ذكرت صحيفة "التايمز" في تقرير لها الكيفية التي يتم فيها استغلال اللاجئات السوريات من "خاطبات" يقدمن لعائلات اللاجئات مغريات لا يمكن ردها.
وتقول حانا لوسيندا سميث، من إسطنبول في تركيا، في تقرير للصحيفة: "تختفي الخاطبات في صفحات (فيسبوك) وراء أسماء مستعارة، مثل (الفراشة)، وهن الباحثات عن السوريات العازبات في مخيمات اللاجئين السوريين في جنوب تركيا. مع أن الجميع يعرفونهن، ويعدهن البعض منقذات، فيما ينظر آخرون إليهن بسخط".
وتضيف الكاتبة: "في المدن الحدودية، التي ينتشر فيها اللاجئون في دول الجوار السوري، تبحث خاطبات، مثل (الفراشة)، والوكيلات العاملات معها عن الفتيات العازبات والأرامل والمطلقات، ويقدمن لهن عروضا لا يمكن رفضها".
وتتابع سميث قائلة: "فقد وعدت أمل بالحصول على مبلغ 10 آلاف دولار أمريكي للزواج من رجل سعودي. وتقول عن
الخاطبة: (ظنت أنه من السهل إقناعي لأنني مطلقة). وتستدرك أمل (30 عاما) قائلة: (لكنني رفضت، مع أن الكثيرات يقبلن هذا المبلغ بناء على الوضع الذي يعشن فيه. ونعرف أنه عندما يطلبون
الزواج بهذه الطريقة فهم يسعون إلى الجنس، وهم يستغلون
النساء السوريات والوضع الذي نواجهه".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المستوى السكاني السوري قد تأثر، خاصة أن الـ250 ألف قتيل في
الحرب السورية هم من الرجال، ولكن معظم الذين سافروا إلى أوروبا هن النساء، حيث يشكلن غالبية الـ200 ألف لاجئ سوري. وفي الوقت الذي تستقبل فيه الدول الأوروبية أعدادا كبيرة من طالبي اللجوء السياسي الذكور، فإن مجتمعات اللاجئين في الدول المحيطة بسوريا، بل وفي داخلها، هي من النساء والأطفال. وتتعرض هؤلاء النساء للاستغلال؛ نظرا لعدم وجود من يحميهن، حيث يجبرن على الزواج أو الدعارة.
وتنقل الصحيفة عن الخبيرة في قضايا الأنوثة والأمن فاليري هدسون، قولها: "هناك محاولات افتراس للمرأة؛ لأنها أنثى، خاصة عندما تفتقد الحامي أو القريب. ولهذا السبب فالنساء يتعرضن لضغوط كي يزوجن البنات في أسرع وقت، وهو ما يعني إجبار فتيات صغيرات في العمر على الزواج من رجال متزوجين لأكثر من زوجة. وهو نوع من الاتجار بالجسد، ولكن تحت غطاء (الزواج)، ومن أجل تجاوز الحساسيات الدينية".
وتقول الكاتبة إن ريم (21 عاما) رفضت عرضا لخاطبة بأن تصبح زوجة ثانية لطبيب يعمل في قطر، مستدركة بأن هناك الكثيرات من الفتيات الخائفات من الفشل بالعثور على زوج، وتحولن إلى عبء على عائلاتهن، يقبلن عروضا كهذه. وتقول ريم: "شعرت بالغضب وكنت مستعدة لقتل الخاطبة، ولكن أمي دعمتني، وقالت إنني لا أبحث عن زوج، وهناك الكثير من الفتيات لا يحصلن على دعم كهذا".
ويلفت التقرير إلى أنه في دمشق، التي تعد هادئة وبعيدة عن الحرب، ارتفع مستوى عدم التناسب بين الرجال والنساء، حيث زاد عدد سكان العاصمة بسبب الهجرة إليها من المناطق التي تشهد قتالا. ويقول علاء غندور، الذي حصل على لجوء سياسي في ألمانيا الصيف الماضي: "قبل مغادرتي دمشق، كنت لو قابلت رجلا في عمري لجريت وعانقته"، مشيرا إلى أنه مثل بقية الشباب، هرب من العاصمة خشية تعرضه للاعتقال، أو تجنيده في الخدمة العسكرية.
وتبين الصحيفة أن النظام السوري لبشار الأسد زاد منذ تشرين الأول/ أكتوبر، عمليات التجنيد للخدمة الإجبارية، فعلى الرجال كلهم ممن هم دون سن الأربعين التسجيل والخدمة في الجيش، سواء خدموا من قبل أم لا، وهو ما دفع الشباب للهجرة.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه بغياب الرجال عن المشهد، فإن النساء يقمن بمهام كانت حصرا على الرجال. ووصف رجل من حي الميدان في دمشق دهشته لرؤية نساء يعملن في المخابز، قائلا: "لم نشاهد نساء يعملن في هذه الأعمال في حي محافظ كهذا، والآن لم يبق رجال للقيام بالوظيفة".