هاجمت صحيفة "
القدس العربي"، الصادرة من لندن، السلطات الأردنية بعد منع قرارها منع طباعة الصحيفة الأحد، مشيرة إلى أن الأردن مصاب بحالة من "الفصام".
وفي افتتاحيتها الصادرة الأحد، مرفقة مع كاريكاتير تضامني من الفنان البرازيلي كاروس لطوف؛ ابتدأت الصحيفة بقولها إنها "تقدر الأردن ومواقفه وتحترم قيادته ومؤسساته، وحرصت على مراعاة مصالحه الأساسية والمصالح العربية عموما، من خلال تقديم الآراء الموضوعية والأخبار الدقيقة وتجنب التفاصيل التي من شأنها إثارة التكهنات أو إعاقة الأمن والاستقرار في بلد يحترق الإقليم حوله مثل الأردن".
واعتبرت "القدس العربي" أن "سقف الحرية الإعلامية في المملكة انخفض، والقرار الأخير دليل عليها، خلافا لما تقوله المملكة"، مشيرة إلى أن "سياسة منع طباعة الصحف تنتمي إلى تلك العقليات التقليدية التي توحي ضمنيا بأن في عمان حكومة لا تثق بنفسها ويوجد لديها فعلا ما تخفيه".
وذكّرت الصحيفة بسماح الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال للصحيفة عام 1997، بعد أن كانت ممنوعة وأغلقت مكاتبها، وقال حينها: "نثق بأنفسنا ولا يوجد ما نخفيه، وسياسة مراقبة المطبوعات ينبغي أن تتوقف اعتبارا من اللحظة"، بحسب الصحيفة، مشيرة إلى أن السلطات رفعت حينها، وامتثالا للأمر الملكي شعار "المطبوعات الأجنبية من المنتج إلى المستهلك"، كما أنه تم تعديل الأنظمة القانونية ذات العلاقة، لكن الرقيب المتخصص بمراقبة الكلمة ومصادرتها بقي حاضرا ومتربصا، على حد تعبيرها.
وانتقدت افتتاحية "القدس العربي" وجود إدارة متخصصة بمراقبة المطبوعات ومنعها "حتى وإن منحتها اسما مختلفا أو وصفا تمويهيا"، مشيرة إلى أن هذه الإدارة هي التي "راسلت المطبعة مباشرة وقررت وبصورة خفية لا تليق بالأردن، منع طباعة (القدس العربي) من دون أي اتصال من أي نوع مع مكتب الصحيفة وممثليها".
اقرأ أيضا: الأردن يمنع طباعة صحيفة القدس العربي
وحول تفاصيل القرار، فقد قالت الصحيفة إن "القرار اتخذ سرّا ثم بدأت سلسلة من الذرائع البيروقراطية دون أن يتم إبلاغ الصحيفة ولا مكتبها في عمان بأي موقف أو سبب واضح ومحدد. وطوال خمسة أيام طلبت فيها الوزارة المعنية مهلة لمراجعة القرار الذي يبدو أنه اتخذ من جهات خارج الحكومة أقوى منها تتجاهل عندما تقرّر، لاعتبارات غير مفهومة، مبادئ تشجيع الاستثمار والتفاعل الإيجابي المهني والقانوني معه، وتتعاكس مع الصورة التي يحاول زرعها في العالم ملك عصري منفتح يجيد مخاطبة الإعلام الغربي ويعلن تأييده لرفع سقف حريات
الصحافة ويتذمر هو نفسه من (رقيب المطبوعات)".
وتابعت بالقول: "يجول ملك الأردن طول بلاد الله وعرضها وهو يحاول اجتذاب ما تيسر من استثمار ويعرض على من يزور البلد ميزتين لا ثالث لهما: الاستقرار الأمني والسياسي وحريات الإعلام في بلاده. ومن يحبط خطط الملك ويعاكس اتجاهاته ومشاريعه هم مجموعة من الموظفين البيرقراطيين وليس الصحف الكبيرة أو الأقلام الواعية المهنية".
"الفصام الأردني"
ووصفت الصحيفة السلطات الأردنية بأنها مصابة بـ"الفصام"، قائلة إن "المشكلة ليست على الإطلاق بعبور كلمة أو معلومة مكتوبة هنا وهناك، ولكن بالأدوات والذرائع التي تعلي دوما من شأن الأمني على حساب الوطني المصلحي والسياسي والقانوني والدستوري"، معتبرة أن مشكلة الأردن بهذا النمط من "الفصام والفوارق التي تتمأسس يوميا ما بين الخطاب الملكي الإصلاحي وتصرفات الأجهزة التنفيذية وفي مختلف القطاعات والساحات".
واعتبرت الصحيفة أن مشكلة الأردن لا يمكن اختصارها بصحيفة عريقة ووازنة مهنيا مثل "القدس العربي"، ولن تعالج ولن تحل مشكلات المملكة الأردنية الهاشمية بمنع طباعة الصحف وبالسماح بمثل هذا الفصام، معتبرة أن "من يخطط لتلفزيون مجتمعي يمثل المستقبل ويستعين بالمهنيين ويدعم الاستقلالية المهنية لا يمكنه الاسترسال في منع طباعة الصحف ومطاردة النشر والتضييق على الحريات الإعلامية والاستثمار الإعلامي على هذا النحو الفصامي المخجل"، بحسب تعبيرها.
وأكدت الصحيفة أن القرار لن يمنعها من دخول الأردن، سواء عبر موقعها الالكتروني، أو كـ"صحيفة خارجية"، مشيرة إلى أن هذا "الإجراء غير المبرر لن يؤثر على موقف (القدس العربي) ومبادئها وأخلاقياتها المهنية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالحرص على مصالح الأردن والأردنيين".