نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول انتخابات المجالس البلدية التي أجريت في المملكة العربية
السعودية، والتي شهدت لأول مرة في تاريخ المملكة مشاركة
النساء السعوديات، ليس فقط من خلال التصويت، وإنما بالترشح أيضا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن 14 امرأة (تأكد الآن فوز 20 امرأة) تم انتخابهن للمجالس البلدية، في
الانتخابات التي جرت السبت. وعلى الرغم من أن هذا العدد يبدو متواضعا، إلا أنه يمثل خطوة هامة ستنعكس إيجابيا على مشاركة المرأة في الحياة السياسية في المملكة.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسار هذه الإصلاحات انطلق منذ سنة 2013، في عهد الملك الراحل عبد الله، الذي قام بإشراك المرأة في العمل السياسي من خلال تعيين 30 امرأة في مجلس الشورى السعودي، من أصل 150 عضوا في هذا المجلس.
ونقلت الصحيفة عن عضو المجلس هدى الحليصي، قولها: "صحيح أنه لم يتم انتخابنا، وعلى الرغم من أن مشاركة 20 في المئة فقط من النساء في المجلس تعتبر نسبة ضعيفة، إلا أنها تبقى نسبة هامة مقارنة ببعض الدول الأخرى".
واعتبرت الصحيفة أن ابنة السفير السعودي السابق في لندن والولايات المتحدة الأمريكية، هدى الحليصي البالغة من العمر 55 عاما، تعتبر من النخبة السعودية المثقفة، رغم السلطة المحدودة الممنوحة لها ولزميلاتها داخل مجلس الشورى، إلا أنهن تمكن بعد مطالبتهن بإسناد حق الاقتراع للمرأة، من تحقيق بعض النجاحات.
وأكدت الصحيفة أن إحدى أهم انجازات مجلس الشورى السعودي تحقق خلال الأسبوع الماضي، بدعم من قبل الملك، وتمثل في إصدار بطاقات هوية للنساء المطلقات في المملكة، تحمل أسماء أبنائهن، حتى يتمكنّ من إثبات هوية أطفالهن دون الحاجة إلى أزواجهن السابقين.
وأشارت الصحيفة في المقابل؛ إلى العديد من القرارات المجحفة نوعا ما في حق المرأة، التي لا يزال العمل بها قائما، مثل حظر قيادة السيارة على النساء، رغم مناشدة العديد من السعوديات برفع هذا الحظر. كما أن بنك الإسكان، يعطي الحق للرجل في الحصول على قرض سكني عند بلوغه سن الـ21، في حين أنه لا يحق للمرأة الحصول على هذا القرض إلا عند بلوغها سن الـ40.
ولكن هذه القرارات لم تحبط عزيمة النساء السعوديات داخل مجلس الشورى، حيث قالت هدى الحليصي: "خلال السنة الأولى من تكليفنا بمهمتنا، تلقينا عديد المضايقات التي تفيد بأنه ليس لنا مكان داخل المجلس، لكن في السنة الثانية كانت هذه المضايقات أقل، واليوم لا أحد تقريبا ينكر الدور الذي نقوم به داخل المجلس".
وأشارت الصحيفة إلى بعض النساء السعوديات اللواتي أثبتن جدارتهن في الحياة السياسية، فثريا عبيد مثلا تعتبر من أهم الناشطات داخل مجلس الشورى، كما أنها شغلت منصبا في الأمم المتحدة لمدة 35 عاما، قبل أن يتم تعيينها في المجلس.
وكانت ثريا عبيد أول امرأة سعودية تحصل على منحة تعليمية من قبل الحكومة السعودية، ما مكنها من أن تسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل مواصلة تعليمها. وفي السنة ذاتها، قرر الملك فيصل فتح أول مدرسة للبنات رغم معارضة رجال الدين، وبعد أربع سنوات، تم إسناد منح تعليمية للفتيات الأكثر تفوقا في المملكة.
ونقلت الصحيفة على لسان دبلوماسي أجنبي، مطلع بشكل جيد على نمط عيش السعوديين، أن "الأمور تأخذ منحى إيجابيا بالمملكة العربية السعودية، فبعد أن كانت المرأة السعودية ممنوعة من المشاركة في الانتخابات، نظرا للأحكام المحافظة المفروضة عليهن من قبل أولياء الأمور، أصبحن اليوم يتمتعن بحرية المشاركة في انتخابات المجالس البلدية".
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن عملية تحرير النساء السعوديات لن تقف عند هذا الحد، بل ستتبعها إجراءات عديدة من المحتمل أن تنصف المرأة السعودية أكثر، حتى تحصل على مكانتها المنشودة التي ستسمح لها بتوظيف إمكانياتها في العديد من المجالات.