بعدما انسحبت نزولا عند الطلبات الأمريكية بهذا الصدد؛ نظرا لاعتراض السنّة، شهدت الأسابيع الماضية عودة بعض فصائل
الحشد الشعبي، ككتائب حزب الله وكتائب الشهيد الأول، إلى معارك مدينة
الرمادي في محافظة
الأنبار العراقية، حيث انخرطوا مجددا بالعمل القتالي في الجبهتين الشرقية والشمالية للمدينة.
مسؤول رفيع في قيادة عمليات الأنبار، قال في حديث مع "عربي21"، مشترطا عدم ذكر اسمه أو منصبه، إن كتائب حزب الله عادت إلى مقراتها السابقة منذ أكثر من شهر في مدينة الخالدية، شرق الرمادي، لكن القيادات الأمريكية، على ما يبدو، "صرفت النظر عن قرارها السابق بمنع فصائل الحشد الشعبي من الاشتراك في معارك تحرير الرمادي".
وذكر المسؤول الرفيع أن كتائب حزب الله في بداية عملية تحرير الرمادي حاولت الوصول إلى الجبهة الشمالية للمدينة، "لكنها لم تستطع؛ بسبب كثافة تواجد عناصر تنظيم الدولة على الطرق المؤدية إليها، وقد عادت للتمركز في الجبهة الشرقية للمدينة".
واستدرك المسؤول قائلا: "لكن مقاتلي كتائب حزب الله وكتائب الشهيد الأول استطاعوا التواجد بالفعل في شمال وجنوب الرمادي خلال الأيام القليلة الماضية".
وفي معرض حديثه، أشار المسؤول إلى توقعات مسبقة بتغيير المعادلة على الأرض بعد مشاركة فصائل الحشد الشعبي، خلال المواجهات الأخيرة التي شهدتها جبهات الرمادي في الأسبوع الماضي، إلا أن هذه التوقعات "لم تكن في محلها، حيث كنا نراهن على الدوافع الدينية لمقاتلي الحشد الشعبي، لكن هذا الرهان لم يصمد أمام الصعوبات التي تواجهها القوات المهاجمة والمتمثلة بحقول الألغام وشبكة الكمائن والانتحاريين".
لكنه، من جهة ثانية، أكد على أن العبء الأكبر يتحمله مقاتلو العشائر الذين كانوا رأس الحربة في الهجوم، وكانوا "الأكثر تضحية من الجميع"، حسب قوله.
وحول ما إذا كان الحشد الشعبي قد استحصل على موافقات مسبقة لعودته ثانية إلى جبهات القتال في الرمادي، قال المسؤول الرفيع في قيادة عمليات الأنبار إن أمرا كهذا لم يحصل، "لأن الحشد الشعبي يتخذ قراراته بشكل مستقل عن أي جهة في الدولة العراقية"، لكنّه أعرب عن اعتقاده بأن تدخل الحشد جاء "بطلب من قيادات عسكرية تدين بالولاء له، وللمرجعية الدينية، أكثر من ولائها للمؤسسة العسكرية الوطنية التي يُشغلون فيها مناصب قيادية"، بحسب تعبيره.
وكشف المسؤول العسكري العراقي عن أن مقاتلي العشائر "لا يتقبلون وجود الحشد الشعبي في مناطق تواجدهم"، واصفا ذلك بأنها "مشكلة رئيسية لها انعكاسات سلبية على سير العمليات القتالية".
ونوه المصدر إلى أن قيادات العشائر ترفض تواجد الحشد الشعبي، لأسباب تتعلق بـ"عدم التزامهم بتوجيهات القيادة المشتركة لعمليات تحرير الأنبار".
وعن أسباب تعثر عملية استعادة مدينة الرمادي، لخصها المسؤول الرفيع في قيادة عمليات الأنبار، بتعدد القيادات، ووجود أكثر من مصدر لاتخاذ القرار، وغياب الرؤية المتطابقة لأهداف الجهات المقاتلة من الهجوم على المدينة، في الوقت الذي يقاتل فيه "تنظيم الدولة على كافة الجبهات بقرار مركزي أهّله لاستثمار الخلل في صفوف المهاجمين. ومن هذا المنطلق، فإنّ التنظيم يُفضل المواجهة مع الحشد الشعبي؛ لافتقارهم للقتال المحترف، والالتزام بالسياقات العسكرية التي تحافظ على أرواح الجنود أثناء المعارك"، وفق تقديره.
وأعلن المسؤول عن إحراز الجيش العراقي ومقاتلي العشائر الذين دربتهم أمريكا مؤخرا، إضافة إلى مقاتلي الصحوات، "بعض التقدم على الجبهة الغربية من الرمادي، في غياب تام لأي مقاتل من الحشد الشعبي، فيما لم تُحقق الجبهات الأخرى تقدما يذكر".