حذر مركز دراسات أردني من فتح الباب أمام
تنظيم الدولة وغيره من التنظيمات العسكرية، لتمكينهم من استقطاب مزيد من الشباب الأردني، بسبب غياب كثير من مظاهر وصور
العدالة الاجتماعية في البلاد.
وفي
دراسة غير مسبوقة، أعدها مركز "هوية" حول غياب العدالة الاجتماعية بين طبقات وفئات المجتمع الأردني، تحت عنوان "نظرة عامة على العدالة الاجتماعية في الأردن، نحو إرساء قاعدة لنقاش العدالة الاجتماعية في المملكة"، كشفت عن "عدم وجود مساواة اجتماعية في الأردن فيما يتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية والجندرية، إضافة إلى ما يتعلق بالجنسية".
ومركز "هوية"، كما يصف نفسه، هو مؤسسة مستقلة تساعد على قيادة عملية التنمية في الشرق الأوسط، كما يساعد المركز في تمكين الناس من المشاركة الكاملة في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال التوعية والدعوة والتدريب.
الدراسة الحقوقية التي لم يتطرق لها الإعلام الحكومي، طرحت تخوفات جراء غياب العدالة الاجتماعية، متمثلة بإمكانية جنوح كثير من الشباب الأردني الذي يشعر بغياب صور ومظاهر العدالة الاجتماعية، من خلال تبنيه أفكارا متشددة ومتطرفة تعود بنتائج سلبية وخطيرة على البلاد، وفقا لما أفاد مدير المركز محمد الحسيني.
وقال مدير مركز "هوية" محمد الحسيني في حديث خاص لـ"
عربي21" حول الدراسة التي ستصدر قريبا في كتاب: "لم نتمكن في الأردن من الوصول إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، فالخلل والفجوة واضحين في هذا الشأن، جراء توجهات رسمية خاطئة، نخشى أن تعمل التنظيمات المتطرفة والمتشددة على استغلالها بشكل أكبر، الأمر الذي سيعزز العنف والتشدد والتطرف".
وحول الدراسة، رأى الحسيني أنه يتعين على المؤسسات وأصحاب القرار "تدارك الخلل، والعمل على ملء الفجوة وتغيير النهج، فبغير ذلك، سيتشجع أصحاب الأفكار والأجندة السوداوية على استقطاب مزيد من الشباب اليائس، للاستفادة منهم في تحقيق مآربهم وأهدافهم الخطيرة التي تعود على المجتمع بالدمار والهلاك".
ودعا الحسيني أصحاب القرار إلى "توفير المعاملة العادلة والحصة التشاركية من خيرات المجتمع للجميع، وتوزيع النفعية الاقتصادية، والعمل على إعادة توزيع الدخل القومي وتكافؤ الفرص".
يشار إلى أن الأردن يشارك دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية الذي يصادف في العشرين من شهر شباط/ فبراير من كل عام، ويجري فيه استذكار تحقيق التنمية وصون كرامة وحقوق الإنسان ومبادئ التعايش السلمي والمساواة بين الجنسين.
وتعتبر الدراسة أن العدالة الاجتماعية تهدف إلى "تذليل وإزالة الفوارق الاقتصادية بين طبقات المجتمع الواحد؛ حيث تعمل على توفير المعاملة العادلة، وتوفير الحصة التشاركية من خيرات المجتمع للجميع".
ورأت الدراسة المنشورة على موقع المركز الإلكتروني، واطلعت عليها "
عربي21"، أنه "يشعر الذين جرى التمييز ضدهم في المجتمع، أن لا طائل من الجهد والعمل؛ لأن الآخرين وصلوا إلى ما وصلوا إليه دون ثمة حاجة لذلك، فقد وصلوا عن طريق
الواسطة والمحسوبية".
وتوصلت الدراسة إلى أن "مفهوم العدالة الاجتماعية لم يصل بعد إلى حالة الشيوع في الأردن، ولم يتم تبني هذا المفهوم من قبل المنظمات غير الحكومية أو مراكز الدراسات في الأردن، ولم يدخل هذا المفهوم بمفردات حديث الأردنيين أو بما يناقشونه من مواضيع".
وكشفت الدراسة أن "الظلم الاجتماعي يظهر ظهورا طاغيا، وشائعا لدرجة قيام العديد من المنظمات غير الحكومية وشبه الحكومية بالعمل في المملكة، باتجاه تصحيح هذه الحالة من الظلم الاجتماعي".
ومن صور الظلم الاجتماعي، ذكرت الدراسة أن "انخراط العديد بالمؤسسات في الأردن يعتمد بشكل كبير على الواسطة، حيث يحظى صاحب الواسطة بقدرات أكبر للانخراط في التعليم والاستفادة من الخدمات، وكذلك يتمتع بفرص أكبر للحصول على الوظائف في داخل مؤسسات الدولة".
كما لفتت الدراسة إلى مثال آخر من أمثلة الظلم الاجتماعي، وهو "انعدام الإنصاف بتعليمات الالتحاق بالجامعات، حيث يحصل الطلاب ذوي المعدلات المنخفضة في امتحان الثانوية العامة على مقاعد دراسية تفضيلية، على الرغم من انخفاض معدلاتهم مقارنة بطلبة آخرين".
لكن الأمين العام لحزب العدالة الاجتماعية عبد الفتاح النسور، له رأي مخالف، حيث رفض القول بأن "المجتمع الأردني يفتقر إلى العدالة الاجتماعية"، مستدركا في الوقت نفسه بقوله: "بالرغم من وجود أمثلة قليلة هنا وهناك عن غياب العدالة الاجتماعية، إلا أن الوضع الأردني في هذا الشأن مطمئن ولا يثير القلق".
وقال النسور لـ"
عربي21": "إن العدالة المطلقة لا تأتي إلا من السماء فقط، فبالمقارنة مع محيطنا العربي، نجد أن المجتمع الأردني يعيش صورا وأمثلة من العدالة الاجتماعية تفتقر لها كثير من الدول العربية، بالرغم من عدم وصولنا إلى العدالة الاجتماعية المطلوبة، إلا أن الوضع الداخلي مطمئن إلى حد كبير".
وفي رأيه حول الدراسة الصادرة عن مركز "هوية"، اعتبر النسور أن "الدراسة بالغت بشكل كبير، فما تطرحه الدراسة غير وارد وبعيد عن الواقع والمنطق، واستبعد ما جاء فيها، فالشباب الأردني بالرغم من الإحباط وصور غياب العدالة إلا أنه لم يصل إلى التفكير الذي ينقله إلى التطرف ومحاربة بلاده بالانضمام إلى التنظيمات المتشددة والمتطرفة".