تحتفل حركة التحرير الوطني
الفلسطيني "
فتح"، الجمعة، بمرور "51" عاما على تأسيسها، في ظل "تحديات سياسية" صعبة داخليا وخارجيا، كما يرى مراقبون فلسطينيون.
وتحتفل حركة فتح في الأول من كانون الثاني/ يناير من كل عام بذكرى تأسيسها منذ عام 1965، وتعد من أولى حركات النضال الفلسطيني ضد "الاحتلال الإسرائيلي".
ويقول الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية طلال عوكل، إنّ "حركة فتح تواجه في ذكرى تأسيسها تحديات سياسية صعبة".
ويضيف عوكل في حديثه، أن من أبرز التحديات الماثلة أمام الحركة، ترتيب أوراقها داخليا، ونجاحها في عقد مؤتمرها العام السابع.
وعقدت حركة فتح مؤتمرها السادس في آب/ أغسطس 2008، في مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، وقررت خلاله أن تجعل من مؤتمر الحركة، مؤتمرا دوريا يعقد كل ست سنوات، بعد أن كان يعقد بشكل "غير دوري"، وحسب الظروف السياسية والتنظيمية القائمة على الأرض.
وكان من المفترض أن يعقد
المؤتمر السابع في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لكن الظروف على الساحة السياسية الفلسطينية، أجلت انعقاده، بحسب بيان سابق لحركة فتح.
ويتابع عوكل: "حركة فتح مطالبة بعقد مؤتمرها لترتيب أوراقها على الصعيد الداخلي، وإنهاء التجاذبات السياسية الداخلية، خاصة الخلافات بين الرئيس الفلسطيني
محمود عباس والقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، فالحركة تبدو أمام مفترق طرق وصراع بين تياريْن".
ويسود خلاف حاد بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومحمد دحلان، الذي فُصل من حركة فتح في حزيران/ يونيو عام 2011، ويقيم حاليا في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويرى عوكل، أن قوة حركة فتح الداخلية، من شأنها أن تنعكس على المشهد السياسي الفلسطيني.
واستدرك بالقول: "الرئيس محمود عباس زعيم حركة فتح، هو رئيس السلطة، وبالتالي قوة الحركة داخليا تنعكس على أدائها في جميع الملفات والقضايا".
من جهته يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت برام الله عبد الستار قاسم، أن التحديات أمام حركة فتح كبيرة وصعبة.
ومن أهمها كما يضيف "حركة فتح التي تتزعم السلطة، مطلوب منها داخليا وهي الفصيل الأكبر، أن تسعى إلى ترتيب البيت الداخلي، وإحياء منظمة التحرير وإعادة هيكلتها لتضم الكل الفلسطيني، وعقد جلسة المجلس الوطني، للتوافق على استراتيجية وطنية موحدة، لحل الملفات العالقة كافة".
وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، قد دعت رئاسة المجلس الوطني لعقد جلسة طارئة في أيلول/ سبتمبر 2015، في مدينة رام الله، قبل أن يتم إلغاؤها، بعد أن لاقت معارضة واسعة من قبل فصائل فلسطينية، على رأسها حركتا
حماس والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ويقول المعارضون لعقد الاجتماع، إن الهدف من عقده، هو الإطاحة ببعض أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة، المعارضين للرئيس عباس، وهو ما تنفيه المنظمة، وحركة فتح.
والمجلس الوطني، بمثابة برلمان منظمة التحرير، وقد تأسس عام 1948، ويبلغ عدد أعضائه 740 عضوا، ويضم ممثلين عن الفصائل الفلسطينية (باستثناء حركتي حماس والجهاد الإسلامي)، وأعضاء المجلس التشريعي، وممثلين عن الاتحادات والنقابات، ومستقلين.
ويقول قاسم إن حركة فتح مطالبة بإنهاء حالة التجاذبات السياسية داخل صفوفها، للنهوض بمستقبلها، مستدركا بالقول: "كما أنها مطالبة بالنجاح في تحقيق المصالحة مع حركة حماس، وإنهاء سنوات الانقسام، وتحقيق الشراكة السياسية، لحل جميع الأزمات القائمة، خاصة ما يعترض قطاع غزة".
وتشكلّت حكومة التوافق في الثاني من حزيران/ يونيو 2014، لكنها لم تتسلم مهامها في القطاع، بسبب استمرار الخلافات السياسية بين حركتي فتح وحماس.
وتحتاج حركة فتح، بعد مرور أكثر من 50 عاما، إلى مراجعة فكرية وسياسية شاملة كما يرى مصطفى إبراهيم، المحلل السياسي، والكاتب في بعض الصحف الفلسطينية المحلية.
ويضيف في حديثه: "الشرعية الفلسطينية تقودها حركة فتح، لهذا، فالحركة مطالبة بأن تقدم خطابا وطنيا شاملا، يتناسب مع كونها الحركة التي تقود السلطة، وليست مجرد حزب وفصيل".
ورأى إبراهيم، أن حركة فتح استطاعت أن تقيم علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف والدول، وهو ما وصفه بـ"الأمر الجيد" ولصالح القضية الفلسطينية، غير أنه قال: "التحدي الخارجي أمام حركة فتح، أن يكون برنامجها هو البرنامج الفلسطيني، لا برنامج منظمة التحرير التي تسيطر عليها الحركة".
وأكد إبراهيم، أن حركة فتح مطالبة بإشراك الكل الوطني في القضايا والملفات الهامة، مضيفا: "انضمامها الأخير مثلا إلى التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب، الذي أعلنت المملكة العربية السعودية عن تشكيله، كان من المفترض أن يتم في شأنه مشاورة كل الأطراف والقوى الفلسطينية، نحتاج إلى قرار سياسي موحد على جميع الأصعدة".
وأعلنت السعودية، في 15 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عن تشكيل تحالف عسكري إسلامي من 34 دولة لمحاربة "الإرهاب"، بمشاركة فلسطين.
وقالت الرئاسة الفلسطينية، إن "مشاركة فلسطين في التحالف جاءت بعد مشاورات فلسطينية سعودية، لما في ذلك من أهمية لتحقيق الأمن والاستقرار لشعوب الأمتين العربية والإسلامية".
وفي وقت سابق انتقد زعيم حركة الجهاد الإسلامي، الفلسطينية "رمضان شلح"، انضمام فلسطين إلى التحالف العسكري الإسلامي لـ"محاربة الإرهاب".
وأضاف شلح أن الموقف الفلسطيني الصحيح، يتمثل في عدم الزج، باسم فلسطين، في أي تحالفات إقليمية.
ولأن حركة فتح، من أكبر الفصائل الفلسطينية، وأكثرها تأثيرا كما يقول إبراهيم، يقع عليها العبء الأكبر في ترتيب أوراقها داخليا وخارجيا، والعمل على إحداث انفراجات سياسية في المشهد الفلسطيني، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية.