نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا، قالت فيه إن عددا من المواطنين الألمان المتحمسين تعهدوا بأن يأخذوا القانون بأيديهم، ليقوموا بتنظيف شوارع مدينة كولون، التي سادها جو مشحون منذ احتفالات رأس السنة، حيث قام عدد من المهاجرين باعتداءات جنسية.
ويشير التقرير إلى أن حوالي 20 رجلا قاموا بالاعتداء على ستة رجال باكستانيين في المدينة ليلة الأحد، بعد تنظيم حملة صيد على "فيسبوك"، بحسب ما قالته الشرطة أمس. كما هاجم ثمانية أشخاص لاجئا سوريا بعد ذلك وفي الليلة ذاتها.
وتكشف الصحيفة عن أن المستشارة الألمانية أنجيلا
ميركل أعلنت عن عدم حضور مؤتمر دافوس الاقتصادي الأسبوع المقبل، لمتابعة ما يحصل في بلدها من أزمة محلية متنامية، التي يقول المنتقدون لها بأنها جاءت نتيجة لسياستها السخية مع اللاجئين. ودعا السياسيون إلى الهدوء، بعد التأكيد بأن المشتبه بهم في
اعتداءات كولون كلهم لهم خلفية لجوء.
ويذكر التقرير أن الشرطة تعرفت على 19 مشتبها به، بينهم عشرة من المقدمين لطلبات لجوء، وتسعة منهم أجانب يقيمون في ألمانيا بشكل غير قانوني، وذلك بعد تلقي الشرطة لـ 516 شكوى، منها 237 جريمة ذات طبيعة جنسية، ضد أشخاص ذكر أن أشكالهم شمال أفريقية أو عربية.
وتورد الصحيفة أنه تبين أن وليد صالحي، الذي قتلته الشرطة الفرنسية بينما كان يهددهم بسكين، ويصيح "الله أكبر"، كان قد اعتقل في 2014 لاعتدائه جنسيا على
نساء في ناد ليلي في كولون، وكان يعيش في مركز لمقدمي طلبات اللجوء، يبعد 60 ميلا شمال كولون، ويعرف الآن بأنه استخدم سبع شخصيات مختلفة.
ويلفت التقرير إلى أن الشرطة في ستوكهولم عادت للتحقيق في اتهامات بالتعتيم على اعتداءات جنسية جماعية ضد فتيات مراهقات، قام بها 50 مهاجرا في احتفال شبابي عام 2014، ومرة أخرى في الاحتفال ذاته في أب/ أغسطس الماضي.
وتنقل الصحيفة عن الشرطة الألمانية قولها إنها اعتقلت لاجئين؛ سوري وأفغاني، بشبهة الهجوم على يهودي فرنسي وسرقته يوم السبت في مرفأ العبارات في بلغراد شمال ألمانيا.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه في فرنسا قام شاب كردي تركي عمره 15 عاما باستخدام خنجر لجرح يد مدرس، بالقرب من مدرسة يهودية في مرسيليا أمس. وقال للشرطة إنه تصرف "بسم الله وباسم تنظيم الدولة". ويغادر اليهود فرنسا بأعداد لم يسبق لها مثيل على مدى الأعوام القليلة الماضية؛ بسبب ما يقولون إنه تنام في معاداة السامية.
وتبين الصحيفة أن مجموعة من المنتمين لـ"بيغيدا"، وهي الحركة المتفرعة عن حركة بيغيدا "المعادية للإسلام"، في مدينة ليبزيغ شرق ألمانيا، قاموا بالتظاهر احتجاجا على الجرائم التي ارتكبها
اللاجئون في عدة مدن ليلة رأس السنة. مشيرة إلى أن المتظاهرين حملوا الأعلام الألمانية واللوحات التي تحمل صورة ميركل، وقد ألبسوها حجابا، واستمعوا إلى خطباء يقولون لهم إن هجمات كولون ليست سوى بداية "الجهاد الجنسي".
وينقل التقرير عن مرشح "بيغيدا" لمنصب عمدة ليبزيغ، الذي لم يفز، تاتجينا فيسترلنغ، قوله: "أعلنت العصابات الإسلامية الحرب علينا في الوقت ذاته في كل من كولون وهامبورغ وشتوتغارت وبيلفيلد ومدن أخرى. ويجب علينا عدم غض الطرف عن هذه الهجمات، التي هي مجرد بدايات للجهاد الجنسي ضد النساء، على أنها حالة معزولة، لا بل إن المزيد قادم، ولم تكن تلك إلا البداية".
وتجد الصحيفة أن خروج ألفي شخص إلى ثلاثة آلاف في التظاهرة هو أقل بكثير من حجم مظاهرات العام الماضي، التي قامت بها "بيغيدا" في دريزدن، وتم إبقاؤهم على مسافة من المئات من الأشخاص المناهضين للفاشية بوجود مكثف للشرطة.
وينوه التقرير إلى أن الوزراء في أنحاء البلاد دعوا إلى الهدوء، وحذروا المواطنين الألمان من أخذ القانون بأيديهم، فقال وزير العدل هيكو ماس: "بالرغم من بشاعة الجرائم التي ارتكبت في كولون وغيرها من المدن، فهناك أمر واضح: ليس هناك مبرر للتحريض العام ضد الأجانب".
وقال وزير الداخلية في شمال الراين- ويستفاليا في جلسة للجنة الحكومية بأنه تمت تنحية رئيس شرطة كولون ولفانغ ألبرز؛ لفشل الشرطة في حماية النساء، ولمحاولة تعتيمهم على أن لاجئين تورطوا في تلك الجرائم.
وبحسب الصحيفة، فقد حذر السياسيون المحافظون من مخاطر إدخال اللاجئين إلى ألمانيا، وقال كارستن لينمان، وهو عضو برلمان من حزب الديمقراطيين المسيحيين، الذي تقوده ميركل: "إذا استمر التدفق، فإن الاندماج لن ينجح، فإذا أدخلنا 800 ألف أو مليون شخص آخرين هذا العام، فلن نستطيع فعل ذلك"، وذلك ردا على تعبير ميركل: "نستطيع فعل ذلك".
ويذكر التقرير أن صحيفتين ألمانيتين رائدتين اتهمتا باستخدام صور عنصرية لتصوير الأحداث في كولون، واعتذرت صحيفة "سودويتش"، وهي صحيفة ليبرالية عن تصوير الحدث بنشر رسم تبدو فيه يد سمراء تمتد بين فخذي امرأة بيضاء في مقال لعالم نفس ادعى أن أي لقاء لشاب مسلم مع امرأة يعد لقاء له طابع جنسي.
وتستدرك الصحيفة بأن مجلة "Focus" المحافظة دافعت عن استخدامها صورة على الغلاف فيها امرأة بيضاء عارية وعليها بصمات يد سمراء قائلة إنها أرادت "أن تعكس ما حدث في كولون على شكل صورة". وأضاف متحدث باسم المجلة: "ما عرضناه يمثل الضحايا الإناث على شكل امرأة عوملت على أنها كائن جنسي، وأهينت، ولكنها ستقاوم".
ويورد التقرير نقلا عن رئيس تحرير المجلة ألريتش ريتس قوله إن أي شخص سمى ذلك عنصرية أو تمييز ضد النساء فهو شخص "يخاف من الحقيقة".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن البابا حث الحكومات الأوروبية على الاستمرار في استقبال اللاجئين، مع تقديره للقلق الأمني المتعلق بذلك. وقال إن حجم التدفق يسبب مشكلات لا بد منها، وإن "المخاوف الأمنية تزايدت مع تنامي مخاطر الإرهاب الدولي". ولكنه دعا الزعماء الأوروبيين إلى ألا يخسروا "القيم والمبادئ الإنسانية، مهما أثبتت هذه المهمة صعوبتها في بعض المراحل".