نشرت صحيفة "لوموند" الناطقة بالفرنسية مقالا حول الأزمة التي يعيشها
اللاجئون السودانيون في مصر، عرضت فيه
الظروف السيئة وسوء
المعاملة التي يلقاها اللاجئون هناك.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21" أن الحي الذي يدعى "عين شمس" في القاهرة، والذي يشتهر بجامعاته ومكتباته، يضم أيضا مساكن بنيت على تربة مختلطة من الرمل والغبار، متناثرة هنا وهناك.
وقد وجد العديد من السودانيين في عين شمس ملجأ لهم، حيث أن الطائفية لم تجمعهم بل جمعهم الخوف من الازدراء العنيف الذين يتعرضون له أحيانا من قبل بعض المصريين.
وذكرت الصحيفة أنه يوجد 26 ألف لاجئ سوداني، من أصل 183 ألف لاجئ في مصر مسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين.
ونقلت شهادات حية لبعض اللاجئين، مثل السيدة ندى، وهي أم تبلغ من العمر 45 عاما، غادرت جنوب السودان منذ ست سنوات، بعد أن شاهدت موت جميع أقاربها، لتحط رحالها في مصر، وتعمل كمعينة منزلية في منازل الطبقة البورجوازية في القاهرة.
ونقلت عن ندى قولها: " أود أن أعيش في بلادي وسط عائلتي، وأن أعمل في وظيفتي الحقيقية، فهناك كنت أشعر بتعب أقل".
وتعرضت ندى إلى مضايقات في الشارع، حيث تمت إهانتها ونعتها بالمرأة "المحترقة" كونها امرأة سوداء. وأضافت الصحيفة أن السودانيين في مصر محميون بموجب القانون.
كما أنه بموجب الاتفاق المعروف باسم "الحريات الأربعة" المبرم سنة 2004، لهم الحق في التنقل والإقامة والعمل وامتلاك العقارات في مصر. كما أن لهم الحق في التعليم وتلقي الرعاية من القطاع العام، مثلهم مثل أي مواطن مصري آخر.
ويرجع ذلك إلى العلاقات التاريخية التي جمعت هذين البلدين. لكن الحقيقة على أرض الواقع مختلفة تماما، فممثل المفوضية العليا للاجئين في القاهرة، يؤكد أن اللاجئ السوداني يواجه صعوبة كبيرة في التأقلم.
وأفاد راغنيلد أنه إلى جانب صعوبة اللهجة المصرية فإن العديد من السودانيين يتعرضون لمضايقات عنصرية، وبالتالي فإن كثيرا من الآباء يفضلون إرسال أبنائهم إلى مدارس يديرها اللاجئون أنفسهم بدعم من المفوضية.
وذكرت الصحيفة أنه في سنة 2005، دعمت وكالة الأمم المتحدة عشرين مؤسسة من هذا النوع، استقبلت أكثر من 7 آلاف طفل سوداني.
فعلى الرغم من أن حقهم في الحصول على الرعاية مكفول، إلا أن كثيرا من السودانيين يعانون من أمراض مزمنة مثل فقر الدم والفشل الكلوي والسكري وارتفاع ضغط الدم.
ندى مثلا لم تعد تتسلم منحتها الشهرية، والتي تقدر بـ 650 جنيها مصريا، وتقوم المفوضية العليا للاجئين في مصر بصرف منحة شهرية للاجئين ولطالبي اللجوء السياسي، تتراوح بين 400 و1400 جنيه مصري، أي ما يعادل 45 إلى 150 يورو، لكن برامج التمويل الموجهة للدول الإفريقية والعراقية ما انفكت تتراجع في السنوات الأخيرة.
وقالت الصحيفة إن معظم السودانيات توجهن للعمل كخادمات في المنازل، وذلك لجمع المزيد من المال. ويتم في بعض الأحيان استغلالهن وإساءة معاملتهن، وخير مثال على ذلك ندى، التي تضطر إلى تحمل أرباب عملها على الرغم من عدم احترامهم لها.
ومع ذلك فإن بعض المصريين عرضوا عليها المساعدة، لكنها ترددت في قبولها وقالت إنها لا ترغب في التسبب بضرر لأي شخص في هذه البلاد، التي على الرغم مما حصل، استقبلتها.
وأضاف الصحيفة أن ندى عند انتهاء عملها، تتجه لأخذ دروس في اللغة الانجليزية، وذلك لتسهيل اندماجها في الأرض التي ستلجأ إليها لاحقا، والتي ستكون إما الولايات المتحدة أو أستراليا، وترفض ندى الهجرة عن طريق البحر، وتفضل التحلي بالصبر والسفر بطريقة قانونية.
ويتمثل هدفها في توفير مستقبل أفضل لابنها البالغ من العمر 20 عاما، الذي تعرض لقطع إصبعه من قبل شبان مصريين، وذلك إثر مشادة كلامية دارت بينهم، نعتوه فيها برجل الليل بسبب بشرته السوداء.