دخل
الحراك الجنوبي في صلب السلطة السياسية باليمن، بعدما باتت قياداته على رأس الهرم التنفيذي بمدينة
عدن، عاصمة البلاد المؤقتة، وهو أمر حظي بمباركة نائب الرئيس
اليمني الأسبق، علي سالم البيض للقرارات الأخيرة، بشأن تعيين عيدروس الزبيدي، محافظا لعدن، وشلال علي شايع، مديرا لشرطة المدينة، حيث يعرف الرجلان بتحمسهم لاستعادة دولة ما قبل الوحدة مع الشمال.
وعلي صعيد آخر، أثار هذا الحدث تساؤلات عن دلالة هذه التعيينات، وعلاقتها بتدشين مرتقب للأقاليم ـ الشكل الاتحادي للبلاد ـ والبداية من إقليم عدن، وعلمه الخاص ـ الإقليم ـ لدولة الجنوب الأسبق. حسبما ذكرته مصادر سياسية لـ"
عربي21".
احتواء واختبار
يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أن تنصيب قياديين في الحراك الجنوبي، بدا عليهم التحمس لاستعادة جمهورية اليمن الديمقراطية، على رأس السلطة التنفيذية في محافظة عدن، لا يمكن فهمه إلا في سياق المزيد من "تعزيز الثقة لدى هذا الطرف (الحراك) الذي ظل يثير القلاقل، ويساهم في تآكل النتائج الهامة لعملية تحرير المحافظات الجنوبية".
وقال في تصريح لـ"
عربي21" إن هذا "التعيين سوف يسهم في إحداث التمييز بين قوى الفوضى التي تتسيد الوضع في عدن، وسيختبر حالة الشراكة القائمة فيما بينها، وسيكون الحراك منذ اليوم في مواجهة التنظيمات المتشددة، حيث سيتمكن أحدهما من القضاء على الآخر، إذا استمرت حالة الغياب الراهنة للدولة عن مجريات الأحداث".
وأوضح التميمي أن "الحراك يستند على دعم الإمارات العربية المتحدة، التي ربما اطمأنت هي أيضا إلى أن قوى متفقة مع مشروعها السياسي تهيمن على عدن، وبالتالي سوف تغيب الأعذار وسيكون على أبوظبي أن تدعم عملية واسعة لإعادة الاستقرار إلى المدينة".
وأشار إلى أن "الأمر يبدو تكتيكيا، لأن مسألة تقرير مصير الجنوب، لا يحسم فقط بإسناد المناصب إلى قيادات جنوبية، فلو كان هذا الأمر سهلا لأنجزته الشخصيات التي تتولى حاليا المناصب العليا في الدولة".
ويعتبر من وجهة نظره، أن "إعادة ترسيم الحدود بين شطرين يمنيين موحدين، مهمة صعبة لأنها ستخلط كل الأوراق، ولن تضمن بقاء الجنوب مستقرا أو في معزل عن حرب مع القوى الشمالية".
تهدئة واعتراف
واعتبر الإعلامي والمحلل السياسي، عبد الله إسماعيل، أن الدفع بقيادات بارزة في الحراك إلى واجهة السلطة في عدن، يأتي في إطار "مساعي التهدئة بهدف إنهاء الحرب"، وهذا ما يدل عليه تعامل الرئيس هادي مع رموز الحراك السلمي المطالب بالانفصال.
وقال عبد الله إسماعيل في تصريح خاص لـ"
عربي21" إن هناك اتفاقا أو توافقا، هدفه "تهدئة التباينات في صف المناوئين لمشروع حلف "صالح الحوثي"، مضيفا أن هذه "التهدئة تتم برعاية خليجية ضامنة تحرص على عدم انهيار اليمن وتؤدي إلى إعادة ترتيب اليمن بما يرضي كل الأطراف".
ولفت إلى أنه من "الأهمية بمكان التعامل مع الواقع بصبر وببعد نظر، كما يجري التعامل مع المقاومة الجنوبية كحقيقة واقعية، كان لها الإسهام الفعال في تحرير المحافظات الجنوبية من تغول الحوثي وعلي عبد الله صالح"، موضحا أن "السعودية لن تسمح بهيمنة أي طرف على ملف المدينة المحررة".
وتابع إسماعيل أن "هذه المقاومة نتاج طبيعي للحراك السلمي الجنوبي، الذي كان رد فعل طبيعي لممارسات الإقصاء والتهميش والظلم التي عانت منها هذه المحافظات بعد حرب صيف 1994"، في إشارة إلى الحرب التي جرت بين الشمال والجنوب، عقب إعلان الأخير الانفصال عن الأول، بعد أربع سنوات من الوحدة.
من جانب آخر، علمت صحيفة "
عربي21" من مصادر سياسية في عدن، أن قيادات الحراك الجديدة في عدن، تنوي إعلان إقليم عدن، يكون مكونا من محافظات "أبين ولحج والضالع"، وعاصمته عدن، على أن يكون علم الإقليم، هو علم دولة الجنوب قبل الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية في الشمال.