نشأت راكيل دي أوليفيرا طفلة تصارع الجوع في البرازيل ثم فتاة تعيش في قلب أوساط الجريمة ثم زوجة لأحد أشهر تجار
المخدرات وزعيمة لعصابة، لكنها قررت قبل عشر سنوات أن تطوي هذه الصفحات من حياتها، لتصبح اليوم
شاعرة وأديبة ينتظر القراء كتبها.
في سن السادسة، كانت راكيل تتنشق الغراء لتخدر شعور التضور بالجوع، وفي سن التاسعة باعتها جدتها إلى مستثمر في ألعاب القمار، وفي سن الحادية عشرة تلقت مسدسا كهدية.
بعد ذلك تزوجت من نالدو، أكبر زعماء عصابات المخدرات في ضاحية روسينيا، كبرى مدن الصفيح في ريو دي جانيرو وفي البرازيل.
وبعدما قتل زوجها في اشتباك مع الشرطة تولت هي بنفسها شؤون تجارة المخدرات، لكن إدمانها على الكحول والكوكايين جعلها تخسر كل شيء.
قبل عشر سنوات، قررت راكيل أن تتلقى العلاج من الإدمان، وتعرفت على الشعر واحبته، ثم قررت أن تستأنف دروسها الثانوية ومن بعدها دارسة التربية في الجامعة.
واليوم، في سن الرابعة والخمسين، نشرت راكيل رواية بعنوان "الرقم واحد"، تقول عنها "إنها قصة حياتي، لولا الأدب لما تمكنت من مواجهة تاريخي".
إضافة إلى ذلك، تشعر راكيل أن الكتابة تمتعها وتساعدها في الابتعاد عن المخدرات وتسكين الآلام، بحسب ما تقول في مقابلة مع مراسل وكالة فرانس برس في المعرض السنوي للكتاب في مدن الصفيح "اف لي يو بي بي"، الذي يقام في مرتفعات كوباكابانا.
قبل سنتين نشر المعرض أولى القصائد الشعرية التي نظمتها راكيل، واليوم يعرض كتابها الجديد عن حياتها التي بدأت بائسة منحرفة وتحولت إلى رحاب الأدب والإنتاج الفكري.
فوالدتها كانت تعمل مدبرة منزل وتعيش لدى مشغليها في منزل فخم في كوباكابانا، فنشأت هي مع جدها الذي تكتفي بوصفه بأنه "متحرش بالأطفال"، في منزل متداع في روسينيا تغطي أرضه أوراق الصحف.
في سن السادسة، حبسها والدها في الكوخ وتركها، فاعتلت السطح وهربت من سطح إلى آخر، وعاشت وسط أطفال مدينة الصفيح الذين كانوا يمضون أوقاتهم بين تنشق الغراء واللعب بالطائرات الورقية.
ثم توكلت بها جدتها إلى سن التاسعة، بعد ذلك باعتها إلى صاحب ألعاب قمار. وتقول: "كانت مدمنة على لعبة الروليت، وباعتني مقابل المال".
وكان صاحب ألعاب القمار هذا يشتري الفتيات من العائلات المعدمة، وكن غالبا ما ينتهين في براثن الدعارة.
إلا أن راكيل نجت من هذا المصير بفضل كاهن مبشر كان ذا تأثير على الرجل فأقنعه بأن يتبناها. وفعلا، عاشت راكيل عند هذا الرجل كابنته، وفي سن الحادية عشرة أهداها مسدسا لتحمي نفسها.
في سن الخامسة والعشرين، تزوجت راكيل من نالدو، أكبر تجار المخدرات في روسينيا، وهو كان يتمتع بشخصية جذابة، وكان يعطي تصريحات لوسائل الإعلام، وهو أول من أدخل الأسلحة النارية إلى الضاحية.
وتقول عنه: "كان حب حياتي، عشنا معا ثلاث سنوات رائعة".
بعد مقتل زوجها، تحولت هي نفسها إلى تجارة المخدرات، وأصبحت بعد ذلك مدمنة على الكوكايين والكحول.
وتقول: "كانت الكوكايين تعويضا لي عن فقدان زوجي". في العام 2005، تطوع أحد أصدقاء راكيل لمساعدتها، وأقنعها بالعلاج من المخدرات.
لا يبدو أن راكيل تحمل أسى من حياتها الماضية، بل كل ما يقلقها الآن أن تنجح في تحقيق مشاريعها، من الحصول على الماجستير في التربية، إلى إنهاء روايتها الجديدة وديوانين شعريين.