صحافة دولية

ميدل إيست آي: رأي في مقترحات كاميرون "الأمية" لمكافحة التطرف

ميدل إيست آي: كاميرون تعمد الخلط بين عدم معرفة اللغة الإنجليزية وانعزال المسلمين مع التطرف - أ ف ب
ميدل إيست آي: كاميرون تعمد الخلط بين عدم معرفة اللغة الإنجليزية وانعزال المسلمين مع التطرف - أ ف ب
نشر موقع "ميدل إيست آي" في لندن رسالة مفتوحة من الصحافي المسلم الدكتور نفيز أحمد، موجهة إلى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ينتقد فيها مقترحات كاميرون لمكافحة التطرف.

يبدأ أحمد رسالته بالقول: "يؤسفني أنني أكتب لك ثانية حول مكافحة التطرف، ولكن هذه المرة فيما يتعلق بخلطك الغريب بين صعوبة تحدث اللغة الإنجليزية مع تهديد التطرف الإسلامي".

ويشير الكاتب إلى مقال رئيس الوزراء في صحيفة "التايمز"، الذي تحدث فيه عن فصل الجنسين، وعن معاملة النساء كونهن مواطنات من الدرجة الثانية، وعن زواج الإكراه، وعن ختان الإناث، ويعلق قائلا بأن رئيس الوزراء أشار إلى بعض المشكلات الحقيقية، ويجدر الثناء على الحكومة، إن كانت ستقوم بمعالجة هذه المشكلات في المجتمع المسلم وخارجه، ولكن افتراض أن هذه المشكلات كلها جزء من سلسلة متجانسة، ويمكن التعامل معها بحجر كبير واحد، يقتل الكثير من الطيور مرة واحدة، ينم عن جهل.   

وينتقد أحمد كاميرون لتلاعبه بالأرقام، حيث ادعى كاميرون بأن حوالي 190 ألف مسلمة بريطانية، أو حوالي 22%، لا يتحدثن اللغة الإنجليزية، أو لا يتحدثن إلا القليل، بالرغم من وجودهن لعقود في هذا البلد. 

ويقول الكاتب إنه اتصل بالمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء للسؤال عن مصدر الأرقام التي استخدمها كاميرون، فأعطوه رابطا، حيث الأرقام من إحصاءات السكان. ويقول أحمد لرئيس الوزراء إن الأرقام التي استخدمها أهملت البنات أقل من سن 15 عاما، وهذا عادي، ولكنه يسأله لماذا أدخل النساء فوق سن 65 عاما. ويعلق على ذلك قائلا إن استثناء البنات تحت سن 15 عاما أمر معقول؛ لأنهن أصغر من أن يكون لهن أثر في تربية الأطفال، ولكن وبالمنطق ذاته كان يجب استثناء النساء من سن 65 فما فوق، حيث أنهن تجاوزن سن التقاعد، وفي الغالب هن جدات، وعدم استثنائهن يرفع الرقم. 

ويجد الكاتب أن عدد النساء المسلمات اللواتي لا يتحدثن اللغة الإنجليزية بطلاقة من سن 16 عاما إلى سن 64 عاما هو حوالي 132 ألفا. أما من لا يعرفن اللغة الإنجليزية تماما في الفئة العمرية ذاتها فعددهن أقل من 23 ألفا، أي أن حوالي 155 ألفا لا يتكلمن اللغة الإنجليزية، أو لا يتكلمنها بشكل جيد، ما يجعل الرقم الذي أعطاه رئيس الوزراء مضخما بحوالي 40 ألفا.

ويوجه أحمد سؤالا لكاميرون، وهو لماذا اختار رئيس الوزراء أن يغض الطرف عن حقيقة أن مشكلة الأمية ليست خاصة بالمسلمين ولا حتى بالمهاجرين، ولكنها مشكلة بريطانية بامتياز، والمسؤول عنها بشكل مباشر حكومة كاميرون؟ ويقول لو نظرنا إلى مشكلة اللغة الإنجليزية في المجتمع البريطاني لتبين لنا أن مشكلة اللغة بين المسلمين مشكلة بسيطة بالمقارنة مع غيرهم.

ويقول الكاتب في هجوم حاد على رئيس الوزراء: "إن هناك أزمة أمية في المملكة المتحدة، ولا علاقة لذلك بكون الشخص مسلما، كما حاولت أن تدعي ذلك مستخدما إحصائيات مزورة، ما يشكك في إمكانياتك في القراءة والكتابة والحساب، ويدفع إلى تساؤلات حول إمكانيات أعضاء حكومتك (ناهيك عن موظفي الحكومة وحتى محرري صحيفة التايمز)".  

ويشير أحمد في رسالته، التي ترجمتها "عربي21"، إلى ما قالته المؤسسة الوطنية لمحو الأمية من أن "16% أو 5.2 مليون بالغ في إنجلترا يمكن وصفهم بأنهم (أميون وظيفيا). ولا يمكنهم النجاح في امتحان اللغة الإنجليزية لمستوى الثانوية، ومستوى قراءتهم وكتابتهم بالمستوى المتوقع من الأطفال في سن 11 عاما أو أقل، ولن يكون الكثير من مجالات التوظيف مفتوحا لهم بهذا المستوى من القراءة والكتابة، وقد يواجهون مصاعب في مساعدة أبنائهم في البيت في القراءة والوظائف البيتية، أو القيام بالواجبات اليومية.  

ويبين الكاتب أن "من هؤلاء حوالي 5% أو 1.7 مليون بالغ في إنجلترا مستواهم أقل من مستوى طفل في سن 11 عاما. وبما أن الأرقام تظهر أن 9.5% ممن يوصفون بأنهم (أميون وظيفيا) هم من المسلمين، فإنه في تقديري تكون نسبة النساء هي 4.5%".

ويضيف أحمد أنه "بناء على هذه الأرقام التي تقدمت، وإن كان موضوع الأمية يقلق رئيس الوزراء حقيقة، فعليه أن يفكر أيضا بالنسبة العالية من الأمية بين البريطانيين من غير المسلمين".

وينتقد الكاتب بشدة قول كاميرون بأن "هناك أيضا رابطا مهما للتطرف. ولا أقول الانعزال أو الممارسات الدينية المحافظة تسبب التطرف بشكل مباشر؛ لأن ذلك ستكون فيه إهانة للكثير من المتدينين، الذين يحبون السلام، ولكنها قد تساعد الشباب في الانجراف نحو التطرف".

ويلفت أحمد إلى أن "ادعاء رئيس الوزراء أعلاه بأن الممارسات الدينية قد تؤدي بالشباب إلى التطرف لا دليل علميا عليه، بل إن الأدلة هي عكس ذلك، فإن الدراسات تثبت بأن المسلمين المتدينين هم أكثر مناعة ضد الوقوع فريسة للأفكار المتطرفة".

ويستدرك الكاتب بأن المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية، مارك سيغمان، وعالم الانثروبولوجي سكوت أتران، اللذين قاما بدراسة لخلفيات الجهاديين، أظهرت بأن غالبيتهم ينحدرون من بيوت علمانية.

ويستشهد أحمد بما قاله الأستاذ المتخصص بالعنف السياسي في جامعة هولوي الملكية عقيل عون، حيث يقول: "أولئك الذين ينجذبون إلى الجهادية هم في العادة ليسوا متدينين قبل تورطهم في العنف، فهم إما أن يكونوا قد نشأوا في بيوت علمانية بشكل كبير، أو أنهم لا يملكون سوى معرفة سطحية حول ديانة آبائهم، الذين لا يطبقون الدين بأي شكل".

ويسوق الكاتب ما تقوله الخبيرة في الإرهاب في جامعة كيرتن في أستراليا البروفيسورة آني علي، حيث تشير إلى عدم وجود دور يذكر للدين في عملية التحول للتطرف.

ويتهم أحمد كاميرون قائلا بأن تعمد الخلط بين عدم معرفة اللغة الإنجليزية وانعزال المسلمين عن بقية المجتمع مع التطرف، ليست إلا محاولة لتسويق حزبه للناخبين، الذين يتحولون بشكل متنام إلى اليمين المتطرف، الذي يثير المخاوف من الآخر.

ويتهم الكاتب كاميرون بأنه يحاول حتى التفوق على ترامب، عندما يهدد النساء المسلمات بأن عليهن تحسين لغتهن، أو لن يسمح لهن بالبقاء في بريطانيا. ويقول له: "ما فعلته يا رئيس الوزراء هو أنك أسأت استخدام موقعك وسلطتك لبث صورة كاذبة وسخيفة عن جماعات من المسلمات المهاجرات تغزو البلاد ليلدن أطفالا قابلين لأن يصبحوا جهاديين".

ويورد أحمد أنه لا ينكر أهمية التعامل مع الأمية بين المهاجرين المسلمين، ولكنه يذكر أيضا بأن هناك حاجة لمعالجة الأمية بين أهل البلد الأصليين، الذين عادة ما يتوجهون لدعم الأحزاب اليمينية المتطرفة.

ويختم الكاتب تقريره بالقول إنه يتفهم حال كاميرون الذي يضطره لاستخدام موضوع حساس كهذا، في محاولة لشراء بعض المصداقية في وقت يغضب فيه الشعب بسبب انهيار خدمات الصحة والسكن والخدمات الاجتماعية بسبب ضغط برنامج شد أحزمة "أمية اقتصاديا".  
التعليقات (0)