كشف مسؤول عسكري عراقي رفيع، لـ"
عربي21"، أن الأشهر القليلة الماضية شهدت المزيد من الاتصالات السرية التي أجرتها قيادات عسكرية عراقية مع قيادات أمريكية، تحاشيا لتدخل قيادات مليشيات
الحشد الشعبي.
وقد تم الاتفاق على البدء بإعادة بناء بعض وحدات
الجيش العراقي على أسس المهنية والكفاءة. وكانت بداية العمل المشترك بإعادة تأهيل اللواء 72 وتجهيزه، على يد المستشارين الأمريكيين، استعدادا لمشاركته بهجمات برية خاطفة على مواقع تمركز مقاتلي
تنظيم الدولة.
وفي اتصال لـ"
عربي21"، قال المسؤول العسكري الموجود في معسكر التاجي، شمال بغداد، إن اللواء 72 تشكّل من نخبة "تم اختيارهم وفق معايير أمريكية خاصة، من ضباط وجنود عراقيين يتمتعون بإمكانيات وقدرات عالية".
وأضاف: "ستكون مهمته الأساسية شن هجمات برية سريعة، وتنفيذ عمليات اقتحام المدن بإسناد من المدفعية الثقيلة، وبالتالي سيكون أحد أهم وحدات الجيش العراقي التي ستعتمد عليها القيادات العسكرية الأمريكية في عملية تحرير المدن والمناطق من سيطرة تنظيم الدولة".
وتأتي إعادة تأهيل "اللواء 72" ضمن الخطة الأمريكية الهادفة إلى بناء "قوة عسكرية مهنية بإشراف ضباط ومستشارين أمريكيين"، حسب المسؤول العسكري الذي أعرب عن اعتقاده بـ"نجاح الخطة الأمريكية للعمل في إطار المؤسسة العسكرية الرسمية بعيدا عن القوى المليشياوية، كالصحوات العشائرية والحشد الشعبي، وتوفير النفقات التي تُصرف عليها لإعادة بناء المؤسسة العسكرية العراقية".
ولا يرى المسؤول العسكري أي حرج من "التدخل الأمريكي في إعادة بناء المؤسسة العسكرية، بما فيها التدخل في المسائل التي تتعلق بإبعاد بعض كبار القيادات العسكرية التي تشكل عائقا في مسيرة تطوير الجيش حسب الرؤية الأمريكية الجديدة".
ويتجهز مقاتلو "اللواء 72" بأسلحة أمريكية خفيفة ومتوسطة، إضافة إلى "معدات عسكرية أخرى، كأجهزة الاتصال الحديثة، والكاميرات، وأجهزة تحديد المواقع، والأقنعة الكيمياوية"، حيث يعتقد الأمريكيون بأن "تنظيم الدولة سوف لن يتوانى عن استخدام أية أسلحة بحوزته، بما فيها الأسلحة الكيمياوية"، بحسب المسؤول العسكري العراقي.
ويُفضل معظم قادة الجيش العراقي، وفق ما قاله المسؤول العسكري، الخدمة بعيدا عن جبهات القتال؛ لأسباب تتعلق بـ "شعور عام بأن الجيش بات اليوم قوة ثانوية تأتمر بأمر قيادات الحشد الشعبي، التي هي من تمتلك قرار بدء المعارك أو وقفها أو الانسحاب، وهي قيادات لا تفقه في ميدان المعركة سوى خطاب الثأر والانتقام الطائفي لإثارة حماسة المقاتلين الشيعة".
ويرى المسؤول العسكري أنّ "اللواء 72"، ووحدات أخرى يتم تأهيلها، ستشكل قوة مستقبلية قادرة على تغيير الواقع في الميدان، وتنفيذ عمليات غير مسبوقة في جبهات القتال.
ولفت المسؤول العسكري إلى "رفض القيادات الأمريكية تبعية اللواء 72 مستقبلا للحشد الشعبي، أو تلقي الأوامر منه، أو القتال تحت قيادته"، لكنه لا يرى ما يمنع من "قتال فصائل الحشد الشعبي كقوة ثانوية تتلقى أوامرها من القيادات العسكرية للجيش العراقي، لكنّ أمرا كهذا لا يروق لقيادات الحشد التي تسعى لفرض سيطرتها على المؤسسة العسكرية، تحت غطاء شرعي تستمده من المرجعية الدينية في النجف التي أفتت بالجهاد الكفائي الذي تشكلت فصائل الحشد الشعبي استجابة لتلك الفتوى".
يُذكر أن الولايات المتحدة تبذل جهودا كبيرة لإعادة بناء القوات الأمنية العراقية التي تسببَ انهيارها في سقوط مدينة الموصل ومدن أخرى بيد تنظيم الدولة، منتصف العام 2014، كما تسعى باتجاه آخر لتدريب المقاتلين السُنّة في إطار برنامج أمريكي لتدريب المتطوعين من أبناء العشائر السُنيّة.