قال رئيس الجهاز
المركزي للمحاسبات (أكبر هيئة رقابية بمصر)، المستشار
هشام جنينة، إنه وكامل أعضاء اللجنة المشكلة من الجهاز، يحتفظون بحق الرد على كل نقطة، وردت في تقرير "
لجنة تقصي الحقائق"، (التي شكلها رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي)، حول تصريحاته بأن قيمة الفساد والأموال المهدرة على الدولة بلغت 600 مليار جنيه منذ قدومه لمنصبه رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات.
وأضاف هشام جنينة، في أول رد على تقرير اللجنة، الذي أعلنته الثلاثاء، أنه سوف يقوم بإعداد رد واف حول هذه النقاط، وإعلانها على الرأي العام، عقب انتهاء الدولة من الاحتفالات الخاصة بعيد الشرطة، وثورة 25 يناير.
واستطرد جنينة في تصريحات نقلتها "بوابة الأهرام"، أن تقرير اللجنة الخاصة بضياع 600 مليار على الدولة تم إرساله إلى الجهات المعنية، وذلك قبل تشكيل لجنة تقصي الحقائق، وأنهم لم يتلقوا ردا بشأنه.
واختتم جنينة تصريحاته بالقول: "سوف نرسل الرد المفصل على تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى البرلمان، وكل الجهات المعنية، مشددا على أن الجهاز أحرص ما يكون على الدولة، وأموالها"، وفق وصفه.
محامي جنينة: المهاجمون أبواق مأجورة
من جهته، استنكر محامي جنينة، علي طه، الهجوم الذي يتعرض له موكله، ووصفه بـ"الإخواني"، و"المتخابر"، جراء كشفه حقيقة الفساد في مؤسسات الدولة.
واتهم طه في مداخلة هاتفية مع برنامج "90 دقيقة"، على قناة المحور الاثنين، مهاجمي "جنينة" بأن هدفهم الأساسي حماية الفساد، وأنهم كلهم أبواق مأجورة لخدمة لوبي الفساد.
وأضاف طه أن خروج المستشار جنينة بتصريحات عن تقارير فساد لا يوجد به أي مخالفة للقانون، والدستور، متسائلا: "من صاحب المصلحة في الهجوم على جنينة؟".
وكان رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات أعلن في تصريحات صحفية أن حجم الفساد في الجهاز الإداري للدولة خلال عام 2015 وصل إلى 600 مليار جنيه (نحو ثمانين مليار دولار)، ما أثار ردود أفعال واسعة في الشارع المصري، وشكل السيسي على أثرها لجنة لتقصي الحقائق حول حجم الفساد، برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية، المستشار محمد عرفان.
رسالة إلى السيسي
وحذر رئيس نادي المحاسبات، إبراهيم يسري، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، رسالة قال فيها: "إذا نفت لجنة تقصي الحقائق وجود فساد في الجهاز الإداري، فقل على أموال الدولة يا رحمن يا رحيم، والبقاء لله فيها"، مؤكدا أنه "سيتم قتل كل أمل لأعضاء الجهاز حال ممارسة عملهم الرقابي، وسينعدم الدافع لديهم في ذلك، ولن تقوم للجهاز قائمة بعد ذلك".
ووجه يسري رسالة للسيسي قائلا: "إن الفساد قاتل لكل خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تنشدها، وقاتل للديمقراطية، وقاتل لكل أمل للشباب ومفجر الثورات من الشعوب التي لا ترضى بالظلم، ولا بالفساد".
وأضاف: "كنا ننتظر أن يتم القضاء على الفساد بسيف العدل والعمل بما رسمه الشعب المصري بالدستور لمكافحة الفساد، ولم نكن لننتظر التلويح بسيف العزل لرئيس الجهاز الأعلى للرقابة في مصر، ونحن هنا ندافع عن مؤسسة عريقة، وليس عن أشخاص زائلين".
ملخص تقرير لجنة السيسي
ومن جانبها، أعلنت لجنة السيسي لتقصي الحقائق، في تقريرها، الثلاثاء، أن رئيس جهاز المحاسبات، اعترف بأن رقم الـ 600 مليار جنيه، الذي ذكره في تصريحاته لا يخص عام 2015 فقط، وإنما يخص أربع سنوات، بداية من 2012 حتى 2015، وهي المعلومة التي لم يشر إليها جنينة بشكل واضح في تصريحاته بادئ الأمر.
وادعت اللجنة أن تصريحات "جنينة" اتسمت بالتضليل والتضخيم وفقدان المصداقية والإغفال المتعمد وإساءة توظيف الأرقام والسياسات، وإساءة استخدام كلمة الفساد، قائلة: "إن المحاسبة واجبة".
وأضافت أن هناك وقائع فساد لم تحدث فقط منذ أربع سنوات، بل منذ "عشرات السنوات"، كواقعة التعدي على أراضي الأوقاف منذ عشرينيات القرن الماضي، ومخالفات مبان بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منذ عام 1979".
وفند التقرير ما قال إنها وقائع الفساد التي أشار إليها جنينة، وخلص إلى أن مبلغ 174 مليار جنيه التي تمثل تعديات بمدينة "السادات"، كأموال مهدرة على الدولة، تم احتسابها برغم إثبات إزالتها في 2015، وفق التقرير.
السيسي يحيل التقرير للبرلمان
والأمر هكذا، قرر السيسي إرسال تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى رئيس مجلس النواب.
وذكرت تقارير صحفية أن السيسي وافق كذلك على تكليف اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس الوزراء، التي تضم الجهات المعنية، بمراجعة البنود التي شملتها الدراسة محل الفحص، والتأكد من اتخاذ الإجراءات القانونية في كل واقعة.
الزند: تقرير للبرلمان
من جهته، قال وزير العدل، المستشار أحمد الزند، خلال زيارته لمحافظة الدقهلية، الثلاثاء، لافتتاح محكمة "الأمديد الجزئية"، إن ما جاء على لسان المستشار هشام جنينة، (بخصوص 600 مليار جنيه حجم الفساد) غير صحيح، وعار من الصحة.
وأضاف الزند، في تصريحات صحفية، أن كل مصري مسؤول عن هذه الأموال، وأن لجنة تقصي الحقائق ذكرت أن كثيرا من الأرقام غير صحيحة، وأن حجم الفساد ليس كما قدره "جنينة" بـ600 مليار جنيه.
وكشف الزند أنه تم عمل تقرير لعرضه على مجلس النواب بناء على تعليمات "الرئيس عبد الفتاح السيسي".
ويذكر أن للزند خصومة شخصية مع "جنينة"، إذ رفض إخضاع "نادي القضاة"، وقت أن كان رئيسا له، لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.
"جنينة" غير قابل للعزل
من جهته، أكد الفقيه الدستوري، عصام الإسلامبولي، أنه وفقا للقانون والدستور ينبغي عرض تقرير لجنة تقصي الحقائق على الرئيس أولا ثم البرلمان، موضحا أن البرلمان سيصدر أحد أمرين: إما تشكيل لجنة تقصي حقائق أخرى حول التقرير للتأكد من حقيقة الوقائع المذكورة فيه، أو إصدار توصية بشأنه.
وتابع أن البرلمان لا يمتلك سلطة إصدار القرارات للجهات المستقلة والتابعة لرئيس الجمهورية أي أنه غير قادر على إقالة المستشار هشام جنينة من منصبه، وفقا للمادة رقم "216" بالدستور، والمادة رقم "20" في قانون الجهاز المركزي للمحاسبات.
تأجيل دعوى عزل "جنينة"
إلى ذلك، قررت محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة تأجيل دعوى عزل المستشار هشام جنينة، إلى جلسة 19 كانون الثاني/يناير الجاري، لضم تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها السيسي بتاريخ 26 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وقالت الدعوى إن "جنينة" ارتكب جريمة في حق الشعب المصري بإذاعة أخبار كاذبة أثارت البلبلة في أوساط المجتمع المصري، بعد إعلانه أن حجم الفساد وصل في عام 2015 إلى ما يتجاوز 600 مليار جنيه دون أن يتقدم بدليل أو مخالفة مالية واضحة في التصريحات التي أدلى بها، وهو ما أدى إلى إحجام رؤوس الأموال الأجنبية عن الدخول في السوق المصرية.
وأشارت الدعوى إلى أن الموازنة العامة للدولة تفيد بأن حجم ميزانية الدولة المصرية خلال العام الماضي بلغ 622 مليار جنيه، منها 218 مليار جنيه رواتب، و247 مليار تسدد كفوائد للقروض، والباقي للتعليم والصحة والإسكان والمرافق، وبالتالي هناك استحالة لوجود مثل هذا الرقم.
والأمر هكذا، طالبت الدعوى بإصدار قرار بإعفاء جنينة من منصبه، استنادا إلى القانون رقم 89 لسنة 2015 الخاص برؤساء وأعضاء الأجهزة الرقابية في مصر، الذي يجيز لرئيس الجمهورية إعفاء أي رئيس أو عضو في تلك الأجهزة حال إخلاله بواجبات وظيفته، وإضراره بالمصالح العليا للبلاد، وتضليل الشعب، والإساءة لسمعة مصر، وفق الدعوى.