نشر موقع موندافريك الفرنسي تقريرا حول الصراع في رأس
السلطة في
الجزائر، وقال إن الرئيس عبد العزيز
بوتفليقة نجح في تسجيل نقاط على حسب خصومه في جهاز المخابرات، ولكن هذا الجهاز الذي يعتبر دولة داخل الدولة، لا يستسلم بسهولة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن معسكر الرئاسة كسب في الفترة الماضية معركة هامة من معاركه مع رجال المخابرات، ولكن المدير السابق لهذا الجهاز، الذي تم إقصاؤه عبر إحالته على التقاعد الإجباري، انتفض بعد أن ظن الجميع أن دوره قد انتهى، ونجح من خلال خطوة صغيرة تعبر عن دهاء وخبرة تكتيكية كبيرة، في إسقاط حسابات خصومه.
وأضاف التقرير أن
الجنرال توفيق كتب رسالة خطية أجهضت ما بناه أصدقاء ومعاونو بوتفليقة في سنوات، لأنها أحرجت النظام الحاكم، ووضعت مصداقية رئيس أركان الجيش الجزائري ورئيس الجمهورية على المحك، بعد أن شكك في ظروف محاكمة الجنرال حسان، مسؤول قسم مكافحة الإرهاب، ووصف الحكم الصادر ضده بالسجن لخمس سنوات نافذة بأنه خيانة حقيقية.
وذكر التقرير أن الجنرال توفيق كان قد عقد اتفاقا مع رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح، والرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يقضي بقبوله بقرار إحالته على التقاعد، في مقابل منع أي مضايقات أو ملاحقات قضائية ضد رجاله الذين ساعدوه في مهامه لسنوات.
ونقلت الصحيفة عن أحد المقربين من الجنرال توفيق قوله إن "الجنرال قبل بعملية التغيير وإعادة الهيكلة التي فرضها بوتفليقة على جهاز المخابرات، وعقد تسويات وقدم تنازلات، ولكنه فوجئ فيما بعد بحملة شعواء ضد رجاله المخلصين".
واعتبر التقرير أن بوتفليقة أساء تقدير الموقف بسبب استماعه لأحمد قايد صالح، واعتقد بكل سذاجة أن جهاز المخابرات القوي، وشبكات المصالح والنفوذ التابعة له، تم تحجيمها والسيطرة عليها. ولكن بعد أيام قليلة من إصدار الحكم في حق الجنرال حسان، جاءت "رسالة التسعة عشر" التي وجهتها 19 شخصية سياسية وثقافية للرئيس، لتضعه في موقف محرج جدا، بعد أن شككت في قدرته الصحية على إدارة شؤون البلاد.
وأضاف التقرير في السياق ذاته أن الجنرال توفيق؛ نجح بشبكات نفوذه القديمة في تأليب المعارضة الجزائرية ضد قانون المالية لسنة 2016، كما ظهرت بعد التحركات الاحتجاجية في المناطق الصناعية، وتجري تحضيرات لإضرابات في قطاعات عديدة، وهو ما وصفه ضابط سابق في دائرة الاستعلامات والأمن بأنه "ليس إلا بداية لمسلسل طويل من الاضطرابات، لأن الجنرال توفيق لا يترك رجاله الذين ضحوا من أجله".
ونقل التقرير عن مصدر آخر مقرب من المخابرات، أن "ما يريده الجنرال بالضبط هو الإفراج عن الجنرال حسان، وتقييد حرية الفريق قايد صالح، الذي يقوم بمناورات خبيثة ويحوك المؤامرات ضد القادة السابقين للمخابرات وكل من له علاقة بهم".
وأضاف أن "جهاز الرئاسة التقط الرسالة وفهمها جيدا، ولكنه لم يجر أية نية لمراجعة موقفه، بل إن قايد صالح انتظر عودة الرئيس من رحلة العلاج في مدينة غرونوبل الفرنسية، ليطالبه بمحاكمة الجنرال توفيق لأنه تحدى القضاء العسكري بشكل علني".
وأشار التقرير إلى أن الرئيس بوتفليقة فضل تهدئة قايد صالح وأخذ مهلة للتفكير في خطوته القادمة، لأنه يشعر بأن الصراع بدأ يخرج عن السيطرة ويأخذ منحى خطيرا. وفي انتظار ذلك، قرر قايد صالح، وسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس والعقل المدبر لمخططات معسكر الرئاسة، تعزيز إجراءات الحماية الأمنية، خوفا من التعرض لرد فعل انتقامي من رجال المخابرات الغاضبين من محاكمة الجنرال حسان.
وذكر التقرير في هذا السياق أن سعيد بوتفليقة أصبح يركب سيارة مصفحة خلال كل تنقلاته، وهو محاط بحماية مشددة، ترافقه حتى في سهراته التي تعود قضاءها في نزل "لو باسيو" في حي حيدرة الفاخر في العاصمة الجزائرية. أما الفريق قايد صالح فقد استعان بحراس شخصيين مدنيين، لأنه لم يعد يثق كثيرا برجال الجيش، وقد شوهد بصحبة هؤلاء الحراس لدى زيارته الأخيرة لمقر وزارة الدفاع، في منطقة الأبيار في العاصمة.