية التي تحضّ على العنف والتكفير والكراهية التي طلب الأمريكيون إزالتها".
وأثارت الصحيفة أن هذه الحادثة "تثبت وجود المشكلة في مناهج آل سعود التعليمية التي لو لم يستشعر الأمريكيون خطر ما فيها لما أثاروا الموضوع مع حليفتهم وأصروا على تعديلها".
وقالت الصحيفة إن النظام السعودي يقوم بـ"عملية غسل أدمغة الناشئة"، منذ نعومة أظافرهم، مضيفا أن عقولهم الغضّة تفرض عليها الدروس والأفكار الدينية المستوحاة من كتاب "التوحيد" لمحمد بن عبد الوهاب.
واقتبست الصحيفة بعضا من النصوص في الكتاب، قائلة إنها تحض على "التكفير"، مضيفا أن الطالب في السعودية عندما يصل إلى المرحلة الثانوية، فإن من وضع المنهاج يستكمل فكرته السابقة بتلقينه حكم ما يرد في مقرر "التوحيد" في الصف الأول المتوسط.
ووصفت الصحيفة شريحة واسعة من الكتاب الصحفيين والمثقفين والأكاديميين بـ"مرتزقة الأقلام وكتاب الصحف الرسمية للنظام السعودي"، واتهمتهم بأنهم يسعون جاهدين إلى نفي أي مسؤولية للسلطة الحاكمة بأجهزتها التعليمية.
فبعض هؤلاء الكتّاب ذهب إلى اعتبار تزايد عدد الإرهابيين والانتحاريين السعوديين في صفوف تنظيم الدولة وأخواتها "حالات فردية شاذة غريبة عن مجتمعهم"، دون إغفال توصياتهم بضرورة تطوير ما يسمى "برنامج المناصحة" لإقناع المقاتلين السعوديين بضرورة التبرؤ من منهجيتهم، والعدول عنها، وإيجاد استراتيجية أمنية في التصدي للإرهاب، وفق الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن المناهج التعليمية في السعودية "غابت منها المفردات المحيلة على معاني الاعتدال والتسامح"، وفق قولها.
وأضافت أنه "لا أمل في تغيير المناهج" في السعودية، في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وحاشيته، والمتأملون في تغيير ما لن يبلغوا مرادهم، ولن يتغيّر شيء إلا على الأرض الأمريكية، وفق ما أسلفت الصحيفة.
وقالت: "ما دامت العقلية الحاكمة عند آل سعود أن إرثهم مقدس وعقيدتهم التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم ممنوع النقاش فيها، سيستمر القتل والتفجير والانتحاريون بالتفريخ، ولتذهب دول الجوار وكل من اختلف معهم في السياسة والعقيدة إلى الجحيم، فرُسُلُ القوم والمتخرِّجون من مدارسهم وفكرهم باتوا يملؤون دولنا ومحيطنا قتلا وتجزيرا وتدميرا باسم التوحيد والدين الحنيف"، بحسب الصحيفة.
وأشارت أخيرا إلى أن المدارس في السعودية يبلغ عددها نحو 35 ألف مدرسة، بحسب الأرقام الرسمية، تُضاف إليها 20 مدرسة وأكاديمية سعودية تتوزع في بلدان عربية وآسيوية وغربية.