بعد أن بدأت روسيا غاراتها الجوية في
سوريا لبست دمى العرض، في دكاكين بروسيا، ملابس عسكرية كتب عليها "ادعموا الأسد".
واستلهمت فكرة الدكاكين، التي فتحت بعد ضم القرم، من تدخل
بوتين حديثا في الشرق الأوسط وأصبحت هذه الدكاكين منظرا مألوفا في روسيا. وتعرض عادة ملابس وحقائب وأغطية جهاز الآيفون كلها تحمل شعار
الجيش الروسي.
وشهد الجيش في روسيا نهضة بعد أحداث القرم وشرق أوكرانيا، والآن في سوريا. ومع أن العمل العسكري انتزع تنازلا يجعل الأسد يرضى بإجراء انتخابات فإن جيش بوتين والذي ليس له جنود بريون في الميدان، بحسب ما يقول الكرملن، فإنه يوصف اليوم "النقطة المفصلية في العقيدة التربوية".
وبلغ الأمر حد طرح مشروع قانون لإعادة تعليم المجرمين غير العنيفين داخل الجيش بالبرلمان الروسي، وبحسب اليكسي ديدينكو؛ وهو سياسي يميني من الحزب الليرالي الديمقراطي وصاحب مشروع القانون "فإن الجيش مدرسة أقوى من السجن".
وقال السيد ديدينكو لصحيفة الإندبندنت: "هذه حقيقة، إن الجيش يساعد الناس.. وهذا ما تم استنتاجه من قبل، ويساعد الجيش أي شخص حتى أولئك الذين ارتكبوا جرائم ليغيروا نظرتهم إلى العالم للأحسن. أي يجعلهم أقرب إلى الطبيعي".
مثل هذه المقترحات لا تثير دهشة في مقر البرلمان الروسي، والذي أصبح ساحة لمشاريع القوانين الغريبة التي تستلهم من التوجهات الشعبية. ومع أن مشروع ديدينكو وغيره من المشاريع قد يفشل بعد ثلاث قراءات في البرلمان؛ وهي ما يحتاجه المشروع ليصبح قانونا، فإن اقتراحه أصلا كان بدافع من أعلى مستويات الزعامة الروسية؛ وذلك ليصبح الجيش موجودا في قلب المجتمع".
وقال سيرجي مدفيديف، البروفيسور في كلية الاقتصاد بمسوكو إن الحكومة: "استطاعت أن تربط أي سياسة في روسيا من السياسات الداخلية إلى الحرب في أوكرانيا وأخيرا إلى سوريا بفكرة التهديد الخارجي".
وأضاف: "أصبح شريط سان جورج الملون بالأسود والبرتقالي (والذي أصبح رمز الوطنية في روسيا بعد ضم القرم)، وهو الآن شعار روسيا الجديدة. وصورة الكلاشنكوف أصبحت على ملصقات تثبت على شبابيك السيارات".
ولم تقف الحماسة العسكرية عند السياسة. ففي بلدة غرب موسكو افتتح بوتين "حديقة وطنية" تحتوي على حديقة لعب أطفال ذو طبيعة عسكرية؛ حيث يمكن للأطفال اللعب على الدبابات ويحملون البنادق ويراقبون تدريبات عسكرية.. كما يمكن للكبار منهم التسجيل في الجيش في أكشاك التجنيد.
وقال بوتين لدى افتتاحه الحديقة إن الحديقة "عنصر مهم في نظام عملنا العسكري الوطني مع الشباب". وقبل ذلك بعام كان هناك مخيم صيفي في نزهني نوفغورود تم فيه تعليم الشباب من سن 12 إلى 18 مهارات عسكرية أساسية ودروسا حول "حب الوطن".
وإعادة اختراع الجيش الروسي ليصبح مؤسسة شعبية مقربة من العائلة بدأت بعد ضم القرم والحرب وأوكرانيا. وحيث صور الإعلام الروسي القارع لطبول الحرب بوصف الاحتجاجات في الميدان والتي أطاحت بالرئيس الذي تدعمه روسيا فيكتور يانوكوفيتش بأنها انقلاب مدعوم من أمريكا أصبح الجيش هو القوة التي تحمي روسيا من الأعداء الغربيين، مما عزز من المواطنة الروسية.
وحتى مع خطر تحول سوريا إلى حرب بالوكالة بين روسيا والغرب استمرت هذه الرواية. وبعد أن بدأت القوات الروسية في غارتها الجوية في سوريا قامت وزارة الدفاع الروسية بعرض فيديو يظهر مدى الدمار في دمشق. وصدم الفيلم المخرج جيدا مع موسيقى تصويرية حتى منتقدي الكرملين وصفه أحدهم بأنه جاذب لجيل العاب الكمبيوتر في روسيا.
وإن كنا سنصدق الإعلام الحكومي الروسي والسوري فإن الهجمة الروسية في سوريا تؤتي أكلها. وهناك كلام بأن الأسد التقى عددا من السياسيين الروسيين وقال لهم إنه بعد "القضاء على المجموعات الإرهابية"، يمكن أن يكون هناك انتخابات في سوريا. وعند سؤاله عن استعداد الأسد لإجراء انتخابات مبكرة أجاب النائب في البرلمان الروسي سيرجي غافريلوف قائلا إنه "مستعد لحوار واسع النطاق مع كل القوى السياسية المسؤولة التي تهمها سوريا. وإنه جاهز لإجراء انتخابات برلمانية واصلاحات دستورية وانتخابات رئاسية إن كان ضروريا".
وفي ضوء العزلة الدولية التي تعيشها روسيا زاد الكرملين من نشاط روسيا العسكري في البلاد والخارج. فكان هناك إعلان بأن روسيا ستقوي من وجودها العسكري في منطقة القطب الشمالي منذ عام 2008 حيث تم الإعلان عن قواعد عسكرية جديدة في جزر كوريل بالقرب من اليابان مما يرسل برسالة قوية من الكرملين حول مدى استعداده للدفاع حتى عن أبعد مناطق النفوذ.
وقال بوتين في مؤتمر في سوتشي الخميس بعد لقاء الأسد: "علمتني شوراع لنينغراد قبل خمسين عاما بأنه إن كان لا بد من الاقتتال فكن أنت أول من يضرب".